ساعة الفيل للجزري تضبط المواقيت من جديد

تعمل ساعة الجزري العربية من خلال مبادئ علمية تتعلق بقياس الوقت، وتستخدم تقنية مائية يونانية لتنظيم الوقت مشابهة لأنظمة الهيدروليك الحديثة، وتمت معايرة الساعة عبر حسابات رياضية دقيقة لضمان دقتها.
الرياض - تتجلى في ساعة الفيل المبادئ العلمية الدقيقة والتقنيات المائية الذكية والهندسة المتقنة والفنون التي تدمج بين ثقافات متنوعة والرياضيات التي تضمن دقة الأداء.
وتعد الساعة التي اخترعها الجزري مثالا حيا على أن الثورات العلمية والتقنية المعاصرة متجذرة بعمق في التراث العربي، وهي رمز الابتكار الدائم الذي يتجاوز حدود الزمان والمكان، ويشكل جزءًا من الحضارة الإسلامية التي مهدت الطريق للثورات الصناعية الكبرى، ويستمر في إلهامنا بما يخدم مستقبل البشرية.
وابتكر الجزري ساعته على شكل فيل يحمل كرسيًّا على كتفيه؛ إذ توجد فوق عمود زوايا الكرسي قلعة ذات قبة صغيرة عليها طائر. وتوجد شرفة على القلعة من ناحية رأس الفيل؛ إذ يجلس رجل داخل الشرفة وعلى جانبيه صقران. بين أعمدة الشرفة يوجد ذراع يلتف حوله ثعبانان، كما توجد نصف كرة على منتصف الكرسي، بالإضافة إلى منصة فيها كاتب بيده قلم. ويوجد على المنصة قوس منقسم إلى سبع درجات ونصف الدرجة، ويجلس سائق الفيل على رقبته ممسكًا في يده اليُمنى فأسًا وفي يده اليسرى عصا، وتوجد زهريتان على جانبي رقبة الفيل.
عندما يصل القلم إلى سبع درجات ونصف الدرجة في نصف ساعة يبدأ الطائر في الغناء ويتلون نصف الفتحة باللون الأبيض. ثم يرفع الرجل الجالس في الشرفة يده اليمنى من على الصقر على الجانب الأيمن ويضع اليسرى على الصقر على الجانب الأيسر. وتقع الكرة من على الصقر على الجانب الأيمن لتدخل فم الثعبان على الجانب الأيمن؛ حيث يحمل الثعبان الكرة إلى الزهرية على كتف الفيل الأيمن.
الساعة العربية التي اخترعها العالم الجزري قبل أكثر من 800 عام، موجودة نسخة طبق الأصل منها في مهرجان العلوم والتقنية "ستيم 2024" الذي تنظمه واحة الملك سلمان للعلوم حتى نهاية شهر سبتمبر الحالي
يقوم سائق الفيل بضرب الفيل على رأسه باستخدام الفأس. ثم يرفع يده الممسكة بالعصا ويضرب الفيل على رأسه. تخرج الكرة من صدر الفيل، ويسقط الجرس المعلق على بطنه؛ ليصدر صوتًا معلنًا أن نصف ساعة قد مرت. يخرج قلم الكاتب من علامة الدرجات، ومن ثمَّ تتكرر نفس العملية عند الصقر والثعبان الموجودين على الجانب الأيسر؛ حيث تصبح الفتحة هذه المرة كلها بيضاء معلنة أن ساعة قد مرت.
والساعة العربية التي اخترعها العالم الجزري قبل أكثر من 800 عام، موجودة نسخة طبق الأصل منها في مهرجان العلوم والتقنية “ستيم 2024” الذي تنظمه واحة الملك سلمان للعلوم حتى نهاية شهر سبتمبر الحالي. وتوجد نسخ مماثلة، إحداها في مول “ابن بطوطة” في دبي وأخرى في أحد المتاحف في سويسرا.
بديع الزمان أَبو العز بن إسماعيل بن الرزاز الجزري، والذي تم تلقيبه بـ”الجزري”، ولد عام 1136م وتوفى عام 1206، وهو عالم عربي يعتبر من أعظم المهندسين والميكانيكيين والمخترعين فى التاريخ، وقد ولد في منطقة جزيرة ابن عمر التي تقع في الأقاليم السورية الشمالية على نهر دجلة، وقد حظي الجزري برعاية الحكام في منطقته، وقد أصبح كبير مهندسي الميكانيكا في البلاط.
صمم آلات كثيرة ذات أهمية بالغة، العديد منها لم يكن معروفا في أي مكان في العالم من قبل، بما في ذلك آلات رفع الماء، وساعات مائية ذات نظام تنبيه ذاتي، وصمامات تحويل، وأنظمة تحكم ذاتي، وكثير غيرها شرحها في مؤلفه الذي أسماه “الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل”.
ابتكر الجزري روبوت في شكل غلام منصب يمسك بيده إبريق ماء، وفي اليد الأخرى منشفة، وعلى عمامته طائر، وعند موعد الصلاة يصفر الطائر، ثم يتقدم الخادم نحو سيده ليصب الماء في الإبريق بمقدار معين، وعقب الانتهاء من الوضوء يقدم له المنشفة، ثم يعود إلى مكانه.
كما ابتكر آلة في شكل “نادلة” لتقديم الشاي والماء ومختلف المشروبات، حيث كانت تقوم بتخزين المشروبات في خزان معين، ثم تقوم بصبه في وعاء. وابتكر أيضا آلة لغسل اليدين تعتمد على التدفق المفاجئ للمياه، وقد تم استخدام هذه الفكرة في تصميم مراحيض التنظيف الحديثة، وتمثلت الآلة في هيئة أنثى تقف في حوض مملوء بالماء، وبعد قيام المستخدم بغسل اليدين وسحب الرافعة تقوم مصارف المياه بمساعدة الأنثى الآلية على إعادة ملء الحوض مرةً أخرى.