تركيا تتطلع إلى ما بعد التطبيع مع سوريا

أنقرة - قال رئيس البرلمان التركي نعمان قورتولموش، إن المشكلات بين بلاده وسوريا تحتاج إلى حل عاجل، وإقامة حوار وثيق ما بعد التطبيع لمواجهة الخطر الإسرائيلي على المنطقة.
وتجدَّدت الجهود لإحياء مسار محادثات تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، مع تصاعد زخم التصريحات حول العودة إلى "صيغة أستانة" التي كانت إطاراً لمحادثات التطبيع بين أنقرة ودمشق، التي توقفت عند الجولة 21 من محادثات الحل السياسي للأزمة السورية في أستانة، يونيو 2023.
وقال قورتولموش في تصريحات أدلى بها الجمعة، لصحفيين على متن الطائرة لدى عودته من زيارة رسمية إلى روسيا، أن زيارته كانت مثمرة أكثر من المتوقع، إذ بحث فيها مع مسؤولين روس كافة المواضيع بين أنقرة وموسكو بشكل مفصل، بما في ذلك قضايا إقليمية ودولية.
ويكتسب تطبيع العلاقات بين سوريا وتركيا أهمية خاصة في ظل التغيرات الجيوسياسية الكبيرة التي تشهدها المنطقة حاليًا؛ فالتوترات المستمرة في الشرق الأوسط، ومنها الحرب على غزة ولبنان، تفرض على الدول المجاورة إعادة تقييم سياساتها وتحالفاتها. وتركيا التي تواجه تحديات داخلية وخارجية متعددة، تجد في إعادة بناء العلاقات مع سوريا خطوة مهمة لتخفيف الضغوط الداخلية المتعلقة بوجود اللاجئين السوريين على أراضيها، وتعزيز موقفها الجيوسياسي في مواجهة التغيرات الإقليمية.
وافاد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إنه من المقرَّر أن تعقد روسيا وتركيا وسوريا وإيران اجتماعاً آخر في المستقبل المنظور لبحث تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.
وأضاف لافروف لقناة "روسيا اليوم" مطلع الشهر الحالي أن "موسكو تمكنت بـ(شق الأنفس)، العام الماضي، من عقد مباحثات بين أنقرة ودمشق بهدف بحث شروط تسهم في الوصول إلى تطبيع العلاقات بين الجانبين".
وأوضح أن المباحثات كانت مفيدة رغم أنها لم تتمكن من التوصل إلى اتفاق على المضي قدماً؛ إذ تعتقد الحكومة السورية أن الاستمرار في عملية التطبيع يتطلب تحديد إجراءات انسحاب القوات التركية من سوريا. أما الأتراك، فهم مستعدون لذلك، ولكن لم يتم الاتفاق على معايير محددة حتى الآن.
وعد لافروف أنه "من الضروري التحضير الآن لاجتماع جديد"، مستدركاً "أنا على ثقة من أنه سيُعقد في مستقبل قريب جداً. نحن مهتمون بلا شك بتطبيع العلاقات بين شركائنا في دمشق وأنقرة".
وتقول تركيا إنه لا توجد مشكلة في العلاقات لا يمكن حلها بين تركيا وسوريا. وبعد حل المشكلات يمكن أن تكون قادرة على مواصلة الأنشطة الطبيعية مع سوريا كدولتين متجاورتين.
وتطرق قورتولموش في حديثه إلى "بريكس" قائلا أنها تعد في الأساس منظمة تعاون اقتصادي، وأن الناتو منظمة تعاون دفاعي، وأن تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي، لكنها تتمتع بعلاقات تعاون مع روسيا أيضا.
وأكد أن "تركيا لم تنظر قط إلى هذه العلاقات على أنها بدائل لبعضها، لقد قلنا ذلك منذ البداية. وهذا النهج من شأنه أن يزيد إمكانات السياسة التركية الخارجية، وأعتقد أن تعزيز مجموعة بريكس سيلعب دورا فعالا في الحفاظ على السلام العالمي".
وردا على سؤال عن تصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان في الأمم المتحدة بشأن ضرورة تغيير هيكل المنظمة الأممية، قال قورتولموش "للأسف، يبدو أن العالم يتجه نحو كارثة". وتابع "ندخل في فترة لا يكون من الممكن فيها التحديد مقدمًا من سيلحق الضرر بمن، وعلى وجه الخصوص، فإن العدوان الإسرائيلي هو الذي أوصل العالم إلى هذه النقطة".
وأوضح أن تركيا سبق أن انتقدت هيكل الأمم المتحدة، قائلا "في ذلك الوقت، ربما لم يفهم الناس تماما ما نعنيه، لكن مع مواجهتهم لهذه المشكلات على أرض الواقع الآن، بدأنا ندخل فترة سيكون فيها عدد أكبر من المؤيدين لهذه الأطروحة". لافتا إلى أنه يجب أن يقوم النظام الجديد على محورين أساسيين، المساواة بين الناس، والمساواة السيادية للدول.
وأعرب عن أمله ألا تواصل بعض الدول الدفاع عن هذه المنظومة بسبب امتلاكها سلطة النقض "فيتو"، لأن العالم يتحرك بسرعة نحو فترة تتصاعد فيها الأزمات والصراعات. وأضاف أنه في حال اندلاع أزمة دولية كبرى، فإن سلطة النقض لن تمنح أي أحد أفضلية، ولهذا السبب يجب البدء بعملية إعداد للنظام الجديد.