فرضية جديدة حول علاقة الرياضة بالمزاج

التمارين الرياضية تقلل الالتهاب وتعزز وظيفة الدوبامين وتحفز الدافع.
الأحد 2024/08/04
الجري يساعد على إفراز هرمون السعادة

يربط الخبراء بين ممارسة التمارين الرياضية وتحسين المزاج حيث إن ممارسة الرياضة تحفز الدافع وهو ما يعتبره الخبراء نقطة أساسية في تقليل حدة الاكتئاب والقضاء عليه. ويرتبط الاكتئاب بالتهاب مرتفع ناتج عن استجابة مناعية للجسم، كما يعطّل انتقال الدوبامين المعروف بهرمون السعادة. وبإمكان ممارسة الرياضة أن تقلل من حدة الالتهابات وبالتالي تقضي على الاكتئاب وتحسن المزاج.

لندن ـ درس باحثو جامعة “كوليدج لندن” آلية العمليات التي تحدث في الدماغ والجسم عند ممارسة التمارين الرياضية، والتي من شأنها تخفيف أعراض الاكتئاب.

ويرتبط الاكتئاب باضطرابات دماغية ونفسية، بما في ذلك ضعف التعلم والذاكرة. وتبين أن النشاط البدني، وخاصة التمارين الهوائية، يقلل من أعراض الاكتئاب، ولكن الآلية وراء ذلك لا تزال غامضة نوعا ما.

واقترح الباحثون فرضية جديدة لفهم التأثيرات المضادة للاكتئاب الناتجة عن ممارسة التمارين الرياضية. ويعتقد فريق البحث أن العملية قد تعتمد على الدافع، وهو أمر مهم للغاية لتخفيف أعراض الاكتئاب، مثل انعدام المتعة وانخفاض الطاقة و”ضبابية الدماغ”.

ودرس الفريق أوراقا بحثية “استكشفت آليات الاكتئاب لدى كل من البشر والحيوانات”، وخلصت إلى أن الاكتئاب يرتبط بالتهاب مرتفع (ناتج عن استجابة مناعية للجسم)، كما يعطّل انتقال الدوبامين (هرمون السعادة)، وقد تمثل هذه التغيرات البيولوجية عمليات رئيسية تؤدي إلى تغييرات في الدافع، وخاصة انخفاض الرغبة في بذل جهد بدني أو عقلي.

وفي الوقت نفسه، تعمل التمارين الرياضية على تقليل الالتهاب، وتعزيز وظيفة الدوبامين، وبالتالي تحفز الدافع.

ويعتقد الباحثون أن هذا قد يكون سببا مهما لتأثيرالتمارين الرياضية المضاد للاكتئاب.

وقالت المعدة الرئيسية إميلي هيرد من معهد علوم الأعصاب الإدراكية بجامعة كوليدج لندن “تم إثبات التأثير المضاد للاكتئاب الناجم عن التمارين الهوائية بشكل مقنع من خلال التجارب العشوائية الخاضعة للرقابة، لكن آليتها غير مفهومة جيدا. ويرجع هذا جزئيا إلى أنها تنطوي على مجموعة متنوعة من العمليات البيولوجية والنفسية. على سبيل المثال، إلى جانب تأثيرها الإيجابي على الالتهاب والدوبامين، تعمل التمارين الرياضية أيضا على تقليل الإجهاد التأكسدي وتحسين احترام الذات والكفاءة الذاتية”.

التأثير المضاد للاكتئاب الناجم عن التمارين الهوائية تم إثباته بشكل مقنع من خلال التجارب الخاضعة للرقابة

وأضافت “ومع ذلك، فإننا نقترح أن ممارسة الرياضة تقلل من الالتهاب وتعزز انتقال الدوبامين، ما يزيد بدوره من الرغبة في بذل الجهد، وبالتالي يعزز الدافع بشكل عام”.

ويأمل الفريق أن تساعد النتائج في تطوير إستراتيجيات علاجية جديدة للاكتئاب، مثل برامج التمارين الرياضية الشخصية.

وخلصت هيرد بالقول “إن معالجة العوائق التي تحول دون ممارسة التمارين الرياضية، وخاصة لدى الأشخاص المصابين بالاكتئاب، أمر بالغ الأهمية، حيث قد يكون النشاط البدني المنتظم قادرا على تخفيف الأعراض وتحسين الحالة المزاجية”.

وتظهر الأبحاث الخاصة بالاكتئاب والقلق أن التمارين الرياضية وغيرها من الأنشطة البدنية قد تساعد على الحد من القلق وتحسين المزاج وتخفيف المشكلات الصحية الأخرى.

وتساعد ممارسة التمارين الرياضية في الوقاية من عدة مشاكل صحية أو تخفيفها، بما في ذلك ضغط الدم المرتفع والسكري والتهاب المفاصل. وتوضح الأبحاث التي أجريت على الاكتئاب والتوتر وعلاقتهما بممارسة الرياضة أن فوائد الصحة العقلية والبدنية للرياضة يمكن أن تساعد في تحسين الحالة المزاجية وتحد من الشعور بالقلق.

