اللوبي اليهودي يهز "الفرقة" التقدمية في الحزب الديمقراطي

المواقف من حرب غزة تضغط على بعض أعضاء الحزب الديمقراطي، الذين وجهوا انتقادات لإسرائيل. مجموعات العمل الموالية لتل أبيب تتحرك لقطع الطريق أمام صعود هؤلاء وتضخ لأجل ذلك أموالا كثيرة وتعمل على كسب ود الناخبين.
واشنطن- من المنتظر أن تتقلص “الفرقة” (مجموعة المشرعين التقدميين في مجلس النواب) في 2025 بعد أن تكبد عضوان هزائم أولية في هذه الدورة الانتخابية إثر فيض غير مسبوق من الإنفاقات على هذا السباق.
وشهد الصيف الخسائر الأولية للنائبين كوري بوش في ميسوري وجمال بومان في نيويورك. ووجهت ضربة للفرقة التقدمية، التي حشدت نفوذا كبيرا داخل الحزب الديمقراطي منذ صعوده الأوّلي في 2018.
وأصبحت مجموعة المشرعين السود والسمر (بمن فيهم النائبات رشيدة طليب وألكساندريا أوكاسيو كورتيز وسمر لي) هدفا للجان العمل السياسي المؤيدة لإسرائيل مثل لجنة الشؤون العامة الأميركية – الإسرائيلية (أيباك) في أواخر العام الماضي بعد أن انتقد الأعضاء رد إسرائيل على هجوم 7 أكتوبر الذي شنته حماس.
وبعد ثمانية أشهر، ساعدت لجنة العمل السياسي الفائقة التابعة لأيباك، مشروع الديمقراطية المتحدة، في الإطاحة ببوش وبومان بعد ضخ حوالي 25 مليون دولار مجتمعة في تلك السباقات.
لكن عوامل أخرى ساهمت في هزيمة بوش وبومان إضافة إلى موقفهما من إسرائيل، مما أثار تساؤلات حول مدى رفض الناخبين لسياساتهما التقدمية.
وفازت عضو في الفرقة، النائبة إلهان عمر من مينيسوتا، بسهولة في الانتخابات التمهيدية يوم الثلاثاء ضد منافس مخضرم رغم موقفها المشابه لبوش وبومان على مدى العامين الماضيين وكونها منتقدة صريحة لإسرائيل.
كان بومان ضعيفا بشكل خاص خلال هذه الدورة الانتخابية بسبب إعادة تقسيم الدوائر في المنطقة 16 في نيويورك.
وألغت الخريطة الجديدة لمنطقته معظم أقسام برونكس وأضافت المزيد من ضواحي مقاطعة ويستتشستر، مما قلّص عدد الناخبين السود الذين كانوا مفتاحا كبيرا لجهود إعادة انتخاب بومان.
وواجه بومان منافسا قويا، وهو جورج لاتيمر، الوسطي المتمتع بأكثر من ثلاثة عقود من الخبرة السياسية في منطقة ويستتشستر.
ودخل لاتيمر السباق بدعم من القادة اليهود في المنطقة الذين كانوا مستائين من موقف بومان النقدي من إسرائيل. كما تمتع بدعم مالي ضخم من مشروع الديمقراطية المتحدة، الذي ضخ حوالي 15 مليون دولار في السباق لدعمه.
وتشكلت المنافسة إلى حد كبير من موقف بومان من إسرائيل. وهاجمه لاتيمر باعتباره أكثر تركيزا على إسرائيل من احتياجات المنطقة. كما استعرض معرفته الإقليمية العميقة ليوضح للناخبين أنه سيكون عضوا أكثر فاعلية في الكونغرس.
واضطر بومان، الذي كان يسعى للفوز بولاية ثالثة، إلى درء الانتقادات المستمرة بشأن إطلاق إنذار حريق في مبنى مجلس النواب بينما كان المشرعون يعملون على مشروع قانون التمويل. وقال إنه كان غير مقصود، لكن الحادث أثار موجات من التغطية المحرجة وعرضه لتوبيخ مجلس النواب.
ولم يكن تركيز إعلانات الحملة ضد بوش خلال الأسابيع الأخيرة في مقاطعة ميسوري الأولى قبل الانتخابات التمهيدية في أغسطس ضد المدعي العام لمقاطعة سانت لويس ويسلي بيل في انتقادها اللاذع لإسرائيل وبنيامين نتنياهو. ولكن الأنظار توجهت بدلا من ذلك إلى تصويت شاركت فيه هي وخمسة من زملائها في الفرقة في أواخر 2021.
