أعين إيرانية تتابع بقلق الانتخابات الأميركية

الإيرانيون منقسمون حول هوية المرشح الذي سيكون أفضل لبلدهم إن وُجد من تتوفّر فيه هذه الصفة.
الجمعة 2024/11/01
شعب رهين حسابات خاطئة

طهران - يتزامن احتفال إيران بالذكرى الخامسة والأربعين لأزمة رهائن السفارة الأميركية عام 1979 مع الانتخابات الرئاسية الأميركية المقرر إجراؤها الأسبوع المقبل. وتبدو التوترات بين طهران وواشنطن اليوم كما كانت خلال تلك الفترة.

ولا تزال طهران عالقة مع وكلائها في حروب الشرق الأوسط، حيث تواصل إسرائيل حربها في غزة مستهدفة حركة حماس، وتشن هجمات مدمرة ضد حزب الله في لبنان، فيما لا تزال إيران تقيّم أضرار الضربات الإسرائيلية على أراضيها السبت الماضي، والتي جاءت ردا على هجومين صاروخيين لطهران.

وتتأرجح العملة الإيرانية (الريال) في مستويات قياسية متدنية مقابل الدولار. وقد تأثرت طهران بالعقوبات الدولية المسلطة عليها بسبب تخصيب اليورانيوم لمستوى عالٍ يقترب إلى مستويات صنع الأسلحة.

ولا تزال النساء في الأماكن العامة يتحدين علنا القانون الإيراني الإلزامي بشأن الحجاب. ويرجع ذلك للمظاهرات الحاشدة بسبب وفاة مهسا أميني في العام 2022، حيث لا يزال شبح الاحتجاجات قائما في الجمهورية الإسلامية.

وقد ترك ذلك شعورا بالغبن بين الكثيرين في شوارع العاصمة طهران، بينما يدلى الأميركيون بأصواتهم إما لصالح كامالا هاريس نائبة الرئيس الحالي، أو الرئيس السابق دونالد ترامب.

وينقسم الكثير من الإيرانيين حول هوية المرشح الذي سيكون أفضل لبلدهم، إن وُجد من تتوفّر فيه هذه الصفة على أيّ حال. ورصدت وكالة “أسوشييتد برس” آراء عدد منهم. وقال صادق رباني البالغ من العمر 65 عاما إن “لجميع الرؤساء الأميركيين المنتخبين بعد ثورة (1979) نفس الآراء بشأن إيران. ولا أتوقع أن يتغير هذا”.

حذر إيراني

عبّر المرشحان الرئيسيان خلال الحملة الانتخابية الجارية في أميركا عن مواقف صارمة تجاه إيران. وكان ترامب سحب في العام 2018 من جانب واحد اتفاقا مع طهران بشأن ملفها النووي. ونتج عن هذا سنوات من التوترات في أنحاء من الشرق الأوسط حتى قبل هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 على إسرائيل.

واطلع ترامب على ما قيل إنها مؤامرات تحاك من إيران للانتقام منه، وعلى قراره بشن غارة بطائرة مسيرة في العام 2020 تسببت في مقتل الجنرال الإيراني البارز قائد فيلق القدس قاسم سليماني في بغداد.

من جهتها تعهدت هاريس في المناظرة الرئاسية في سبتمبر بأنها “ستمنح إسرائيل القدرة على الدفاع عن نفسها على الدوام، وخاصة في ما يتعلق بإيران وأيّ تهديد تشكله هي ووكلاؤها” على الدولة العبرية.

فاطمة مهاجراني: طهران تريد أن ترى تغييرا في السياسات الأميركية
فاطمة مهاجراني: طهران تريد أن ترى تغييرا في السياسات الأميركية

وحاولت إدارة جو بايدن إجراء مفاوضات غير مباشرة مع إيران حول برنامجها النووي. لكنها لم تحقق أيّ نتائج ملموسة، رغم أنها توصلت إلى صفقة تبادل أسرى شهدت إطلاق سراح خمسة أميركيين محتجزين لسنوات في إيران في سبتمبر 2023.

وقالت زهرة رضائي البالغة من العمر 22 عاما، بينما كانت تجلس في مقهى في الهواء الطلق يحظى بشعبية بين الشباب وسط طهران، إنها تفضل فوز هاريس. وأضافت رضائي “رأينا ترامب في الماضي وكيف يدير سياسة معادية لإيران. حان الوقت لصعود امرأة… أعتقد أن هاريس ستكون أفضل لأنها لا تسعى للحرب”.

ويوافقها الرأي إبراهيم شيري، وهو طالب دراسات عليا في العلوم السياسية يبلغ من العمر 28 عاما. وقال “أعتقد أن معرفة هاريس للعالم أفضل. لقد أقنعت مع جو بايدن إسرائيل بعدم مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. ويعني هذا التحرك نحو السلام”.