ويشير الخبراء إلى أن العلاقة بين الشعور بالاكتئاب والقلق وممارسة الرياضة ليست واضحة بما يكفي. إلا أن ممارسة التمارين وغيرها من أشكال النشاط البدني يمكن أن تساعد في تخفيف أعراض الاكتئاب أو القلق، وتجعل الشخص يشعر بالتحسن. وقد تساعد ممارسة التمارين الرياضية أيضًا في عدم الشعور بالاكتئاب والقلق مرة أخرى بعد شعورالشخص بالتحسن.

وقد تساعد ممارسة التمارين بانتظام على تخفيف الاكتئاب والقلق من خلال:

  • إفراز الإندورفينات التي تعزز الشعور الجيد. والإندورفينات وهي مواد كيميائية طبيعية موجودة في الدماغ يمكنها أن تعزز الإحساس بالعافية.
  • نزع مسببات القلق من فكر الشخص. فمن شأن الانشغال بأشياء أخرى عن القلق أن يساعد على التخلص من دوامة الأفكار السلبية التي تزيد من الاكتئاب والقلق.

    ممارسة الرياضة تعمل على زيادة تحفيز إنتاج الإندورفين وهي عبارة عن هرمونات تؤدي إلى الشعور بالابتهاج ومسكن طبيعي للألم

     

وتمنح ممارسة الرياضة بانتظام فوائد نفسية وعاطفية عديدة أيضا. فيمكن أن تساعد الشخص على:

  • اكتساب الثقة: يعزز تحقيق أهداف ممارسة التمارين أو التحديات، حتى الصغير منها، الثقة في النفس. ويمكن أن تمنح الشخص استعادة لياقته وشعورا أفضل إزاء مظهره.
  • زيادة التفاعل الاجتماعي: يمنح التمرين والنشاط البدني فرصة الالتقاء بالآخرين والتفاعل معهم. وقد يساعد مجرد تبادل ابتسامة أو تحية ودية والشخص يتنزه في الحي الذي يسكن فيه على تحسين مزاجه.
  • التعايش الصحي: من إستراتيجيات التعايش الصحية فعل أمر إيجابي للسيطرة على الاكتئاب أو القلق. فمحاولات الشخص للشعور بالتحسن عن طريق تناول الكحوليات أو الغرق في مشاعره أو مجرد تمني زوال الاكتئاب أو القلق دون تدخل قد تأتي بنتائج عكسية وتؤدي إلى مفاقمة الأعراض.

وتنعكس ممارسة الرياضة بشكل إيجابي على صحة الإنسان الجسدية والنفسية، حيث أصبح من المعروف الآن أن النشاط الجسماني يساهم في تقليل خطر الإصابة بالاكتئاب كما يساعد الأشخاص المصابين به في تخطي الحالة وعلاجها، إلى جانب المشاكل النفسية الأخرى المختلفة.

وقد تناولت دراسات عديدة هذا الموضوع مؤخرا لأهميته، وفي بحث أجري من قبل 200 طبيب بريطاني في المجال النفسي، وجدوا أن 22 في المئة من الأطباء يوصون بممارسة الرياضة والنشاط الجسماني لأثرها الجيد على الصحة النفسية للفرد.

وأوصت منظمة الصحة بضرورة تشجيع مرضى الاكتئاب على ممارسة الرياضة وليس فقط تناول الأدوية المضادة للاكتئاب، فالرياضة تساعد الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب الطفيف في موضوع تعزيز تقييهم لنفسهم، وزيادة شعورهم بالسعادة.

فممارسة الرياضة تعمل على زيادة تحفيز إنتاج الإندورفين وهي عبارة عن هرمونات تؤدي إلى الشعور بالابتهاج ومسكن طبيعي للألم، بالتالي ممارستها بشكل منتظم ومستمر من شأنها أن تساعد المرضى في التخلص من الاكتئاب، كما تقلل من خطر إصابة الآخرين به.

وعندما يصاب الشخص بالاكتئاب أو مشاكل نفسية أخرى فإنه غالبا ما يشعر بعدم السيطرة على حياته، ولكن عن طريق ممارسة التمارين الرياضية سيتمكن المرضى من استرجاع السيطرة على أجسامهم، لتكون بذلك هذه الخطوة الأولى للسيطرة على الأمور الأخرى التي تدور بحياتهم.

فمن أجل البقاء بصحة جيدة، يجب على البالغين القيام بحوالي 150 دقيقة من النشاط البدني والرياضة المعتدلة والشديدة بشكل أسبوعي، ففي حال عدم ممارسة الرياضة لفترة من الوقت، يجب أن يعود الشخص إليها بشكل تدريجي، حتى إن المشي لـ15 دقيقة من شأنه أن يساعد على صفاء العقل والاسترخاء والتخلص من أعراض الاكتئاب.

14