الرياضة ركيزة أساسية لعلاج الاكتئاب

ممارسة الرياضة تعمل على تحسين الحالة المزاجية وترفع الإحساس بقيمة الذات.
الأحد 2024/10/06
تأثيرات إيجابية على التغيرات العصبية في الدماغ

يؤكد خبراء اللياقة البدنية وأطباء علم النفس الرياضي على أهمية الرياضة في علاج الاكتئاب، ذلك أن ممارسة التمارين الرياضية تحارب التعب والخمول، وتعمل على تحسين الحالة المزاجية وترفع الإحساس بقيمة الذات. كما أن ممارسة الرياضة ضمن مجموعة تساعد على محاربة الانسحاب والعزلة الاجتماعية لدى مرضى الاكتئاب. وينصح الخبراء بممارسة الرياضة باعتدال بمعدل 150 دقيقة أسبوعيا.

كولن(ألمانيا) - قال البروفيسور ينس كلاينرت إن الرياضة تمثل ركيزة أساسية لعلاج الاكتئاب، وذلك إلى جانب العلاج النفسي والعلاج الدوائي.

وأوضح أستاذ علم النفس الرياضي والصحي أن ممارسة الرياضة تعمل على تحسين الحالة المزاجية من ناحية وترفع الإحساس بقيمة الذات بفضل تحسن الصورة الجسدية من ناحية أخرى.

وأضاف كلاينرت، الذي يرأس معهد علم النفس بجامعة الرياضة الألمانية في كولن، أن ممارسة الرياضة تحارب التعب والخمول؛ حيث يشعر المريض بالنشاط والحيوية واليقظة، ومن ثم يكون أكثر قدرة على التعامل مع مهام الحياة اليومية.

كما أن ممارسة الرياضة ضمن مجموعة تساعد على محاربة الانسحاب والعزلة الاجتماعية لدى مرضى الاكتئاب.

وعن الرياضات المناسبة لمرضى الاكتئاب، أوضح البروفيسور الألماني أن كل الرياضات تقريبا تعتبر مناسبة، لا سيما رياضات قوة التحمل مثل المشي والجري والسباحة وركوب الدراجات الهوائية؛ حيث إنها تتمتع بتأثيرات إيجابية على التغيرات العصبية.

ممارسة الرياضة تحارب التعب والخمول؛ حيث يشعر المريض بالنشاط والحيوية واليقظة، ومن ثم يكون أكثر قدرة على التعامل مع مهام الحياة اليومية

كما أن تمارين تقوية العضلات تعد مفيدة للغاية؛ حيث إنها تساعد على تحقيق نجاحات سريعة فيما يتعلق بشكل الجسم، مما يساعد على رفع الإحساس بقيمة الذات.

وللاستفادة من هذه المزايا، ينبغي ممارسة الرياضة باعتدال بمعدل 150 دقيقة أسبوعيا أو بشكل مكثف بمعدل 75 دقيقة، وذلك وفقا لتوصيات منظمة الصحة العالمية.

وتوصّلت دراسة جديدة إلى أنّ ممارسة نشاط معتدل لمدة 20 دقيقة يوميًا، لخمسة أيام في الأسبوع، قد تقلل من خطر أعراض الاكتئاب بشكل كبير لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 50 عامًا، وغالبًا ما يعانون من أمراض مرتبطة بالاكتئاب، مثل مرض السكري، وأمراض القلب، والألم المزمن.

وبحسب مجلة السكري البريطانية، فإنّ مرضى السكري أكثر عرضة بمرتين لخطر الإصابة بالاكتئاب. ووجدت دراسة أجريت في عام 2017، أن مرضى القلب أكثر عرضة للوفاة بمقدار الضعف إذا أصيبوا بالاكتئاب بعد تشخيصهم. ويعاني نحو 85في المئة من الأشخاص الذين يعانون من الآلام المزمنة من اكتئاب حاد، وفقًا لما ذكرته دراسة أخرى وُضعت في عام 2017.

ورغم ذلك، يحتاج الأشخاص الذين شاركوا في الدراسة، ولا يعانون من مرض مزمن، إلى ممارسة تمارين رياضية تتراوح بين معتدلة وقوية لمدة ساعتين يوميًا من أجل رؤية تحسّن في أعراض الاكتئاب، وفقًا لما ذكره مؤلف الدراسة الرئيسي إيمون ليرد، الباحث في مركز النشاط البدني للأبحاث الصحية في جامعة ليمريك، بأيرلندا.

وتُعرّف المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها النشاط البدني المعتدل عادةً، على أنه نشاط “يقطع الأنفاس” بحيث يصعب على الشخص التحدث أثناء القيام به. ويشمل المشي السريع، أو ركوب الدراجات، أو الرقص، أو لعب التنس، أو الركض صعودًا ونزولاً على السلالم. وإذا زاد مستوى التمرين إلى درجة أقوى مثل الركض أو الجري، يصبح التنفس سريعًا ويرتفع معدل ضربات القلب، فيمكن عندها تقليل الوقت الذي يقضيه الشخص في التمرين.

ممارسة الأنشطة البدنية، كالمشي المعتاد، وليس البرامج التدريبية الممنهجة فقط، قد يساعد في تحسين الحالة المزاجية

وقال ليرد إنّ “الأمر الفريد (المتصل بهذه الدراسة) أنها أول وأكبر تحقيق لمجموعة طولية، مع ومن دون مرض مزمن، لمحاولة معرفة الحد الأدنى من فترة تمارين قصيرة بهدف ملاحظة الفروقات في حالات الاكتئاب”.

