حرارة الطقس تعرقل الحفاظ على الغذاء في الهند

نيودلهي - وجهت موجة الحر الشديدة التي يشهدها شمال الهند ضربة مزدوجة لبائعي الغلال والخضروات في السوق، حيث تفسد منتجاتهم بينما يبقى المشترون في منازلهم ويطلبون بقالتهم عبر الإنترنت. ونزح ساهيل، وهو رجل في الثلاثينات من العمر، إلى دلهي قبل عقد، ويبيع الخضروات على جانب الطريق. وقال إن هذا الصيف أنهكه.
ويشتري ساهيل الخضروات كل يوم من سوق الجملة القريب، لكن الكثير منها يكون في حالة سيئة بالفعل. وقال إن "الهواء حار جدا لدرجة أن الخضروات تجف ويتغير لونها الطبيعي في غضون ساعتين فقط بعد عرضها. ويمكنك أن ترى بنفسك غياب الحرفاء". وقد تجاوزت الحرارة خلال النهار 40 درجة مئوية منذ منتصف مايو. ويقول مسؤولون، إن موجة الحر قتلت أكثر من 100 شخص وأصيب 40 ألف شخص بضربات الشمس.
وقال ساهيل إن دخله انخفض إلى النصف تقريبا خلال الشهرين الماضيين من حوالي 15 ألف روبية هندية (180 دولارا) شهريا إلى 8 آلاف روبية. وقال محمد أخلاق، وهو يحاول إبعاد جوز الهند عن الشمس في سوق بالقرب من دلهي، إن الأعمال لم تكن أبدا بهذا السوء. وصرّح "لم أشهد خلال 40 عاما من حياتي مثل هذا الصيف القاسي".
وأكد خسارة ما بين 30 و40 في المئة من سلعه بسبب الحرارة خلال الشهرين الماضيين، وانخفاض دخله إلى النصف لبقاء الحرفاء في منازلهم وتسوقهم عبر الإنترنت. وتعدّ هذه السنة الثالثة على التوالي التي تواجه فيها الهند موجات حر شديدة. ويقول العلماء إن الاحترار العالمي يجعل موجات الحر هذه أكثر حدة وتواترا وانتشارا.
ويكمن التحدي الذي تواجهه الهند في ضمان أمنها الغذائي وحماية سبل عيش مواطنيها المعتمدين على القطاع الزراعي. فنقص التخزين البارد يضرب صغار المزارعين والبائعين حيث بلغ إنتاج الغلال والخضروات في الهند مستويات قياسية. لكن دراسة حكومية أبرزت أن البنية التحتية المعتمة للتخزين البارد بهدف دعم سلسلة التوريد تبقى في "مرحلة ناشئة". وأبلغت عن تلف حوالي ربع الغلال والخضروات.
وتفاقم الحرارة الشديدة المشكلة بطريقتين، حسب أديتي موخيرجي، مديرة منصة عمل التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره التابعة للمجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية، وهي شبكة عالمية تجمع المنظمات الدولية الساعية إلى تحقيق الأمن الغذائي. وقالت موخيرجي "أولا، تقلل الحرارة إنتاج المحاصيل نفسها، لأن جلها لا يتحمل هذا الطقس. وثانيا، يقوّض نقص سلاسل التبريد المنتجات المعرضة للتلف مثل الغلال والخضروات ومشتقات الألبان".
ويعزز النقص في التخزين البارد عبر سلسلة التوريد ضغط توصيل المنتجات إلى المستهلكين بسرعة. ويشعر بهذا التأثير خاصة حوالي 5 ملايين من البائعين الصغار والباعة المتجولين في الهند الذين لا يستطيعون عادة الحفاظ على برودة المنتجات ويضطرون إلى العمل في الحرارة الشديدة.
وقال حوالي 80 في المئة من الباعة المتجولين في دلهي إن عدد الزبائن يتقلص. وأكد نصفهم انخفاض دخلهم بسبب الحرارة، وفقا لمسح نشرته منظمة السلام الأخضر في الهند والاتحاد الوطني للباعة المتجولين هذا الشهر. وتطرح الحكومة حوالي 100 مليار دولار لتأسيس بنية تحتية متكاملة للتخزين البارد من المزرعة إلى البيع بالتجزئة. لكن الخطة تركز على بناء سعة تخزين كبيرة.
ويرى الخبراء نقصا في حلول سلسلة التبريد الصغيرة التي تركز على دعم البائعين الصغار والباعة المتجولين في بلد يلبون فيه جل الإمدادات. وقالت موخيرجي "لا يوجد لسوء الحظ حل جاهز لحماية صغار المزارعين أو البائعين".
لكن السوق تشهد بعض ابتكارات التبريد الواعدة على نطاق صغير. واخترع فيكاش جها، المتخرج من المعهد الهندي للتكنولوجيا في مومباي، مبردا صغيرا منخفض التكلفة يعمل دون كهرباء أو غاز. ويُعتمد الماء والتهوية لحفظ المواد بين 10 و21 درجة مئوية، مما يزيد من المدة التي يمكن للأطعمة أن تبقى طازجة خلالها. وقال جها إنه باع 1500 وحدة في جميع أنحاء الهند.
وصرّح "تشجع السياسات الحكومية التخزين البارد الأكبر الذي يتطلب رأس المال والطاقة. ويضاعف هذا انبعاثات التدفئة المناخية الهندية المرتفعة بالفعل". وشدد على الحاجة إلى بعث حلول لمساعدة صغار المزارعين والبائعين. وقال البائع محمد أخلاق إنه لا يعرف ما الذي يمكنه فعله لحماية دخله. وأضاف "إذا كان هذا هو ما سيكون عليه الأمر، فأنا أخشى مما سيكون عليه مستقبل أطفالي. يجب أن يساعدنا شخص ما".