الأسد لا يرغب في لقاء رفع عتب مع أردوغان

الرئيس السوري يبدي انفتاحا على لقاء نظيره التركي لكنه يشترط أن تكون مرجعية اللقاء إنهاء الأسباب التي أدت إلى القطيعة بين دمشق وأنقرة.
الاثنين 2024/07/15
الأسد يريد معالجة المشكلة مع أردوغان من جذورها

دمشق - عبر الرئيس السوري بشار الأسد اليوم الاثنين عن انفتاحه على لقاء نظيره التركي رجب طيب أردوغان، إلا أنه أوضح أن المشكلة ليست في اللقاء في حدّ ذاته إنما في مضمونه، مضيفا أنه مستعد لذلك إذا كان اللقاء يحقق مصلحة بلاده.

وجاءت تصريحات الأسد بعد إشارة أردوغان في السابع من يوليو إلى أنه قد يدعو الأسد إلى تركيا "في أي وقت"، ثم إعلانه السبت عن نهاية وشيكة لعملية عسكرية تنفذها قواته في شمال سوريا والعراق المجاور منذ نحو عامين.

وقال الرئيس السوري للصحافيين على هامش اقتراعه في الانتخابات التشريعية في مركز انتخابي في دمشق "إذا كان اللقاء (مع أردوغان) يؤدي لنتائج أو إذا كان العناق أو العتاب  يحقق مصلحة البلد، فسأقوم به"، مضيفا "لكن المشكلة لا تكمن هنا وإنما في مضمون اللقاء".

وسأل "ما هي مرجعية اللقاء، هل ستكون إلغاء أو إنهاء أسباب المشكلة التي تتمثل بدعم الإرهاب وانسحاب القوات التركية من الأراضي السورية؟"، مضيفا "هذا هو جوهر المشكلة".

وتابع "إذا لم يكن هناك نقاش حول هذا الجوهر فماذا يعني لقاء" أردوغان؟ مؤكدا في الوقت ذاته أن "المهم أن نصل إلى نتائج إيجابية تحقق مصلحة" البلدين.

وردا على أسئلة الصحافيين، شدد الأسد على أن "اللقاء ضروري بغض النظر عن المستوى" لافتا إلى "لقاء يرتب على المستوى الأمني من قبل بعض الوسطاء".

وتشترط دمشق منذ العام 2022 أن تسحب تركيا قواتها التي تسيطر على شريط حدودي واسع في شمال البلاد وتحظى بنفوذ في شمال غربها، كمقدمة للقاء الأسد وأردوغان وعودة العلاقات تدريجيا إلى طبيعتها.

وقبل اندلاع النزاع عام 2011، كانت تركيا حليفا اقتصاديا وسياسيا أساسيا لسوريا. وجمعت أردوغان علاقة صداقة بالأسد، لكن العلاقة بينهما انقلبت رأسا على عقب مع بدء الاحتجاجات ضد النظام.

وكانت أنقرة قد دعت بداية حليفتها إلى إجراء إصلاحات سياسية، لكن مع قمع التظاهرات بالقوة وتحولها تدريجا إلى نزاع دام، دعا أردوغان الذي كانت بلاده تدعم بقوة حركات الإسلام السياسي، الأسد إلى التنحي.

وفي مارس 2012، أغلقت تركيا سفارتها في دمشق. وقدمت دعما للمعارضة السياسية. وتحولت اسطنبول مقرا للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أبرز مكونات المعارضة السياسية، قبل أن تبدأ بدعم الفصائل المعارضة المسلحة.

وبعد قطيعة استمرت 11 عاما، برزت صيف عام 2022 مؤشرات تقارب بين الطرفين، مع دعوة وزير الخارجية التركي حينها مولود تشاوش أوغلو إلى مصالحة بين النظام والمعارضة. ولم يستبعد أردوغان مرارا احتمال لقائه الأسد.

ورغم تنفيذ تركيا منذ 2016 ثلاث عمليات ضد المقاتلين الأكراد، مكّنتها من السيطرة على أراض سورية حدودية واسعة، إلا أنها لم تدخل في مواجهة مباشرة مع دمشق إلا في العام 2020، بعد مقتل عدد من عناصرها بنيران قوات النظام في شمال غرب البلاد. وهدأت الأمور بعد وساطة من روسيا التي تعمل على تقريب وجهات النظر بين الطرفين.

وثمة مؤشرات على احتمال حدوث تقارب بين دمشق وأنقرة، لكنها تثير مخاوف القاطنين في مناطق سيطرة الفصائل الجهادية والمعارضة في إدلب ومحطيها في شمال غرب البلاد وكذلك الإدارة الذاتية التي يقودها الأكراد في شمال شرق البلاد.

وتشهد سوريا منذ العام 2011 نزاعا داميا تسبب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص، وألحق دمارا واسعا بالبنى التحتية واستنزف الاقتصاد. وشرّد وهجّر أكثر من نصف عدد السكان داخل البلاد وخارجها.

وتمكن الأسد بدعم من روسيا وإيران وحزب الله اللبناني من استعادة معظم الأراضي التي كانت تحت سيطرة المعارضة بشقيها العلماني والإسلامي.

كما خرج من عزلة عربية وإقليمية بعد مصالحات مع الإمارات ثم السعودية حيث زار البلدين بدعوة منهما وأجرى مباحثات مع قيادتهما وشارك في آخر قمة عربية استضافتها المملكة كما شارك في القمة العربية الأخيرة التي استضافتها المنامة.

ولا تزال قطر تتحفظ على عودة سوريا للحضن العربي وتطالب بحل سياسي للأزمة، بينما التقطت تركيا التقارب العربي والخليجي مع النظام السوري وسعت لاستثماره من أجل تعزيز مصالحها وبدأت في خطوات لاستعادة العلاقات الطبيعية بين أنقرة ودمشق.