صدمة لم تنته تداعياتها بعد لدى الإسرائيليين

القدس - أشعل هجوم حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر حربا مدمّرة في قطاع غزة، لكنه أيضا تسبّب بصدمة لم تنته تداعياتها بعد لدى الإسرائيليين.
وفي الأيام الأولى من الحرب، توجّه ضابط الاحتياط إيريز ريغيف للقتال في قطاع غزة تاركا مزرعته ومتجره للخضراوات ومطعمه لزوجته ياعيل لتهتم بها.
ويقول الأب لخمسة أطفال البالغ 46 عاما، بعد قرابة عام على الحرب، “خلال الأشهر الأربعة الأولى، لم نعد إلى المنزل”، في إشارة إلى جنود الاحتياط.
وكانت مزارع التمر والمانغا وغيرها من الدفيئات الزراعية التي يمتلكها في المنطقة الشمالية من الجولان السوري الذي احتلته إسرائيل في العام 1967، تتطلب عملا ومتابعة ومراقبة.
وبينما كان يقاتل على الجبهة، كان يفكّر بعشرات الدونمات من الأراضي الزراعية التي تمثل استثمارات “بمئات الآلاف من الشواكل”. لكن في قطاع غزة، “كان هناك القتال والحملة العسكرية. ودراما القدر والحياة البشرية”.
ويأخذ أخيرا إذنا للعودة إلى المنزل لبضعة أيام، “لكنني لا أستطيع النوم، لأن رجالي يقاتلون هناك”. ويضيف “كنت أعيش في عالمين وأواجه وضعا صعبا: في الجانبين هناك أشياء مهمة لي”.
اقرأ أيضاً:
ويقول ريغيف إن هذه كانت حال العديد من المزارعين والمصرفيين والمعلمين من جنود وضباط الاحتياط.
ويؤكد “في نهاية المطاف، أريد أن أعود إلى دفيئات الطماطم وأخذ طفلي في الصباح لقطف المانغا”.
ويرى ريغيف أن الحرب ضد حماس ضرورية لتحقيق الاستقرار الذي يتطلبه مشروعه.
ويقول “الحرب طويلة بالفعل… لكن في النهاية نريد الأمن”، مشيرا إلى أنه يريد أن يتأكد من أن “بإمكاني زراعة الطماطم والعودة بعد شهرين لقطفها”.
وعاشت نيتسان بيري (33 عاما) عملية فرار مروعة إبان هجوم السابع من أكتوبر على مهرجان نوفا الموسيقي الذي كانت تحضره.
وتقول “لم أستوعب الأمر بالكامل بعد، ما زلت غير قادرة على التواصل مع العالم الخارجي”.
وعندما بدأت صواريخ حماس بالتساقط على موقع المهرجان قرب قطاع غزة عند الساعة 6:29 صباحا، انطلقت بيري وصديقتاها بسيارتهن دون أن يدركن أن مقاتلي حماس كانوا في طريقهم نحو موقع المهرجان حيث قتل أكثر من 364 شخصا، وفقا للبيانات الرسمية الإسرائيلية.
واستغرقتها الطريق 12 ساعة للوصول إلى منزلها قرب تل أبيب. وتقول إنها اضطرت إلى قيادة مركبتها في طرق وعرة لتجنب الخطر. وتضيف أنها منذ ذلك الحين، تعاني “الوحدة والحزن والخسارة والكوابيس في الليل”.
وبعد السابع من أكتوبر، انفصلت بيري عن صديقها، وأغلقت محل تصفيف الشعر الخاص بها لأشهر بسبب عدم قدرتها على الذهاب إلى العمل.
وتشير إلى أنها تعاملت مع “مشاعر مختلطة، من التوتر… الانفعال والحزن”، ومن تقلبات المزاج.
وفي محاولتها للتعافي، تقوم بيري اليوم “بأكبر قدر ممكن من الأنشطة”، بينها رياضة ركوب الأمواج مرتين في الأسبوع، وتؤمن بفلسفة مفادها أن كل شيء يحدث لسبب ربما هو أفضل. وتأمل أن تنعم بالاستقرار عاطفيا ومهنيا.
وبالنسبة لكالانيت شارون، لم يطرأ تغيير على السياسة الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر. وتقول “لم يتغير شيء، الأمور أصبحت أسوأ”.
وتضيف الممثلة التي تشارك بانتظام في التظاهرات المطالبة بتحرير الرهائن المحتجزين في قطاع غزة وباستقالة الحكومة، “أصبح من المهم أن نقوم بما نقوم به”.
وفي العام 2020، أسست شارون (33 عاما) مجموعة “بينك فرونت” (الجبهة الزهرية) السياسية المعارضة لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وفي السابع من أكتوبر، ساهمت مع رفاقها في المجموعة في مساعدة أشخاص هجّرهم هجوم حماس في جنوب إسرائيل على إيجاد مأوى وطعام.
وبعد أسبوعين، نزلت مع أعضاء مجموعتها بملابس زهرية وأعلام زهرية وطبول زهرية إلى الشارع مطالبين الحكومة بالعمل على الإفراج عن الرهائن.
ورغم الغضب، تريد شارون بثّ الأمل في نفوس الناس. وتقول “يتوجه الناس لنا فقط لأن ذلك جعلهم يشعرون بتحسن”.
وتعتقد بأنه من المهم “العمل على ترحيل هذه الحكومة”. وتضيف “كثيرون يغادرون البلاد اليوم. وأفهم هذا. العيش هنا صعب، الإحساس الدائم بكل هذا الألم والبقاء على قيد الحياة (…)، لكن ليس لدينا خيار آخر”.