السوداني يعرض المساعدة على برزاني في تشكيل حكومة كردستان الجديدة

بغداد - دعا رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني اليوم الاربعاء إلى ضرورة تشكيل الحكومة الجديدة في إقليم كردستان واستعداد الحكومة الاتحادية لتقديم المساعدة في هذا الملف.
وكان السوداني قد وصل في وقت سابق من صباح الأربعاء الى مدينة اربيل عاصمة إقليم كردستان، وكان في استقباله رئيس حكومة الإقليم مسرور برزاني.
وفور وصوله، عقد الجانبان اجتماعا، استهله السوداني بتقديم التهاني لرئيس حكومة الإقليم بنجاح انتخابات برلمان كردستان، مشددا على "ضرورة الحفاظ على الاستقرار السياسي في الإقليم كونه جزء أساسي من ركائز الاستقرار في بغداد وعموم العراق الى جانب أهمية استمرار مستويات التعاون الحالي بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية على المستوى الوطني". حسب بيان للحكومة العراقية.
وذكر البيان أن الجانبين بحثا الملفات المشتركة بين الحكومة الاتحادية والإقليم، وفي مقدمتها جهود استئناف تصدير النفط من الإقليم، والتأكيد على أهمية تنظيمها بما يحقق تطلعات المواطنين في عموم البلاد، إضافة الى أهمية تطبيق قرار المحكمة الاتحادية في ما يتعلق برواتب الموظفين الحكوميين في الإقليم.
ويعترض طريق تشكيل حكومة الإقليم صعوبات كثيرة بسبب الخلافات العميقة بين الحزبين الرئيسيين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، حيث يسعى الأخير إلى وضع حد ما أسماه "باحتكار" الديمقراطيين للقرار السياسي، ويطالب بأحد المناصب الرئيسة مثل رئيس الحكومة أو الإقليم، في المقابل، فإن الحزب الديمقراطي الكردستاني الفائز في انتخابات برلمان يتمسّك بوحدة الإقليم ومؤسسات الحكم الذاتي ضمن الدولة الاتّحادية العراقيةّ. ووضع رئيس الحزب مسعود بارزاني قاعدة "إقليم واحد، برلمان واحد، حكومة واحدة، وقوات بيشمركة موحدة"، أساسا لتشكيل الحكومة الجديدة.
وقال القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني وفا محمد، في تصريح إعلامي إن "تشكيل حكومة إقليم كردستان قد يتأخر، لأن بعض الأحزاب اتخذت جانب المعارضة، وأحزاب أخرى طالبت بمناصب تفوق استحقاقاتها الانتخابية".
وأوضح محمد "أنهم بانتظار نتائج الطعون المتعلقة بانتخابات برلمانِ الإقليم"، مبيناً أن "الحزبَ الديمقراطي الكردستانيَ شكّلَ لجنةً تفاوضيةً للتباحُثِ مع الأطراف السياسية لتشكيل حكومةٍ قويةٍ تركزُ على الجانب الاقتصادي والمالي".
وأشار إلى "إمكانية التحالُفِ مع الاتحاد الوطني الكردستاني، رافضا أي شروط مسبقة قبل بدء المفاوضات"، فيما شدد على ضرورة أن "تتحمّل جميع الأطراف المشاركةِ مسؤولياتها".
ويسعى الاتحاد الوطني الكردستاني إلى تعطيل مسار تشكيل الحكومة الجديدة، ووضع المزيد من الضغوط على الحزب الديمقراطي الكردستاني لإجباره على تقديم التنازلات في الحقائب الوزارية.
ولم يتردد الاتحاد الوطني بقيادة بافل جلال طالباني بالتلويح بسلاح التعطيل، وذلك على لسان القيادي غياث سورجي الذي قال لوسائل إعلام محلية إنه في حال "لم يلب الديمقراطي الكردستاني شروط الاتحاد الوطني لن تشكل حكومة كردستان المقبلة أبدا، وسوف تبقى فقط حكومة تصريف أعمال".
وأمام هذا المشهد المعقد لتشكيل حكومة كردستان، يسعى رئيس الحكومة الاتّحادية إلى استخدام العديد من الأوراق السياسية والاقتصادية والمالية المؤثرة في أوضاع الإقليم في تعديل مواقف فرقائه.
ويجد السوداني المهتمّ بتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للعراق والحفاظ على استقراره، نفسه أكثر توافقا في هذا المجال مع الحزب الديمقراطي بقيادة مسعود بارزني والذي يتّبع خطّا سياسيا معتدلا ونجح في نسج علاقات تعاون واسعة مع تركيا المجاورة تشمل المجال الأمني المتمثّل في مواجهة حزب العمال الكردستاني والحدّ من نشاطه المسلّح من داخل الأراضي العراقية والموجّه ضدّ الدولة التركية من داخل الأراضي العراقية.
ويرغب رئيس الوزراء العراقي بنفس القدر في الحفاظ على العلاقات مع تركيا والعمل على تنميتها وتطويرها لما تنطوي عليه من مصالح حيوية للعراق في مجال التعاون الاقتصادي وإيجاد حلول لمشكلة المياه الشائكة.
وأصبح مشروع طريق التنمية الذي توافق العراق على إنشائه مع كلّ من تركيا والإمارات وقطر ليربط مياه الخليج بالأراضي التركية عبر الأراضي العراقية بمثابة العمود الفقري للسياسة التنموية لحكومة السوداني.