ويتوقع آخرون أن يكون ترامب أكثر ملاءمة، بوعوده التي قدمها بعقد صفقات تسوية. وقال محمد علي رؤوفي، البالغ من العمر 43 عاما، والذي يدير ورشة عمل “لا أعرف ما يفكر فيه الشعب الأميركي، لكن ترامب قادر على التوصل إلى اتفاق سريع مع إيران”، مشيرا “إلى أن إدارة بايدن التي تنتمي إليها هاريس فشلت في التوصل إلى أيّ اتفاق معنا خلال السنوات الماضية التي كانوا فيها في السلطة”.

وأشار سائق سيارة الأجرة رضا غايمي، البالغ من العمر31 عاما، إلى أن ترامب قد يخفف التوترات في المنطقة، حيث سعى لسحب القوات الأميركية من الشرق الأوسط خلال فترة ولايته.

رغبات إيرانية

ورفض الكثيرون التحدث إلى وكالة أسوشييتد برس أمام الكاميرا. فليس لإيران سوى محطات تلفزيونية وإذاعية تديرها الدولة. ويشك الناس لذلك في المراسلين الذين يحملون كاميرات فيديو ويتجولون علنا في الشارع.

وسارعت امرأة إلى تشديد حجابها الفضفاض بعد رؤية الكاميرا. لكن امرأة تحدثت أمام الكاميرا عندما سقط حجابها ولم ترتديه أخرى منذ البداية. وكانت هذه إشارة إلى مدى تغير إيران منذ وفاة أميني. وأعرب الذين تحدثوا إلى وكالة أسوشييتد برس في الغالب عن مخاوفهم بشأن حرب مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، خاصة إذا فاز ترامب.

وقال أحمد مرادي البالغ من العمر 53 عاما إنه يريد أن يفوز ترامب “لأسبابي الخاصة”. ويرى أن ذلك سيجعل الحرب بين الولايات المتحدة وإيران حتمية. وأشارت امرأة عرّفت عن نفسها باسم مهناز، خوفا من تداعيات التحدث إلى الوكالة، إلى أن هاريس لم تستطع التوصل إلى أيّ صفقات مع إيران، لأن “الرجال هم من يمكنهم التحدث إلى الرجال”.

◙ الكثير من الإيرانيين يتوقعون أن يكون ترامب أكثر ملاءمة بوعوده التي قدمها بعقد صفقات تسوية

وتتوقع فاريبا أودي أن “الأمر سيكون أصعب بكثير على أطفالنا” إذا انتخب ترامب. وخلصت إلى أن النتيجة لن تهم في النهاية لكون الوضع قاس بالفعل. وقالت “نحن، أي الشعب الإيراني، محاصرون في لعبة سياسية. ويدفع أطفالنا ثمن ذلك. لكنني ما زلت أعتقد أن فوز ترامب سيجعل الأمر أكثر صعوبة، خاصة بالنسبة إلى ابني الطالب الذي يخطط” للدراسة في أميركا.

وأسفر حادث تحطم طائرة هليكوبتر عن مقتل الرئيس إبراهيم رئيسي في مايو. ووصل الرئيس الإيراني الإصلاحي مسعود بزشكيان، الذي انتخب بعد ذلك، إلى السلطة. ووعد بالتوصل إلى اتفاق لتخفيف العقوبات الغربية. ويؤكد المسؤولون الإيرانيون أن فصل المفاوضات النووية عن حروب الشرق الأوسط سيكون ممكنا، حتى عندما تتهم الولايات المتحدة إيران بالتدخل في انتخابات 5 نوفمبر الجاري، وهو أمر تنفيه طهران.

وقالت فاطمة مهاجراني، المتحدثة باسم إدارة بزشكيان، إن طهران تريد أن ترى تغييرا في السياسات الأميركية واحترامها “لسيادة الدول الأخرى الوطنية”. وأكدت أنها ترغب في أن تتجنب واشنطن “أنشطة إثارة التوتر كما شهدنا في السنوات الأخيرة”.

لكن المحللين يرون طريقا صعبا أمام أيّ محادثات محتملة بين الولايات المتحدة وإيران. ولا يتوقعون أن تغير هوية الفائز يوم الثلاثاء المقبل هذه الحقيقة.

واعتبر المحلل السياسي علي صوفي لصحيفة “شرق” الإصلاحية أن “المحادثات ستكون حرب استنزاف”. ولا يتوقع المحلل سعيد نور محمدي أن تكون مثل هذه المحادثات “مثمرة”. لكن أيّ قرار سيرجع في النهاية إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي البالغ من العمر 85 عاما.

وقال عباس قاسمي، وهو مدرس متقاعد يبلغ من العمر 67 عاما، “كما تعلمون، رأى خامنئي ثمانية رؤساء أميركيين” يأتون ويذهبون. وتابع “سيعرف كيف يتعامل مع الرئيس التالي”.

6