وباء الحرارة الشديدة يصيب الجميع بنسب متفاوتة

الخطر الداهم يحفز على اتخاذ إجراءات عاجلة.
السبت 2024/08/03
قسوة الطبيعة

وصلت درجة الحرارة المرتفعة إلى مرحلة الخطر الداهم، ما ينبئ بضرر سيصيب خاصة العمال والمجتمعات الفقيرة لذلك أصبح البحث عن الحلول ضرورة قصوى لقصر ارتفاع درجة الحرارة عند حد 1.5 درجة مئوية بموجب اتفاقية باريس.

نيويورك - قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن العالم “يجب أن يرقى إلى مستوى تحدي ارتفاع درجات الحرارة” مطلقا دعوة للعمل بشأن الحرارة الشديدة وتأثيرها على المجتمع والبيئة.

وأعلن الأمين العام أنطونيو غوتيريش عن إطلاق تقرير مشترك مستمد من خبرات عشر منظمات تابعة للأمم المتحدة، بما يشمل اليونيسف ومنظمة العمل الدولية ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية ومنظمة الصحة العالمية. وتستعرض الدعوة تأثير الحرارة الشديدة متعدد الأبعاد على الأشخاص وسبل العيش، وكل هذا من دلالات أزمة المناخ.

وتستهدف دعوة الأمم المتحدة للعمل أربعة مجالات رئيسية في الجهود المبذولة لمكافحة الحرارة الشديدة. وتكمن في توفير الرعاية للفئات الأكثر ضعفا، وحماية العمال، وتعزيز مرونة الاقتصادات والمجتمعات من خلال البيانات والعلوم، والاستثمار في الطاقة المتجددة والتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، وبالتالي الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية بموجب اتفاقية باريس.

وكان يونيو 2024 هو الشهر الثالث عشر على التوالي الذي اعتبر الأكثر سخونة على الإطلاق. ويحذر الخبراء من أن درجات الحرارة العالمية القياسية المتتالية تدل على أن متوسط درجات الحرارة سيرتفع خلال السنوات القادمة أيضا، وعلى أن بعض المناطق ستصبح غير صالحة للسكن حيث لن يكون البشر قادرين جسديا على تحمل الحرارة.

◙ معظم الضحايا من العمال
◙ معظم الضحايا من العمال

وتتوقع الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في التقرير أن أميركا الوسطى والجنوبية وجنوب أوروبا وجنوب آسيا وجنوب شرقها وأفريقيا ستسجل أكثر الوفيات المرتبطة بالحرارة بحلول سنة 2100.

وقال غوتيريش، إن “مليارات الأشخاص يواجهون وباء الحرارة الشديدة، ويعانون تزايد موجات الحر القاتلة، مع تسجيل درجات حرارة تتجاوز 50 درجة مئوية في جميع أنحاء العالم.. وهي في منتصف الطريق إلى الغليان”. وشدد على هذه النقطة من خلال الإشارة إلى الحوادث العالمية الأخيرة، مثل موجة الحر في منطقة الساحل خلال أبريل الماضي ووفاة أكثر من 1300 حاج في المملكة العربية السعودية هذا العام.

ويبرز تأثير الحرارة الشديدة حتى الآن عبر سبل العيش والبيئة. لكنها لا تؤثر على الجميع على قدم المساواة. ويمكن لعوامل متعددة، مثل الجنس والعمر والحالات الطبية الموجودة مسبقا، تغيير حدة التأثير. ويعدّ الأشخاص الأكثر عرضة لتأثير درجات الحرارة لهذا هم كبار السن وذوو الإعاقة والنساء الحوامل والأطفال. كما تعدّ نوعية السكن عاملا أيضا.

ويحدد التقرير أن الفقراء هم الأكثر عرضة للخطر، وعلى وجه التحديد الأشخاص الذين يعيشون في مساكن تفتقر إلى إمكانية الحصول على التبريد أو التهوية المناسبة. وتبقى المناطق الحضرية أكثر دفئا مقارنة بالمناطق الريفية.

◙ بعض المناطق ستصبح غير صالحة للسكن حيث لن يكون البشر قادرين جسديا على تحمل الحرارة القياسية المتتالية

وتتحمل المدن العبء الأكبر بسبب بيئتها المبنية والازدحام واستخدام الطاقة المركز وامتصاص الحرارة من الخرسانة ومواد البناء الأخرى. ويعرف هذا باسم تأثير جزيرة الحرارة الحضرية.كما يتعرض عدد كبير من العاملين بشكل غير متناسب للحرارة المفرطة.