وتمرّ استدامة العلاقات مع تركيا وإنجاح المشاريع المشتركة معها حتما عبر استقرار إقليم كردستان أمنيا واقتصاديا واجتماعيا، وكلّها عوامل مرتبطة باستقراره السياسي الذي لا يحتمل أي فراغ في السلطة ويتطلب الإسراع بتشكيل حكومة للإقليم في أقرب الآجال الممكنة.
وأظهرت النتائج الأولية للانتخابات التي جرت، في 20 أكتوبر الماضي، حصول الحزب الديمقراطي على 39 مقعدا، والاتحاد الوطني على 23 مقعدا، والجيل الجديد على 15 مقعدا، والاتحاد الإسلامي على 7 مقاعد، وتيار الموقف الوطني على 4 مقاعد، وجماعة العدل على 3 مقاعد، وجبهة الشعب على مقعدين، وحركة التغيير وتحالف إقليم كردستان على مقعد لكل منهما.
وتأجلت الانتخابات التشريعية في إقليم كردستان أربع مرات منذ قرابة عامين بسبب الخلافات السياسية إذ كان من المزمع إجراؤها في العام 2022.
وكانت القيادية في الاتحاد الوطني الكردستاني، آلا طالباني كشفت في 24 أكتوبر الماضي، عن دخول الإطار التنسيقي الحاكم في البلاد، على خط تشكيل حكومة كردستان، من خلال إقناع الحزبين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني بالتحالف مجددا.
ويتقاسم الحزبان الكرديان الحاكمان، النفوذ في مدن الإقليم، فالديمقراطي يسيطر على محافظتي أربيل ودهوك، فيما يسيطر الاتحاد الوطني على محافظتي السليمانية وحلبجة، كما أن الحزبين يتقاسمان النفوذ في أغلب المناصب الأمنية والاقتصادية، حيث يمتلك الحزب الديمقراطي جهاز آسايش وقوات بيشمركة خاصة به، ومثله الاتحاد الوطني.
ويشار إلى أن الاتحاد الوطني، المدعوم من الإطار التنسيقي الشيعي، حصل على مناصب مهمة في كركوك ونينوى، بينها منصب محافظ كركوك، فيما يتمتع الحزب الديمقراطي، بالكثير من النفوذ في المناطق المتنازع عليها خارج الإقليم.
ويذكر أن العمل في برلمان الإقليم قد تعطل منذ عامين بقرار من المحكمة الاتحادية في بغداد، وذلك لعدم التمكن من إجراء الانتخابات بسبب خلافات بين القوى الكردية.
ويعتبر الحزب الديمقراطي، القوة الأكبر داخل الإقليم الكردي، وهو الذي يتصدر المشهد الانتخابي باستمرار، وحصل في آخر انتخابات لبرلمان الإقليم، أجريت في سبتمبر عام 2018، على 45 مقعدا، فيما لم يحصل الاتحاد الوطني على نصف عدد مقاعد الديمقراطي، واكتفى بـ21 مقعدا.
ووفقا لبيان مكتب السوداني فقد، جرى التطرق الى الاستعدادات الخاصة بإجراء التعداد السكّاني، وضرورة بذل أقصى جهد من أجل ضمان إتمامه بنجاح، خصوصاً بعد حسم الجوانب الفنية مع هيئة الإحصاء في اقليم كردستان العراق، لما يمثله هذا الأمر من أهمية في دعم خطوات التنمية والتخطيط في كل القطاعات المساهمة في ارتقاء وتقدم العراق.
و"استعرض اللقاء تطورات الوضع الإقليمي، خصوصا مع إصرار قوات الاحتلال الصهيوني على توسعة نطاق الحرب، إذ جرى التأكيد على ضرورة تنسيق المواقف، بما يحفظ أمن وسيادة البلد." وفق البيان.
وذكر حكومة اقليم كردستان في بيان، ان اجتماع مسرور بارزاني والسوداني تضمن بحث الملفات المشتركة ومسار العلاقة بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية، ولا سيّما القضايا الخلافية العالقة، ومنها مسألة الرواتب، وحصة إقليم كردستان في الموازنة العامة الاتحادية، وملف استئناف تصدير النفط، بالإضافة إلى مناقشة التحضيرات الجارية للتعداد العام للسكان.
وفيما يتعلق بمسألة الرواتب، أكد رئيس حكومة إقليم كردستان على ضرورة إبعاد مسألة صرف رواتب الإقليم عن أي خلافات أو تجاذبات سياسية، وذلك على ضوء قرار المحكمة الاتحادية العليا بشأن رواتب المتقاضين في الإقليم أسوة بباقي مناطق العراق.
وبشأن استئناف تصدير نفط إقليم كردستان، جرى التأكيد على ضرورة استئناف عملية التصدير بأقرب وقت، وكذلك العمل على تذليل المعوقات والإشكالات التي تعترض العملية، بما يحقق تطلعات جميع المواطنين في إقليم كوردستان وعموم العراق.
وبخصوص التعداد العام للسكان في العراق، أكد الاجتماع على ضرورة بذل أقصى جهد من أجل ضمان إتمامه بنجاح، لما يمثله من أهمية في دعم خطوات التنمية والتخطيط في المجالات كافة، مع التشديد على أن تُؤخذ ملاحظات إقليم كوردستان بنظر الاعتبار في هذا الشأن.
ومن المقرر أن يجتمع السوداني في أربيل بزعيم الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني ورئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، قبل أن يتحول إلى مدينة السليمانية للقاء مسؤولي حزب الاتحاد الوطني الكردستاني والمحافظة.