بغداد تسعى لبلورة موقف موحد مع أربيل بشأن التوغل التركي

الحكومة العراقية تطالب تركيا بمراعاة مبادئ حسن الجوار والتعامل معها دبلوماسيا والتنسيق معها تجاه أي موضوع يتعلق بالجانب الأمني.
الخميس 2024/07/11
السوداني يشدد على رفض الخروقات التركية للأراضي العراقية

بغداد – أفاد وسائل إعلام عراقية، اليوم الخميس، بأن وفدا رفيعا ضم قيادات أمنية وعسكرية وصل إلى مطار أربيل لبحث التوغل التركي الجديد داخل الأراضي العراقية ضمن محافظة دهوك شمالي البلاد، وذلك بتوجيه من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لمتابعة تلك التطورات لبلورة موقف موحد إزاءها.

ويأتي ذلك في ظل استمرار الضربات الجوية والبرية التي يشنها الجيش التركي ضد حزب العمال الكردستاني في إقليم كردستان، الذي يتمتع بحكم ذاتي. ويعد الحزب منظمة "إرهابية" من قبل أنقرة وحلفائها الغربيين.

وخلال الأيام الأخيرة سيطرت القوات التركية على عشرات القرى في محافظة دهوك شمالي العراق، ضمن عملية توغل جديدة في إطار حملة عسكرية أطلقتها أنقرة ضد حزب العمال الكردستاني منذ منتصف يونيو 2021.

ونقل موقع "شفق نيوز" عن مصدر سياسي مطلع على الأمر قوله إن "مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي وصل إلى أربيل عاصمة إقليم كردستان على رأس وفد رفيع المستوى للتباحث مع القيادات الكردية بشأن توغل الجيش التركي في محافظة دهوك".

وأشار إلى أن "زيارة الوفد جاءت بتوجيه من رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، للاطلاع والوقوف على آخر التطورات".

ومساء الأربعاء عقدت الحكومة العراقية اجتماعا استثنائيا في بغداد لمناقشة التدخلات التركية في المناطق الحدودية المشتركة.

ووفقاً لبيان للمتحدث باسم السوداني، اللواء يحيى رسول، فإن "الاجتماع بحث موضوع التدخلات والخروقات التي تمارسها القوات التركية في المناطق الحدودية المشتركة، حيث تمّ التأكيد على رفض التوغل العسكري التركي، والمساس بالأراضي العراقية، وأن على تركيا مراعاة مبادئ حسن الجوار، والتعامل دبلوماسيا مع الحكومة العراقية، والتنسيق معها تجاه أي موضوع يتعلق بالجانب الأمني".

ووجه رئيس الوزراء العراقي بحسب البيان، بـ"إرسال وفد برئاسة مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، إلى إقليم كردستان من أجل الاطلاع على الأوضاع العامة، والخروج بموقف موحد من هذا الموضوع الذي يمسّ السيادة العراقية"، داعياً، جميع الأطراف والقوى الوطنية العراقية لـ"مساندة موقف الحكومة في هذا الأمر".

وجدد السوداني "الموقف العراقي المبني على الدستور والقانون، الذي يمنع الاعتداء على أراضيه، أو استعمال الأراضي العراقية لتكون منطلقاً للاعتداء على دول الجوار".

وعلى مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية، أقامت تركيا عشرات القواعد العسكرية في كردستان العراق لمحاربة الحزب الذي يقيم في هذه المنطقة قواعد خلفية.

ويعلن الجيش التركي بشكل متكرّر تنفيذ عمليات عسكرية جوية وبرية ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني ومواقعهم شمالي العراق. ودفع هذا الأمر الحكومة العراقية المركزية إلى الاحتجاج مرارا.

وفي الأسابيع الأخيرة، أفادت وسائل الإعلام المحلية العراقية عن زيادة في الضربات التركية، مما أدى إلى اندلاع حرائق عديدة في المناطق الحدودية.

وذكرت بعض التقارير أن القوات التركية أنشأت مواقع جديدة في الإقليم الكردي.

ونقلت مواقع إخبارية محلية عن مصادر قولها، "لقد قامت القوات التركية بتحركات عسكرية جديدة في منطقة نهلي التابعة لقضاء العمادية شمال دهوك، حيث نصبت عدة نقاط عسكرية بين وادي سركلي ووادي رشافة على سفوح جبل متين"، مبينة أنه "تم تجهيز هذه النقاط بالأسلحة والعربات العسكرية، إضافة إلى الآليات اللازمة لفتح الطرق وإنشاء القواعد العسكرية" حسب موقع "شفق نيوز".