وبدأ مشروع الديمقراطية المتحدة، الذي أنفق أكثر من 8.4 مليون دولار ضد بوش، بث إعلانات عبر وسائل الإعلام المحلية سلطت الضوء على تصويت المرشحة البالغة من العمر 48 عاما ضد مشروع قانون البنية التحتية من الحزبين الذي وقعه الرئيس جو بايدن ودعمته غالبية الديمقراطيين في الكونغرس.
وقال أحد الناخبين خلال الإعلان الذي استمر 30 ثانية “كان مشروع قانون البنية التحتية هذا الذي أقره جو بايدن مفيدا جدا للعاملين في سانت لويس. وصوتت كوري بوش ضده”. وأضاف آخر “لقد صوتت ضد وظائفنا”.
ودافع بوش وبومان وعمر وغيرهم من التقدميين عن تصويتهم ضد مشروع القانون في ذلك الوقت، واعتبروه ضروريا في فترة يعملون فيها على تمرير حزمة اجتماعية وبيئية منفصلة. لكن تصويتهم على مشروع القانون أصبح قضية قوضت حملة بوش.
ويقول حلفاء بوش إن حملة إلحاق الهزيمة بها لم تكن ممكنة لو لم ينل بيل دعم جماعات خارجية مثل مشروع الديمقراطية المتحدة، الذي أنفق أكثر من 400 ألف دولار لبث اللقطة التي استمرت نصف دقيقة، وفقا لبيانات شركة آد إمباكت التي تتبع وسائل الإعلام.
وقال أسامة أندرابي، المتحدث باسم الديمقراطيين التقدميين، لوكالة أسوشيتد برس “إذا سألت أيّ ناخب من أيّ من هذه المناطق في بداية هذه الدورة عن صوت أعضاء الكونغرس على مشروع قانون البنية التحتية، لما أجابك أحد. لم يكن أحد يفكر في تصويت حدث قبل ثلاث سنوات لمشروع قانون أمكن تمريره”.
كما واجهت بوش سلسلة من الفضائح العامة والشخصية الخاصة خلال السنوات القليلة الماضية، بما في ذلك تحقيق مستمر لوزارة العدل في إنفاقها على حملتها الانتخابية.
وفي منطقة مينيسوتا الخامسة، تمكنت إلهان عمر من تجنب مصير زميليها في الفرقة. وكانت العديد من الأمور تسير لصالحها. أولا، كانت عضو الكونغرس أفريقية المولد، التي كسرت العديد من السوابق منذ انتخابها لمجلس النواب في 2018، تتمتع بميزة خلال الانتخابات التمهيدية يوم الثلاثاء. وكانت قد هزمت منافسها من قبل.
وانهزم عضو مجلس مدينة مينيابوليس السابق دون صامويلز بفارق نقطتين مئويتين أمام عمر في 2022 رغم مساعدة مشروع الديمقراطية المتحدة الذي أنفق مبلغا يتشكل من ستة أرقام في السباق. وتناول المشرع في الفترة الثالثة التهديد الذي يشكله صامويلز والتدفق المحتمل لأموال أيباك بجدية أكبر.
وقال أندرابي “أعتقد أن عضو الكونغرس وفريقها أدركوا الحاجة إلى بذل الجهود لتذكير مواطني تلك المنطقة بنوع القيادة التي جلبتها. وأعتقد أنها جسدت ذلك”.
كما جمعت عمر الكثير من الأموال للانتخابات التمهيدية، حيث ذكرت حملتها أنها جمعت حوالي 6.2 مليون دولار. وجمع صامويلز في المقابل حوالي 1.4 مليون دولار.
وقال صامويلز في مقابلة حديثة مع وكالة أسوشيتد برس “ما كنت أتمناه هو أن اللعب القوي على الأرض والاهتمام بتفاصيل الأشخاص الذين شعروا بالإهمال ستتفوق على تفوق الدولارات الساحق. من الواضح أن المال كان مهمّا في السياسة بدرجة أكثر قليلا مما كنت أتمنى”.
وساعدت ميزة عمر الكبيرة في جمع التبرعات، إضافة إلى تأييد الحزب الديمقراطي في مينيسوتا والقادة التقدميين مثل السيناتور بيرني ساندرز من فيرمونت، على الفوز بنحو 14 نقطة.
وربما كان العامل الأكثر أهمية في سباقها يكمن في أن مجموعات مثل أيباك لم تتدخل في النهاية، رغم تهديدها بالإطاحة بأيّ مرشح تعتبره غير مؤيد لإسرائيل بما فيه الكفاية.
اقرأ أيضا:
• هاريس تقلب مزاج الديمقراطيين من الخوف مع بايدن إلى الحماسة