الجيش الإسرائيلي يكشف أنفاق رفح لتأكيد البقاء في محور فيلادلفيا

رفح (الأراضي الفلسطينية) - اصطحب الجيش الإسرائيلي صحافيين الجمعة إلى أنفاق اكتشفها جنوده في جنوب قطاع غزة بما في ذلك مدخل الغرفة تحت الأرض التي تم العثور فيها على جثث ست رهائن إسرائيليين في الأول من سبتمبر، في رسالة واضحة تهدف إلى تأكيد مشروعية البقاء في محور فيلادلفيا على الحدود مع مصر رغم ما يثيره من جدل وتهديدها المضي في مفاوضات الهدنة.
ولم يسمح الجيش للصحافيين بدخول النفق في منطقة تل السلطان في رفح لأسباب أمنية. لكنه نشر لقطات تظهر ممرا ضيقا وعديم التهوية قال إنه يقع على عمق نحو 20 مترا تحت الأرض حيث قال إن الرهائن كانوا محتجزين ربما لأسابيع. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري للصحافيين وهو يقف بجوار فتحة النفق التي تقع في ما يبدو أنه كان غرفة طفل في منزل مدمر “هناك متاهة كاملة من الأنفاق هنا في تل السلطان”.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “نحن في حاجة إلى أن نفعل كل ما في وسعنا بكل الوسائل لإعادتهم إلى ديارهم”، في إشارة إلى 101 رهينة تقول إسرائيل إنهم ما زالوا محتجزين لدى مسلحي حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).
ورغم الضغوط التي مورست عليه داخليا وخارجيا فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي تمسك بالبقاء في المحور، وهو ما يظهر أن الأمر لا يتعلق بمزاج شخصي، ولكن بمقاربة أمنية وعسكرية متفق عليها داخل الدوائر العسكرية صاحبة القرار، على عكس ما يبدو في الظاهر من خلافات.
وإصرار إسرائيل على التمسك بالمحور يعود إلى اكتشاف عدة أنفاق نوعية كانت حماس قد حفرتها وجهزتها في السابق، والوقوف على صعوبة التزام مصر بمراقبتها ومنع تهريب الأسلحة عبرها، وهو السبب الرئيسي وراء الجولة التي تهدف إلى وضع الإعلاميين في صورة ما كان يجري من تهريب. ومحور فيلادلفيا منطقة عازلة عند الحدود بين غزة ومصر، ويعد نقطة شائكة رئيسية في محادثات وقف إطلاق النار.
وقال نتنياهو في مؤتمر صحفي سابق “تحقيق أهداف الحرب يمر عبر محور فيلادلفيا.. السيطرة على محور فيلادلفيا تضمن عدم تهريب الرهائن إلى خارج غزة”. وأضاف “تحدثت عن أهمية محور فيلادلفيا قبل 20 عاما”، لافتا إلى أن المحور لم يتم الاستيلاء عليه منذ سنوات لأنه “لم تكن هناك شرعية دولية أو وطنية لاحتلال غزة والاستيلاء على رفح”، معتبرا أن “محور الشر يحتاج إلى محور فيلادلفيا ولنفس السبب يجب علينا السيطرة عليه”.
◙ رغم الضغوط التي مورست عليه داخليا وخارجيا فإن نتنياهو تمسك بالبقاء في المحور وجولة الصحافيين تهدف لتأكيد مشروعية قراره
وتابع “تحقيق أهداف الحرب يمر عبر محور فيلادلفيا ولن ننسحب من هناك”. وقال الجيش الإسرائيلي إن الرهائن الست قتلوا أثناء الليل في 29 أغسطس، وعثرت القوات الإسرائيلية على جثثهم بعد يومين تقريبا. وأضاف الجيش الإسرائيلي أن نفق تل السلطان هو جزء مما وصفه الجيش بأنه شبكة كبيرة كشفت عنها القوات الإسرائيلية العاملة حول رفح، بالقرب من الحدود مع مصر. وقال الجيش هذا الأسبوع إن القوات كشفت عن أنفاق بطول 13 كيلومترا تحت الأرض خلال الأشهر القليلة الماضية.
وبالإضافة إلى الفوهة المؤدية إلى النفق الذي قُتل فيه الرهائن، أظهر الجيش للصحافيين أيضا نفقا واسعا كبيرا بما يكفي لمرور شاحنة وكان يؤدي إلى مصر ولكنه كان مغلقا من الجانب المصري. وعلى النقيض تماما من حطام المباني في غزة التي دمرت خلال أشهر من القتال بين القوات الإسرائيلية والمقاتلين الفلسطينيين، تم في الآونة الأخيرة رصف الطريق على طول ما يسمّى بممر فيلادلفيا، في المنطقة المتاخمة لمصر.
وباستثناء الزيارات النادرة التي يرافقها الجيش، لم يُسمح لمنظمات الإعلام الأجنبية بدخول غزة منذ أن غزت إسرائيل القطاع بعد الهجوم الذي قادته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة، وفقا للإحصاءات الإسرائيلية. ودمر الهجوم العسكري الإسرائيلي الذي أعقب ذلك أجزاء كبيرة من غزة، وأجبر أغلب سكانها البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة على النزوح من منازلهم. ووفقا لأرقام وزارة الصحة الفلسطينية قُتل أكثر من 41 ألف شخص.
وأصيب عدد من الفلسطينيين، مساء السبت، في قصف جوي إسرائيلي استهدف مدرسة تؤوي نازحين جنوب شرقي مدينة غزة. وأقر الجيش الإسرائيلي في بيان على تلغرام بقصف المدرسة. لكنه ادعى استهداف من وصفهم بـ”مجموعة من المخربين عملوا داخل مجمع قيادة وسيطرة، استخدم سابقًا كمدرسة شهداء الزيتون في مدينة غزة”.
وخلال الشهور الماضية، استهدفت إسرائيل العديد من المدارس التي تؤوي نازحين، مرتكبة مجازر بحق المدنيين بداخلها، وخاصة من النساء والأطفال. ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة يواجه الفلسطينيون معاناة النزوح المتكرر، حيث يأمر الجيش الإسرائيلي أهالي مناطق وأحياء سكنية بإخلائها استعدادا لقصفها وتدميرها والتوغل داخلها.
ويضطر الفلسطينيون خلال نزوحهم إلى اللجوء للمدارس أو لمنازل أقربائهم أو معارفهم، والبعض يقيم خياما في الشوارع والمدارس أو أماكن أخرى مثل السجون ومدن الألعاب، في ظل ظروف إنسانية صعبة حيث لا تتوفر المياه ولا الأطعمة الكافية، وتنتشر الأمراض. وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، بلغ عدد النازحين داخل القطاع منذ بدء الحرب، نحو مليوني شخص من أصل 2.4 مليون إجمالي السكان.