اليابان تطور أول نظام ذكاء اصطناعي مستقل للبحوث العلمية

باحثون يأملون أن يتحلى عالم الذكاء الاصطناعي الياباني بالمصداقية، خاصة بعد تسجيل حالات في الآونة الأخيرة لظاهرة الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي في إعداد المنشورات العلمية.
الجمعة 2024/08/16
الذكاء الاصطناعي مصنع لإصدار الدراسات الزائفة

طوكيو- طورت شركة البحث والتطوير “ساكانا أي.آي” في اليابان أول نظام ذكاء اصطناعي قادر على إجراء البحوث العلمية بشكل مستقل.

وفي مدونة نشرتها الشركة على موقعها الإلكتروني، الثلاثاء، أعلنت عن تطوير أول “عالم ذكاء اصطناعي” نتيجة العمل المشترك مع مختبرات فورستر وجامعة أكسفورد وجامعات أخرى كثيرة.

وذكرت أن عالم الذكاء الاصطناعي المطور يستطيع استخدام نظام التعلم الآلي للاكتشافات والأبحاث العلمية. وأوضحت أن النظام الجديد يمكنه فحص الأبحاث الحالية وتقديم أفكار بحثية جديدة، وكتابة أكواد للبحث.

وأفادت أنه يمكنه تلخيص نتائج البحث وتقديم نتائجه الخاصة على شكل بحث علمي. وأشارت الشركة إلى أن نظامها يستطيع مراجعة المقالات التي أنشأها الذكاء الاصطناعي بدقة قريبة من دقة الإنسان، وتقليد بيئة المجتمع العلمي التي ينشئها العلماء.

60

ألف مقال علمي مزيف اكتشفها أمين مكتبة يونيفيرسيتي كولدج أندرو غراي خلال عام 2023

ولفتت إلى أن الأبحاث التي من المزمع أن يجريها نظام الذكاء الاصطناعي ستتمحور حول أنظمة التعلم الآلي وكتابة الأكواد، إضافة إلى كتابة مقالات أكاديمية حول هذه الموضوعات.

ويأمل باحثون أن يتحلى عالم الذكاء الاصطناعي الياباني بالمصداقية، خاصة بعد تسجيل حالات في الآونة الأخيرة لظاهرة الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي في إعداد المنشورات العلمية، على حساب جودتها، منها احتواء دراسات في بعض المجلات المتخصصة على عبارات تفضح إنتاجها بواسطة البرامج القائمة على هذه التكنولوجيا، أو تضمنها مثلا صورا تفتقر إلى الدقة.

ومع أن المتخصصين الذين استطلعت آراؤهم أقرّوا بأهمية استخدام أدوات مثل تشات جي.بي.تي للمساعدة في كتابة المحتوى، لاسيما في ما يتعلق بالترجمة للباحثين الذين لا تكون الإنجليزية لغتهم الأم، فإن سحب بعض المجلات العلمية في الآونة الأخيرة عددا من الدراسات التي نشرتها سلّط الضوء على وجود ممارسات غير نزيهة.

ففي الشهر الفائت، سُحبت دراسة أخرى لتضمّنها صورة لساق بشرية تحوي عددا من العظام أكبر مما يُفترض أن تحوي فعليا.

ولاحظ عدد من المتخصصين أن هذه الأخطاء المحرجة التي سها عنها الخبراء المسؤولون عن قراءة الدراسات قبل نشرها، لا تزال نادرة، ولم تكن لتمرّ على لجان مراجعة الأبحاث في المجلات المرموقة. وغالبا ما يصعب اكتشاف استخدام الذكاء الاصطناعي، ولكن يبدو بوضوح أنه يتزايد في الأدبيات العلمية.

وأجرى أمين مكتبة جامعة “يونيفيرسيتي كولدج” اللندنية أندرو غراي بحثا في الملايين من المقالات العلمية عن كلمات تُكثر أدوات الذكاء الاصطناعي من استخدامها، مثل “دقيق” أو “معقد” أو “جدير بالثناء”. وتبيّن له أن الذكاء الاصطناعي استُخدم على الأرجح في 60 ألف مقال علمي عام 2023، أي بنسبة واحد في المئة من الإنتاج السنوي، متوقعا “زيادة كبيرة” في هذه الأرقام سنة 2024.

أما جمعية “ريتراكشن ووتش” الأميركية، فلاحظت أن حالات سحب المقالات العلمية بلغت رقما قياسيا عام 2023 هو 13 ألفا. ورأى إيفان أورانسكي، وهو أحد مؤسسيها، أن الذكاء الاصطناعي بات يوفّر ما يشبه “المصانع” لإصدار الدراسات “الزائفة” بكثافة.

الأبحاث التي من المزمع أن يجريها نظام الذكاء الاصطناعي ستتمحور حول أنظمة التعلم الآلي وكتابة الأكواد، إضافة إلى كتابة مقالات أكاديمية حول هذه الموضوعات

وتنتج هذه الجهات عددا كبيرا من المقالات رديئة الجودة أو المنحولة أو الكاذبة، على ما أفادت عالمة الأحياء الدقيقة الهولندية المتخصصة في الكشف عن الصور المزيفة إليزابيث بيك.

ويُعتقد أن هذه “المصانع” التي يدفع لها الباحثون الذين يتم حضّهم على إنتاج المزيد، هي مصدر نحو 2 في المئة من الدراسات المنشورة سنويا، لكنّ هذا الرقم يشهد زيادة كبيرة بفعل استخدام الذكاء الاصطناعي، وفقا للخبيرة نفسها.

ورأى إيفان أورانسكي أن الذكاء الاصطناعي يفاقم “مشكلة ساحقة”، تتمثل في كون طلب الناشرين والجامعات النهم على المقالات يشكّل ضغطا على الباحثين الذين يُصنفون وفقا لإنتاجهم، مما يؤدي تاليا إلى “حلقة مفرغة”.

وفي الوقت نفسه، لا تزال الضوابط الهادفة إلى مكافحة “مصانع” الدراسات غير كافية. وكان استحواذ شركة “وايلي” الأميركية على دار “هنداوي” للنشر عام 2021 العامل الأبرز في كشف مشكلة عمليات الاحتيال الضخمة، إذ أعقبه سحب نحو 11300 مقال سبق أن نشرتها هنداوي. وسعيا إلى حل هذه المشكلة المتنامية، وفرت وايلي خدمة “رصد مصانع المقالات” لكشف إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي، وهذه الخدمة نفسها قائمة على الذكاء الاصطناعي.

إلاّ أن باحثا أميركيا اكتشف الأسبوع الفائت في مجلة وايلي ما يبدو أنه نسخة من إحدى مقالاته أعيدت كتابتها بواسطة تشات جي.بي.تي.

وقال أستاذ المعلوماتية الحيوية في جامعة بريغهام يونغ الأميركية سامويل إنه كُلِّف في مارس – آذار الفائت بالتحقق من صحة هذه الدراسة، ليكتشف أنها عبارة عن “سرقة أدبية” لدراسته التي أعيدت كتابتها بواسطة الذكاء الاصطناعي.

12