لبناني يصنع السيجار الفاخر في موزمبيق

صانع السيجار الكاريبي أنتوني باديا بيريز يلاحظ أن مناخ موزمبيق وتربتها ملائمان لإنتاج التبغ ذي النوعية الجيدة.
الأربعاء 2024/10/23
السيجار الأفريقي ينافس الكوبي

يحتاج الاستثمار إلى أفكار طريفة ثم المبادرة بحس المغامرة. هذا ما دفع اللبناني كمال مخيبر إلى ترك عالم المال وبعث مؤسسة صغيرة لصنع السيجار في موزمبيق كي ينافس السيجار الكوبي والدومينيكاني.

مابوتو - تنتج شركة في موزمبيق أسسها اللبناني كمال مخيبر نوعا فاخرا من السيجار الأفريقي مئة في المئة، يُباع في القارة وكذلك في بعض الأسواق العالمية. في مصنع صغير مضاء بالنيون في العاصمة مابوتو، ينكبّ نحو عشرة عمال مَهَرة على تجميع السجائر بحركات سريعة ودقيقة، فيما تفوح في أرجاء المكان رائحة التبغ اللاذعة.

وتقول يوجينيا ماواي (38 عاما)، التي تمتهن حرفة لفّ السيجار منذ انطلاق الشركة قبل ثماني سنوات، "قليلون هم الذين يعرفون أن السيجار الأفريقي موجود وأننا ننتجه هنا في موزمبيق". وتضيف "بات في استطاعتي الآن أن أوفّر الطعام لعائلتي. أصبح لدينا مستقبل، وقد شجعتنا ردود الفعل الطيبة على منتجاتنا”.

يجلس كل اثنين من الحرفيين أمام منضدة عمل صغيرة، ويشرع كل واحد في تكديس الأوراق في إحدى يديه، وتكون جافة نسبيا وليس كثيرا، إذ ينبغي أن تكون مرنة ورقيقة وذات ملمس كالجلد.وتُمزّق ورقة كبيرة مصدرها الكاميرون إلى قسمين وتكون القطعة الأخيرة التي تُلَف حول قضيب الكرسي، فتتخذ شكله.

أما بقية التبغ الموجود داخل اللفافة فمصدرها موزمبيق بشكل أساسي، لكن التبغ يُستورد أيضا من جمهورية الدومينيكان، في بعض النماذج المرغوبة جدا من قبل الذوّاقة. ومن هذا البلد الكاريبي الصغير يأتي مدير الورشة أنتوني باديّا بيريز، الذي نشأ في عائلة منتجة للتبغ. وهو ينقل خبرته إلى العمال الذين يفخرون بأن مُنتَجَهم مصنوع يدويا بنسبة مئة في المئة في أفريقيا.

ويشرح هذا الرجل البالغ من العمر 38 عاما قائلا إن “لكل ورقة وظيفة من حيث خصائص الاحتراق وقوتها ورائحتها”. وبمجرد لفّ التبغ يقوم العامل بتقطيع الأطراف إلى الحجم المطلوب، ثم يضع السيجار في قالب لمدة نهار كامل على الأقل، لكي يكتمل تماسكه.

◙ السيجار الأفريقي يفاجئ المستهلكين ويثير فضولهم وهو ما يوفر ميزة لسيجار "بونغاني"، أي "كن ممتنا" بلغة الزولو

أما الخطوة الأخيرة فتتمثل في تشذيب الأطراف لتكوين منحنى جميل باستخدام قطع صغيرة من التبغ مقطعة بشكل دائري ومجمعة بقطعة من العلكة النباتية. ويلاحظ صانع السيجار المسمى بالإسبانية توركيدور أن “مناخ موزمبيق وتربتها ملائمان لإنتاج التبغ” ذي النوعية الجيدة.

ويؤكد أن السيجار الأفريقي “يفاجئ المستهلكين ويثير فضولهم” وهو ما يوفر ميزة لسيجار “بونغاني”، أي “كن ممتنا” بلغة الزولو. ويروي مؤسس الشركة كمال مخيبر أن الفكرة خطرت له خلال وجوده في مقهى شهير في العاصمة الموزمبيقية حيث كان في زيارة عمل. ويضيف “رأيت مجموعة من الأشخاص يدخنون السيجار وتساءلت: لماذا لا يتم إنتاجه في أفريقيا”، حيث زراعة التبغ قديمة.

ويرى أن “المواد الخام المنتجة في أفريقيا تُرسَل في الكثير من الأحيان إلى مكان آخر لتحويلها” وتصنيعها، كما هي حال البنّ، ما يحرم القارة من موارد إضافية. وما كان من هذا اللبناني، الذي يعمل في مجال التمويل بالحي المالي اللندني الشهير “ذي سيتي” ولم يسبق له أن عمل في مجال الإنتاج، إلا أن أطلق الشركة بعد بحث متعمق، “في البداية كمشروع ثانوي” من أجل متعة خوض مغامرة جديدة.

وبيعَ أول سيجار “بونغاني” في نهاية عام 2016 لشركة محلية، أما اليوم فيعمل في شركة “بونغاني” نحو 15 موظفا وتنتج ما بين 10 آلاف و12 ألف سيجار شهريا تباع في أفريقيا ولكن أيضا في أوروبا والولايات المتحدة، حيث تحظى بشعبية خاصة لدى السود.

وقال بيتر مومبي، وهو صاحب مطعم، عن السيجار الأفريقي “إنه ممتاز؛ طعمه ورائحته راقيان وفي الوقت نفسه غير قويين"، أما بريميش موهان، وهو تاجر، فقال “دخّنت كل أنواع السجائر، ويمكننا أن نقارن هذا السيجار بالسيجار الكوبي". وأضاف "إذا أُعطِيتُ سيجارًا كوبيًّا وآخر من زيمبابوي، وطُلب مني تدخينهما وأنا معصوب العينين، لا يمكني التمييز بينهما".

وثمة شركات تصنيع سجائر أفريقية أخرى أقل شهرة وخصوصا في زيمبابوي، لكنّ "بونغاني" بدأت بترسيخ مكانتها بين هواة السجائر. إلا أن الفضول الذي قد يدفع إلى تدخين هذا السيجار الأفريقي البالغ سعره نحو 13 دولارا لا يكفي، إذ "يُفترَض أن يكون لذيذا، وإلا فلن يُباع"، وفق تصريح رئيس الشركة الذي يسافر كثيرا لترسيخ وجود منتَجِه في سوق شديدة التنافسية.

مُنتَج مصنوع يدويا
◙ مُنتَج مصنوع يدويا 

18