ويشير تقرير جديد لمنظمة العمل الدولية إلى أن ما لا يقل عن 70 في المئة من السكان العاملين في العالم، أو 2.41 مليار عامل، معرضون لخطر التعرض لدرجات حرارة عالية، مما يؤدي إلى إصابة 22.85 مليون شخص، وتسجيل ما لا يقل عن 18.970 حالة وفاة سنويا.

ويعدّ العمال في أفريقيا والدول العربية وآسيا والمحيط الهادئ من بين الأكثر تضررا بنسبة 93 في المئة و84 في المئة و75 في المئة على التوالي. كما أثر ارتفاع درجات الحرارة على الإنتاجية التي انخفضت بنسبة 50 في المئة. ويوصي التقرير باتخاذ تدابير لحماية صحة جميع العمال من خلال نهج قائم على الحقوق، إضافة إلى آليات الإبلاغ والمراقبة للحوادث الناجمة عن الإجهاد الحراري.

ويعتبر الإجهاد الحراري السبب الرئيسي للوفيات المرتبطة بالطقس. كما يمكن أن يسبب التعرض العالي للحرارة ضربات الشمس، وهي حالة طبية طارئة قاتلة. ويمكن أن يزيد التعرض المستمر من خطر الإصابة بحالات طبية أخرى، مثل مشاكل الكلى والقلب والأوعية الدموية والسكري والصحة العقلية ويعزز انتقال الأمراض المعدية.

◙ حرارة لا تستثني أحدا
◙ حرارة لا تستثني أحدا

ويمكن أن تسلّط القضايا الصحية الناجمة عن التعرض للحرارة الشديدة المزيد من الضغط على خدمات الرعاية الصحية، لكن المرافق الصحية بالمناطق الأكثر تعرضا لا تتمتع بالموارد الكافية لمعالجتها. وتُحسّ الحرارة الشديدة عبر قطاعات إضافية متعددة. ويمثل استخدام مكيفات الهواء وأنظمة التبريد الأخرى 20 في المئة من الاستهلاك العالمي للكهرباء، بينما لايزال اعتماد حرق الوقود الأحفوري معتمدا لتوليد أكثر من نصف الكهرباء.

وسجل قطاع الأغذية والزراعة انخفاض المحاصيل بنسبة 45 في المئة خلال 2022 بسبب درجات الحرارة القصوى والظواهر مثل الجفاف وحرائق الغابات. وقال غوتيريش، “تضخم الحرارة الشديدة عدم المساواة، وتؤجج انعدام الأمن الغذائي، وتدفع الناس إلى المزيد من الفقر”.

ودعا المجتمع الدولي والقطاعين العام والخاص والحكومات إلى بذل جهود مركزة لمعالجة هذه القضية. كما كرر مطالبته بالتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري بصفته مصدرا للطاقة، وخص بالذكر دول مجموعة العشرين لتجديدها اتفاقيات لتراخيص النفط والغاز.

واعتبر أن “المشكلة هي أن تغير المناخ يسير بشكل أسرع من جميع التدابير الموضوعة الآن لمكافحته. ومن المهم لهذا السبب أن ندرك حاجتنا إلى تسريع هائل لجميع أبعاد العمل المناخي”. كما يشير التقرير إلى طرق الحد من تداعيات مخاطر الحرارة الشديدة. ويمكن أن يوفر الاستثمار في المخاطر المهنية والسلامة المعقولة ما يصل إلى 361 مليار دولار. كما يمكن أن توفر الإجراءات المركزة للحد من الطلب على الطاقة في قطاع التبريد ما يصل إلى تريليون دولار على مستوى العالم بحلول 2050.

لقد أدى تغير المناخ الذي شهدته السنوات الأخيرة إلى درجات حرارة غير طبيعية وظواهر مناخية كافحت البلدان المتقدمة أيضا للتعامل معها للحد من التداعيات الخطيرة على سكانها. ولا تستثني موجات الحر الغرب، لذلك يأمل غوتيريش أن يحفز الخطر على اتخاذ إجراءات عاجلة وفورية. وقال “يشعر الآن بالحرارة أولئك الذين يتمتعون بالقدرة على صنع القرار”.

◙ الطاقة النظيفة هي الحل
◙ الطاقة النظيفة هي الحل

16