كما تناقل مدوّنون على منصّات التواصل الاجتماعي، مشاهد مصورة تُظهر عربات تركية ضخمة تسير في شوارع مدن وقرى كردية تابعة لمحافظة دهوك، وهي تحمل معدات وكُتل خرسانية.

وتؤشّر المعطيات الميدانية في مناطق شمال العراق على دخول المواجهة التي يخوضها الجيش التركي منذ عقود ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني في تلك المناطق مرحلة غير مسبوقة من التصعيد مع مضاعفة تركيا لمجهودها الحربي سعيا لحسم الصراع ضدّ الحزب في أمد منظور تنفيذا لتعهّدات أطلقتها القيادة السياسية للبلاد.

وفي وقت سابق الأربعاء، أكد وزير الدفاع التركي، يشار غولر، أن بلاده عازمة على إنشاء ممر أمني بعمق 30-40 كيلومتراً على طول الحدود مع العراق وسوريا وتطهير المنطقة من الإرهابيين.

 وقال غولر، في بيان صادر عن وزارة الدفاع التركية "نعمل على تطهير المنطقة بالكامل، وسنواصل العمليات حتى يتم تحييد آخر عنصر منهم".

ويؤكد الجانب العراقي إنه لا يوجد أي اتفاق بين الجانبين العراقي والتركي على التوغل، باستثناء محضر اجتماع موقع عام 1984 ومدته عام واحد، يسمح للقوات التركية التوغل 5 كيلومترات فقط داخل الأراضي العراقية لملاحقة حزب العمال الكردستاني.

وتثير التحركات العسكرية التركية على الأراضي العراقية امتعاض العديد من الأطراف السياسية العراقية التي توجه انتقادات للسلطات الاتحادية ولسلطات إقليم كردستان التي كثيرا ما تُتهم بالتواطؤ مع تركيا حفاظا على مصالح سياسية واقتصادية مع أنقرة.

لكن الأطراف المشاركة في قيادة الإقليم لا تحمل نفس الموقف من تركيا وعمليتها العسكرية وذلك تبعا لطبيعة العلاقة التي تجمعها بأنقرة.

وبينما بات الحزب الديمقراطي الكردستاني بمثابة حليف لتركيا ومتعاون معها اقتصاديا وكذلك أمنيا، وضعت حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان حزب الاتّحاد الوطني الكردستاني في خانة أعدائها باتهامها له بالتعاون ضدّ قواتها مع عناصر حزب العمال الكردستاني، مهدّدة بأن تشمل عملياتها العسكرية مناطق نفوذ الاتحاد التي تقول إنّها تحوّلت إلى ملاذ لمقاتلي حزب العمّال وممرا لإمدادهم بالسلاح.

وفي مارس، بعد زيارة قام بها مسؤولون أتراك للعراق، صنفت بغداد حزب العمال الكردستاني "منظمة محظورة". وتطالب أنقرة الحكومة العراقية بممارسة دور أكبر في مكافحة هذه الحركة.

واحتجت الكتلة البرلمانية لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني في بيان مؤخرا على "استئناف الجيش التركي عملياته داخل أراضي إقليم كردستان"، متحدثة عن "أضرار" لحقت بالأراضي الزراعية في الإقليم وبممتلكات المواطنين.

وذكر فريق كردستان العراق لمنظمة فرق صناع السلم المجتمع  أن الحرب بين الجيش التركي ومقاتلي حزب العمال الكردستاني وعمليات القصف المدفعي والجوي التركية أدت إلى إخلاء 162 من قرى إقليم كردستان من السكان تماماً، مشيرا إلى أن تلك الحرب تسببت في مقتل ثمانية مدنيين خلال هذه السنة.

وقال كامران عثمان وهو عضو في فريق كردستان العراق لمنظمة فرق صناع السلم المجتمعي في تصريح لشبكة رووداو الكردية العراقية الأربعاء بأن "الجيش التركي شن خلال السنة الحالية 1076 عملية قصف مدفعي وجوي على أراضي إقليم كردستان، ونفذت الطائرات الحربية 93 بالمئة من تلك العمليات فيما نفذت النسبة الباقية باستخدام المسيّرات والمدفعية".

وأضاف عثمان الذي تتابع منظمته الانتهاكات التركية والإيرانية لحدود إقليم كردستان، إن تركيا شنت السنة الماضية 1548 عملية قصف لأراضي الإقليم.