تركيا تستعد لإنشاء قواعد عسكرية جديدة بدهوك شمالي العراق

الجيش التركي يقيم نقاطا عسكرية بين وادي سركلي ووادي رشافة على سفح جبل متين شمال المحافظة الحدودية لمزيد بسط سيطرته عليها.
الأحد 2024/07/07
حكومة اقليم كردستان تفقد نحو 75 بالمئة من سلطتها على محافظة دهوك

أربيل (كردستان العراق) – أفادت وسائل إعلام كردية اليوم الأحد بأن القوات التركية أقامت نقاط عسكرية جديدة شمال محافظة دهوك بإقليم كردستان العراق لبسط المزيد من سيطرتها على المناطق الحدودية في العمليات التي تقوم بها لملاحقة حزب العمال الكردستاني المناهض لأنقرة والذي ينشط في تلك المناطق.

ومنذ منتصف عام 2021، تستهدف العمليات العسكرية التركية البرية والجوية مقرات ومسلحي حزب العمال الكردستاني في الشمال العراقي، وتحديداً مناطق ضمن إقليم كردستان، وتقع غالبيتها بمحاذاة الحدود مع تركيا، حيث يتخذ الحزب منها منطلقاً لشن اعتداءات مسلحة في الداخل التركي.

وأدت عمليات القوات التركية خلال الفترة الماضية إلى مقتل المئات من مسلحي حزب العمال، وتدمير مقرات ومخازن سلاح ضخمة تابعة للحزب، وفقاً لبيانات وزارة الدفاع التركية، كما أسهمت في انحسار واضح للمساحة التي كان الحزب ينتشر فيها على الحدود بين البلدين.

ونقل موقع "شفق نيوز" الكردي العراقي عن مصدر محلي بمحافظة دهوك الحدودية مع تركيا قوله "لقد قامت القوات التركية بتحركات عسكرية جديدة في منطقة نهلي التابعة لقضاء العمادية شمال دهوك حيث نصبت عدة نقاط عسكرية بين وادي سركلي ووادي رشافة على سفح جبل متين"، مبينا أنه "تم تجهيز هذه النقاط بالأسلحة والعربات العسكرية بالإضافة إلى الآليات اللازمة لفتح الطرق وإنشاء القواعد العسكرية".

وشنت القوات التركية قبل ظهر اليوم الأحد، قصفا بواسطة المدفعية والطائرات الحربية استهدفت به مواقع تابعة لحزب العمال الكردستاني في وادي "رشافة" التابع لناحية "ديرلوك شمال محافظة دهوك.

وأكد نزار سركلي، مختار قرية سركلي في تصريح لـ"شفق نيوز"، إن القصف التركي أسفر عن الحاق أضرار مادية كبيرة بممتلكات المواطنين حيث تم تدمير آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية والغابات.

وأضاف أن النيران ما زالت مشتعلة في عدة مناطق منها قرية مزي، وسبيندار خلفو في سفح جبل متين إضافة إلى محيط قرى سركلي، وكوهرزي في جبل متين.

وتؤشّر هذه المعطيات الميدانية في مناطق شمال العراق على دخول المواجهة التي يخوضها الجيش التركي منذ عقود ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني في تلك المناطق مرحلة غير مسبوقة من التصعيد مع مضاعفة تركيا لمجهودها الحربي سعيا لحسم الصراع ضدّ الحزب في أمد منظور تنفيذا لتعهّدات أطلقتها القيادة السياسية للبلاد.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أكد في 25 يونيو الماضي إنّ قوّات بلاده ستنفذ عمليات مكافحة إرهاب "أكثر عزما وفعالية" على مدار شهور الصيف.

ورصدت منظمة فرق صناع السلام الأميركية، في نهاية شهر يونيو الماضي، دخول الجيش التركي صوب اقليم كردستان العراق بـ300 دبابة ومدرعة واقامة حاجز أمني ضمن حدود منطقة بادينان، خلال الأيام العشرة الماضية.

ووفقا لتقرير أعده فريقها المختص في شؤون كردستان، فإن الدبابات والمدرعات التركية توغلت في قرى أورا، وسارو، وارادنا، وكيستا، وچلك، وبابير.

وبحسب التقرير، فإنه تنقل حوالي 1000 جندي تركي بين قاعدة گري باروخ العسكرية التركية، وجبل متين خلف ناحية بامرني في غضون ثلاثة أيام، وأقاموا حاجزا أمنيا بين قريتي "بابير" و"كاني بالافي"، ولا يُسمح لأي مدني بالمرور إلا بعد التحقيق معه وإبراز هوية الاحوال المدنية العراقية أو البطاقة الوطنية.

