خبراء يحذرون من اعتماد حلول مناخية تشكل خطرا على التنوع الحيوي

التجدد الطبيعي للغابات يمكن أن يلتقط حوالي 226 مليار طن من الكربون، ويمكن تحقيق 61 في المئة من هذه الإمكانية عبر حماية الغابات الموجودة.
الخميس 2024/10/17
أشجار قد تؤدي إلى زيادة الانبعاثات

باريس - قد تؤدي الجهود الرامية إلى حماية المناخ في بعض الأحيان إلى تدهور التنوع الحيوي، إذا كانت تحصل وفق نظرة منفصلة عن حماية الطبيعة، حسب ما أكّده عدد من الخبراء، دَعَوا عوضا عن ذلك إلى اتباع مقاربة شاملة ومترابطة.

وقالت آن لاريغاودري، الأمينة التنفيذية للمنبر العلمي والسياسي الحكومي الدولي المعني بالتنوع البيولوجي، “في بعض الأحيان، من خلال محاولة إيجاد حل لمشكلة ما، قد نُلحق ضررا بمكان آخر”.

وينشر هذا المنبر في ديسمبر تقريرا رئيسيا حول كيفية التوفيق بين المناخ والتنوع الحيوي وتوفير الوصول إلى المياه أو الغذاء والصحة.

مثال واحد من بين آلاف الأمثلة: في المملكة المتحدة، ولتقوية مصارف الكربون، زُرع عدد كبير من الأشجار… في أراض رطبة، وهي تشكل بدورها خزانات كربون كبيرة، وقد جففتها تدريجيا، ما أدى إلى إطلاق الكميات التي كانت تخزنها من ثاني أكسيد الكربون.

تطوير طاقة الرياح كي تحل محل الغاز والفحم يقلل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ولكنه قد يؤدي أيضا إلى زيادة معدل موت الطيور أو الخفافيش المهاجرة

ويقول رئيس لجنة السياسات في الجمعية البيئية البريطانية ريك ستافورد “في نهاية المطاف أدت زراعة هذه الأشجار إلى زيادة الانبعاثات، بدلا من إزالتها من الغلاف الجوي”.

وفي عام 2021 أوضح فريق عمل مشترك بين المنبر العلمي والسياسي الحكومي الدولي المعني بالتنوع البيولوجي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، وهي نظيرتها المعنية بالمناخ داخل الأمم المتحدة، أن النظر في المناخ والتنوع البيولوجي بشكل منفصل قد يؤدي “في أسوأ الحالات (…) إلى اتخاذ إجراءات تمنع عن غير قصد حل أي منهما أو كلتا المشكلتين”.

وتحذر شبكة العمل المناخي، وهي مجموعة من المنظمات غير الحكومية، من هذه “الأفكار الجيدة والزائفة”، التي توفر المنفعة من ناحية ولكن قد تكون لها آثار ضارة من ناحية أخرى.

وقد يبدو للوهلة الأولى أن حقن الحديد في المحيطات لتطوير العوالق الدقيقة، وهي خزانات كربون كبيرة، فكرة فعالة. لكن هذا يمكن أن يؤدي أيضا إلى “أضرار جسيمة” تطال صيد الأسماك، أو يعزز تنمية أنواع العوالق، ما يسبب انبعاث غازات دفيئة أخرى مثل أكسيد النيتروز، “كل ذلك من أجل مكاسب مناخية غير مؤكدة”، وفق ما تقوله الأستاذة في جامعة أكسفورد البريطانية أليسون سميث.

وأوضحت مؤسسة أبحاث التنوع البيولوجي في عام 2022 أن “التدابير المتخذة للتخفيف من حدة تغير المناخ يجب أن يتم تقييمها وفقا لفوائدها ومخاطرها الشاملة، وليس فقط وفق بصمتها الكربونية”.

لذلك فإن تطوير طاقة الرياح كي تحل محل الغاز والفحم يقلل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ولكنه قد يؤدي أيضا إلى زيادة معدل موت الطيور أو الخفافيش المهاجرة.

وعلى نحو مماثل، فإن بناء السدود لتوليد الطاقة الكهرومائية أو تخزين المياه العذبة يمنع هجرة الأسماك.

لإيجاد حلول "نحتاج إلى نظرة شاملة" وألا نركز فقط على تغير المناخ، وإنما أيضا على التنوع البيولوجي أو العدالة الاجتماعية، وفق الأستاذة الجامعية أليسون سميث

ويقول توم أوليفر من جامعة ريدينغ الإنجليزية إن الهندسة الجيولوجية، وهي تقنية تهدف إلى التلاعب بالمناخ، على سبيل المثال “يمكن أن تؤدي إلى أضرار جانبية جسيمة” عن طريق إنارة السحب البحرية بالهباء الجوي لجعلها تعكس أشعة الشمس بشكل أفضل. ويضع ذلك ضمن خانة “الحلول المرتجلة”.

كما أن المشروع الذي قُدّم العام الماضي ضمن مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ (كوب 28) لتركيب “ستائر تحت الماء”، بهدف منع مياه المحيط الدافئة من التسبب في ذوبان الأنهار الجليدية في القطب الجنوبي، قد يمنع تدفق العناصر الغذائية، مع آثار تدمّر النظم البيئية للمحيطات والأنهار الجليدية، حسب ما أشار إليه عالم المحيطات لارس سميدزرود من جامعة بيرغن النرويجية في يناير ضمن مجلة “نيتشر”.

ولإيجاد حلول “نحتاج إلى نظرة شاملة” وألا نركز فقط على تغير المناخ، وإنما أيضا على التنوع البيولوجي أو العدالة الاجتماعية، وفق الأستاذة الجامعية أليسون سميث.

ومثلها يروج العديد من الخبراء للحلول القائمة على الطبيعة، والتي لها “فوائد مشتركة للتنوع البيولوجي والمناخ والسكان”.

وخلصت دراسة أجريت عام 2020 ونشرت نتائجها المجلة العلمية “غلوبال تشاينج بايولوجي” إلى أن “التدخلات القائمة على الطبيعة غالبا ما تكون فعالة، أو حتى أكثر فاعلية” في 59 في المئة من الحالات، مقارنة بالتدخلات الأخرى لمكافحة آثار تغير المناخ. ومن خلال الحفاظ على النظم البيئية القائمة، بدلا من محاولة إعادة إنشاء أنظمة جديدة، تصبح الإمكانات أعظم.

وبالتالي، فإن التجدد الطبيعي للغابات يمكن أن يلتقط حوالي 226 مليار طن من الكربون، ويمكن تحقيق 61 في المئة من هذه الإمكانية عبر حماية الغابات الموجودة، حسب ما أظهرته دراسة نشرت نتائجها مجلة “نيتشر” في نوفمبر 2023.

16