وأضاف: “نحن لا ندعو إلى خفض مستويات النشاط في أي مجموعة سكانية، لكن هذه النتائج تشير إلى أنه حتى المدة الأدنى من تلك الموصى بها قد تحمي الصحة العقلية بمرور الوقت لدى كبار السن”. وتابع: “قد تكون هذه الفترات القصيرة أكثر قابلية للتحقيق لأنّ العديد من كبار السن قد يجدون صعوبة في القيام بنشاط بدني لعدد كبير من الأسباب”.

وتابعت الدراسة المنشورة في مجلة “جاما نتورك أوبن”، “أكثر من 4 الاف من البالغين الأيرلنديين بمتوسط عمر 61 عامًا لمدة 10 سنوات. وتم تقييم المشاركين، الذين كانوا جزءًا من الدراسة الأيرلندية الطولية حول الشيخوخة، كل عامين. وسُئلوا عن نشاطهم البدني ومستويات التمارين، وخضعوا لاختبارات بهدف تحديد أعراض الاكتئاب التي ظهرت عليهم، فإذا كانت أعراض شديدة، صنّفوا حينها على أنهم يعانون من اكتئاب شديد.

وأوضح ليرد أن “أمثلة من الأعراض التي شملها الاستبيان، هي: هل واجهت صعوبة في التركيز على ما كنت تفعله؛ هل كان نومك مضطربًا؛ هل شعرت بأنك لن تستطيع التخلص من الكآبة حتى بمساعدة عائلتك والأصدقاء، وغيرها من الأمور.

أما الأشخاص الذين عانوا من نوبة اكتئاب شديدة خلال الـ12 شهرًا الماضية، فقد وُضعوا ضمن مجموعة الاكتئاب الرئيسية أيضًا. وتُعرَّف نوبة الاكتئاب بأنها تمتد لفترة أسبوعين أو أكثر ويشعر خلالها الشخص بالتعب، وتنتابه مشاعر الحزن واليأس، وفقدان الاهتمام بالأنشطة الرياضية، أو يعاني من مشاكل في النوم، أو زيادة الوزن أو فقدانه، أو التفكير بالانتحار.

ويشير خبراء “مايو كلينيك” إلى أن ممارسة التمارين الرياضية تساعد في الوقاية من عدة مشاكل صحية أو تخفيفها، بما في ذلك ضغط الدم المرتفع والسكري والتهاب المفاصل. وتوضح الأبحاث التي أجريت على الاكتئاب والتوتر وعلاقتهما بممارسة الرياضة أن فوائد الصحة العقلية والبدنية للرياضة يمكن أن تساعد في تحسين الحالة المزاجية وتحد من الشعور بالقلق.

والعلاقة بين الشعور بالاكتئاب والقلق وممارسة الرياضة ليست واضحة بما يكفي. إلا أن ممارسة التمارين وغيرها من أشكال النشاط البدني يمكن أن تساعد في تخفيف أعراض الاكتئاب أو القلق، وتجعله يشعر بالتحسن. وقد تساعد ممارسة التمارين الرياضية أيضًا في عدم الشعور بالاكتئاب والقلق مرة أخرى بعد شعور الشخص بالتحسن.

Thumbnail

وقد تساعد ممارسة التمارين بانتظام على تخفيف الاكتئاب والقلق من خلال:

• إفراز الإندورفينات التي تعزز الشعور الجيد: والإندورفينات مواد كيميائية طبيعية موجودة في الدماغ يمكنها أن تعزز إحساسك بالعافية.

• نزع مسببات القلق من الفكر: من شأن الانشغال بأشياء أخرى عن القلق أن يساعد الشخص على التخلص من دوامة الأفكار السلبية التي تزيد من الاكتئاب والقلق.

تمنح ممارسة الرياضة بانتظام فوائد نفسية وعاطفية عديدة أيضًا. فيمكن أن تساعدك على:

• اكتساب الثقة: يعزز تحقيق أهداف ممارسة التمارين أو التحديات، حتى الصغير منها، ثقة الشخص في نفسه. ويمكن أن تمنحه استعادة لياقته شعورًا أفضل إزاء مظهره.

• زيادة التفاعل الاجتماعي: يمنح التمرين والنشاط البدني فرصة الالتقاء بالآخرين والتفاعل مهم. وقد يساعد مجرد تبادل ابتسامة أو تحية ودية وهو يتنزه في الحي الذي يسكن فيه على تحسين مزاجه.

• التعايش الصحي: من إستراتيجيات التعايش الصحية فعل أمر إيجابي للسيطرة على الاكتئاب أو القلق. فمحاولاتك للشعور بالتحسن عن طريق تناول الكحوليات أو الغرق في مشاعرك أو مجرد تمني زوال الاكتئاب أو القلق دون تدخل قد تأتي بنتائج عكسية وتؤدي إلى مفاقمة الأعراض.

تظهر بعض الأبحاث أن ممارسة الأنشطة البدنية، كالمشي المعتاد، وليس البرامج التدريبية الممنهجة فقط، قد يساعد في تحسين الحالة المزاجية. ولا يمكن اعتبار الأنشطة البدنية وممارسة التمارين الرياضية شيئًا واحدًا، ولكن كليهما مفيد للصحة.

14