كما أشار الى أن تركيا تسعى حاليا الى رسم خط أمني يبدأ من منطقة شيلادزى ويمتد الى قضاء "باتيفا"، وسيمرُّ عبر ناحية "ديرلوك"، و"بامرني"، "وبيكوفا" بحيث تكون جميع القرى والبلدات والاقضية والنواحي والوديان والأراضي والسماء والماء خلف هذا الخط تحت السيطرة العسكرية للجيش التركي، وإذا ما حدث اشتباك في هذه المناطق فستصبح ساحات قتال.

وبحسب التقرير، فإن هناك هدفا آخر من هذا التحرك العسكري التركي هو الوصول إلى جبل هفت تبق في منطقة شلادزى، واحتلال سلسلة جبال گارا، مما يتسبب بفقدان حكومة اقليم كردستان العراق بين 70 - 75 بالمئة من سلطتها على محافظة دهوك".

وفي مقابل ذلك، أعلن مستشار العلاقات العامة والإعلام بوزارة الدفاع التركية زكي أكنورك، أن القوات التركية تعمل على تطوير السيطرة في منطقة عملية "المخلب-القفل" العسكرية على الشريط الحدودي.

وقال أكنورك في تصريحات صحافية، "نحن نعمل على تطوير السيطرة على المنطقة التي حققناها حتى الآن من خلال عملية (المخلب ـ القفل) المستمرة في شمال العراق منذ أبريل 2022 من خلال عمليات غير عادية وغير متوقعة بما يتماشى مع معطيات ومتطلبات الميدان".

وأضاف "تواصل القوات التركية أنشطتها من أجل إعادة ضبط قدرة حزب العمال على العمل والحركة، ونغلق القفل الأمني بشكل كامل في شمال العراق، بالتزامن مع اتخاذ إجراءات فعالة وديناميكية على الحدود".

ولفت إلى أن "نقاط التفتيش في المناطق السكنية والمناطق القريبة من منطقة عمليات القوات التركية أنشأتها السلطات بتنسيق مع الجانب العراقي".

وتثير التحركات العسكرية التركية على الأراضي العراقية امتعاض العديد من الأطراف السياسية العراقية التي توجه انتقادات للسلطات الاتحادية ولسلطات إقليم كردستان التي كثيرا ما تُتهم بالتواطؤ مع تركيا حفاظا على مصالح سياسية واقتصادية مع أنقرة.

لكن الأطراف المشاركة في قيادة الإقليم لا تحمل نفس الموقف من تركيا وعمليتها العسكرية وذلك تبعا لطبيعة العلاقة التي تجمعها بأنقرة.

وكان عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، علاوي البنداوي، قال في تصريح لموقع "بغداد اليوم"، في يونيو الماضي، إن "القوات التركية تتواجد داخل الأراضي العراقية بعمق 40 كم وهذا يعد انتهاكا خطيرا وكبيرا لسيادة العراق"، مشيرا الى أن "هذا التوغل غير المبرر يشكل تهديدا للأمن القومي العراقي، ولهذا يجب السعي والعمل على اخراج تلك القوات بشكل عاجل وسريع".

ويؤكد الجانب العراقي انه لا يوجد أي اتفاق بين الجانبين العراقي والتركي على التوغل، باستثناء محضر اجتماع موقع عام 1984 ومدته عام واحد، يسمح للقوات التركية التوغل 5 كيلومترات فقط داخل الأراضي العراقية لملاحقة حزب العمال الكردستاني.

وبينما بات الحزب الديمقراطي الكردستاني بمثابة حليف لتركيا ومتعاون معها اقتصاديا وكذلك أمنيا، وضعت حكومة أردوغان حزب الاتّحاد الوطني الكردستاني في خانة أعدائها باتهامها له بالتعاون ضدّ قواتها مع عناصر حزب العمال الكردستاني، مهدّدة بأن تشمل عملياتها العسكرية مناطق نفوذ الاتحاد التي تقول إنّها تحوّلت إلى ملاذ لمقاتلي حزب العمّال وممرا لإمدادهم بالسلاح.

وبذلت تركيا خلال الأشهر الأخيرة جهودا مكثّفة لجعل بغداد طرفا في حربها ضدّ حزب العمال الكردستاني، لكن وجود أطراف مناوئة لأنقرة داخل حكومة السوداني منعت من التوصّل إلى تفاهمات واضحة بهذا الشأن.

ويبدو أنّ أقصى ما توصّل إليه الجانب التركي هو الحصول على موافقة ضمنية غير معلنة من قبل بغداد على توسيع العملية العسكرية التركية في مناطق الشمال العراقي، وذلك بهدف تسهيل عقد شراكات اقتصادية بين البلدين والتوصّل إلى تفاهمات حول ملف المياه.