موسم الزيتون في فلسطين وفير تتهدده إجراءات الاحتلال الإسرائيلي

نابلس (الأراضي المحتلة) - بين حقول الزيتون في بلدة حوارة جنوب نابلس، ليست الأجواء الجميلة فقط ما يوفره موسم قطف الزيتون. فصباح يوم الأربعاء، أصيب شابان برضوض نتيجة اعتداء المستعمرين عليهما، وهو أمر يعطي صورة أكثر شمولية عما يجري في قرى وبلدات نابلس عموما.
ورغم الطقوس المبهرة في واحد من أهم المواسم الشعبية لدى الفلسطينيين، لكن في قرى وبلدات نابلس، يكون الأمر محط خطورة على المواطنين. فالمناطق الجبلية المزروعة بحقول الزيتون والبعيدة عن مراكز القرى خاصة، تكوّن بيئة خصبة لاعتداءات المحتلين ضد قاطفي الزيتون.
وتظل قصة الشابين صقر خالد عودة، وعبدالرحيم عودة، هي الاعتداء الأحدث لهذا اليوم في حوارة، بعدما اعتدى عليهما المستعمرون وأصابوهما برضوض. وقصة هذين الشابين هي الوجه الحقيقي لشكل موسم قطف الزيتون في المناطق التي تصل إليها أيدي المستعمرين في قرى نابلس.
قال عبدالرحيم “كنا قد وصلنا إلى الحقل للتو.. جاء مستعمر برفقة الاحتلال وطوقونا واعتدوا علينا بالضرب”. ويعاني عبدالرحيم من كسر بالقدم، فيما يعاني صقر من رضوض في الرأس. وموسم قطف الزيتون بالنسبة للفلسطينيين موسم يحتاج إلى جهد بشري على طول ساعات اليوم، وتكون معظم المساحة المزروعة بأشجار الزيتون في المناطق الجبلية والبعيدة عن أماكن البنيان العمراني.
يقول حمدان عودة، شاب من بلدة حوارة، إن الاحتلال اعتدى عليه يوم الثلاثاء واستولى على محصول الزيتون، وطرده من كرم الزيتون. ويوصف موسم الزيتون وفي مجمل فلسطين بـ”الجيد جدا” واستعدت له العائلات والمعاصر، لكن المخاوف من إجراءات الاحتلال تهدد بفقدان حوالي 15 في المئة من إنتاج الموسم.
ويعيش المواطنون في تلك القرى الواقعة تحت لهيب الاستعمار، سباقا مع الزمن كي لا يفقدوا محصولهم بالكامل. وقال عودة “بدأنا بقطف الزيتون لاستخراج الزيت منه.. أنت لا تعلم متى سيأتي المستوطنون ويحطمون أشجار الزيتون أو يحرقونها”. وتشهد مناطق جغرافية واسعة في الضفة الغربية اليوم اعتداءات متكررة ينفذها المستعمرون تحت حماية قوات الاحتلال، وموسم قطف الزيتون أكثر المواسم التي تسجل فيها حالات اعتداء.
وقال رئيس المجلس المشترك لقرى “إماتين وفرعتا وجيت” ناصر سدة إن الاحتلال الإسرائيلي صعّد من اعتداءاته في القرى الثلاث على مدى لم يسبق له مثيل في الآونة الأخيرة، وذلك لصالح خدمة البؤرة الاستعمارية “حفات جلعاد”، الجاثمة على أراضي المواطنين.
وأضاف سدة لـ”وفا” أن الاحتلال استولى على أكثر من 500 دونم من أراضي المواطنين خلال الشهر الماضي، وضع عليها بوابات حديدية وثكنات عسكرية متنقلة، وجرف أجزاء من الأراضي بهدف شق طرق استعمارية تؤدي إلى المستعمرة المذكورة، كما اقتلع أكثر من 500 شجرة زيتون معمرة يزيد عمرها عن 70 عاما.
وأشار إلى أن الاحتلال منع نحو 1000 مزارع من الوصول إلى نحو 3000 دونم من أراضيهم الزراعية المزروعة بالزيتون لرعايتها وتقليمها تحضيرا لموسم قطف ثمار الزيتون، بحجة قربها من مستعمرة “جلعاد”، إضافة إلى منع المزارعين من الوصول إلى 500 دونم من أراضيهم التي تقع خلف جدار الفصل والتوسع العنصري.
ومع تصاعد إجراءات الاحتلال وهجمات المستعمرين، تتوقع وزارة الزراعة عدم تمكن المزارعين من الوصول إلى 80 ألف دونم من المساحة المزروعة بالزيتون. ووفق تقديرات وزارة الزراعة، يبلغ عدد أشجار الزيتون في فلسطين حوالي 13.2 مليونا، منها نحو 10 ملايين شجرة مثمرة، ونحو 3 ملايين شجرة لم تصل بعد إلى مرحلة الإنتاج، وتبلغ المساحة الإجمالية للأراضي المزروعة بالزيتون حوالي 935 ألف دونم، وتتم زراعة حوالي 300 ألف شتلة جديدة سنويا.
◙ موسم الزيتون يوصف بـ"الجيد جدا" لكن المخاوف من إجراءات الاحتلال تهدد بفقدان حوالي 15 في المئة من إنتاج الموسم
إضافة إلى المخاطر الناجمة عن إجراءات الاحتلال وهجمات المستعمرين، يواجه قطاع الزيتون في فلسطين العديد من التحديات، بعضها مرتبط بعملية الإنتاج، وبعضها مرتبط بالمعاصر، والبعض الآخر مرتبط بالتسويق وتعامل المستهلكين.
في ما يتعلق بالإنتاج، فإن معدل إنتاجية الأشجار في فلسطين متدنية، وهي الأقل بين الدول المنتجة (وزارة الزراعة تقدّر إنتاجية الدونم بنحو 40 كيلوغراما فقط)، ويعزو المدير العام لمجلس الزيت والزيتون فياض فياض سبب هذا التدني في الإنتاجية إلى طول عمر الأشجار وتركها دون تشبيب، إضافة إلى نقص العناية بالأشجار بالتقليم السنوي المعتاد بما يبقي داخلها أكثر عرضة للتهوية والشمس، والتسميد الطبيعي.
أما في ما يتعلق بالتسويق، فإن التحدي يتمثل في ممارسات سيئة لبعض التجار، إذ يعرضون في أسواق خارجية زيتا من بلدان أخرى أقل جودة، باعتباره زيتا فلسطينيا، وحتى تسويق زيت قديم مخزّن بطريقة خاطئة باعتباره زيتا جديدا، ما يسيء إلى سمعة الزيت الفلسطيني.
تاريخيا، يواجه قطاع الزيتون في فلسطين مخاطر جمة، أبرزها وأكثرها تأثيرا هجمات المستعمرين وإجراءات الاحتلال التي تحول دون وصول المزارعين إلى أراضيهم لجني محصولهم من ثمار الزيتون.
في عام 2023 الذي تزامن موسم الزيتون فيه مع بدء العدوان على قطاع غزة، حيث لم يتمكن المزارعون من قطف نحو 60 ألف دونم خلف جدار الفصل والتوسع العنصري وفي محيط المستعمرات، ما شكّل خسارة بنحو 10 في المئة من كامل الإنتاج.