حزب الله ينتخب نعيم قاسم أمينا عاما خلفا لنصر الله

إسرائيل تقول إن فترة تولي قاسم هذا المنصب قد تكون الأقصر في تاريخ الجماعة إذا سار على درب سابقيه حسن نصرالله وهاشم صفي الدين.
الثلاثاء 2024/10/29
نعيم قاسم يتولى الأمانة العامة للحزب حتى انتهاء الحرب

بيروت - بعد عقود قضاها نائبا للأمين العام لحزب الله، تولّى نعيم قاسم المنصب الأعلى في حزب الله الذي كان في عداد مؤسسيه، بعد اغتيال حسن نصرالله، علما أنه لم يكن من الأسماء المتوقعة لهذا المنصب.

وترتبط مسيرة الرجل ذي اللحية البيضاء والذي يضع عمامة رجال الدين الشيعة البيضاء، ارتباطا وثيقا بمسيرة نصرالله، الأمين العام السابق للحزب الذي اغتيل بغارة إسرائيلية ضخمة على ضاحية بيروت الجنوبية في 27 سبتمبر.

وانضوى قاسم (71 عاما) في حركة أمل التي يتزعمها حاليا رئيس البرلمان نبيه بري، لدى انطلاقتها في السبعينات. ثم كان في العام 1982 أحد مؤسسي حزب الله الذي انطلق بدعم إيراني إثر الاجتياح الإسرائيلي للبنان.

وفي العام 1991، عيّنه الأمين العام السابق للحزب عباس الموسوي، نائبا له وبقي في منصبة طيلة ولاية نصرالله التي امتدت لأكثر من ثلاثة عقود.

بعد اغتيال الموسوي في ضربة إسرائيلية في جنوب لبنان في العام 1992، خلَفه حسن نصرالله أمينا عاما للحزب، وبقي قاسم في منصبه.

وأعلن حزب الله الثلاثاء انتخاب قاسم، وقال في بيان "عملاً بالآلية المعتمدة لانتخاب الأمين العام، توافقت شورى حزب الله على انتخاب سماحة الشيخ نعيم قاسم أمينا عامّا لحزب الله".

ويأتي ذلك بعد اغتيال رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله هاشم صفي الدين الذي كان يعتبر المرشح الأبرز لخلافة نصرالله ونعاه الحزب في 23 أكتوبر، مؤكدا أنه قضى مع عدد من "إخوانه المجاهدين"، في غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت في أوائل الشهر ذاته.

وكما كان صفي الدين، قاسم عضو في مجلس الشورى التابع لحزب الله، الأمر الذي يخوّله تبوّء منصب الأمين العام.

واغتيل العديد من كبار قادة الحزب في الأسابيع الأخيرة في غارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله.

ويتحدّث قاسم المولود في بيروت والذي تتحدّر عائلته من بلدة كفرفيلا في جنوب لبنان، اللغتين الإنجليزية والفرنسية. وكان يُجري بانتظام مقابلات مع وسائل إعلام محلية ودولية.

وبينما توقّف حسن نصرالله عن الظهور العلني منذ سنوات طويلة، فقد كان نعيم قاسم يظهر في العلن في مناسبات عدّة.

كان يجري مقابلات تلفزيونية مع وسائل إعلام عربية وغربية، ويشارك في تخريج طلاب مدارس المصطفى التابعة له وفي تكريم المتفوقين، يعطي دروسا دينية، ويشارك في احتفالات حزب الله متقدما الصفوف الأمامية خصوصا في المناسبات التي يتحدث فيها نصرالله عبر الشاشة.

خلال قرابة عام من التصعيد بين حزب الله وإسرائيل، شارك في تشييع مقاتلين وقادة من الحزب، كان آخرهم قائد قوة الرضوان، قوات النخبة في حزب الله، ابراهيم عقيل الذي قتل بغارة إسرائيلية في سبتمبر قبل أيام من مقتل نصرالله.

وبحسب مصدر مقرب من حزب الله، تولّى قاسم مهام إدارة الملف الحكومي في لبنان من خلال متابعة عمل الوزراء والنواب، إضافة الى ملف البلديات والنقابات اللذين يشكلان عصب حزب الله في المؤسسات الرسمية.

بموازاة دراسته الأكاديمية في الجامعة اللبنانية حيث نال دراسات عليا في الكيمياء، تابع قاسم دراسات دينية وتتلمذ على يد كبار علماء الشيعة في لبنان.

وعمل مدرسا لمادة الكيمياء لسنوات. ويروي أحد طلابه، وهو ممثل كوميدي معروف، أنه كان مدرّس الكيمياء باللغة الفرنسية في ثانوية حمانا شرق بيروت، مشيرا إلى أنّه كان هادئ الطباع إجمالا.

منذ مقتل نصرالله في 27 أكتوبر، ألقى قاسم ثلاث خطابات عبر الشاشة، بدا في الأولى مرتبكا ويتصبّب عرقا بينما كانت الإضاءة في ظهوره الثاني خافتة وخلفه ستارة داكنة اللون.

وحرص على التأكيد على أن قدرات حزبه "بخير" وأن ما من "موقع شاغر" في هيكلية الحزب، بل تمّ استبدال كل القادة والمسؤولين الذين قتلوا.

ولقاسم، وهو متزوج وأب لستة أولاد، مؤلفات عدة دينية وسياسية بينها كتاب عن حزب الله بعنوان "المنهج، التجربة، والمستقبل".

ويرى الكثير من اللبنانيين أن قاسم يفتقر إلى الكاريزما والجاذبية التي كان يتمتع بها نصرالله.

وكتبت الحكومة الإسرائيلية في منشور على حسابها الرسمي باللغة العربية على منصة إكس تقول "قد تكون فترة توليه هذا المنصب الأقصر في تاريخ هذه المنظمة الإرهابية إذا سار على درب سابقيه حسن نصرالله وهاشم صفي الدين".

وأضافت "لا حل في لبنان إلا تفكيك هذه المنظمة كقوة عسكرية".

وكان حزب الله أعلن غداة الهجوم الذي شنته حركة حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 واندلاع الحرب في غزة، فتح جبهة "إسناد" للقطاع.

وبعد عام من القصف المتبادل بين الحزب وإسرائيل عبر الحدود، أعلن الجيش الإسرائيلي نقل مركز ثقل عملياته العسكرية إلى جبهته الشمالية مع لبنان حيث يشن مذّاك حملة غارات جوية مدمرة تتركز على معاقل حزب الله بضاحية بيروت الجنوبية وبشرق لبنان وجنوبه. وباشر بعد ذلك عمليات برية محدودة بجنوب لبنان.

وأسفرت الحرب منذ 23 سبتمبر عن مقتل أكثر من 1700 شخصا على الأقل في لبنان، حسب تعداد يستند الى بيانات وزارة الصحة.