هدايا الحج.. تذكارات صغيرة من الرحلة الروحية

هذه الهدايا على صغر حجمها تظل تذكارا يؤرخ لزيارة الديار المقدسة وأداء مناسك الحج.
الخميس 2024/06/27
تثقل كاهل الحاج

كما يودع الأهل والأقارب حجيجهم قبل أن ينطلقوا في رحلة انتظروها طويلا وادخروا لها سنين عديدة، فإن الأهل أنفسهم ينتظروهم بفارغ الصبر رحلة العودة وكلهم آمال للفوز بهدية تظل ذكرى تسكن في البال.

مكة المكرمة - مع إنهائهم مناسك الحج واستعدادهم للعودة إلى ديارهم نحو مختلف بقاع الأرض، يحرص مئات الآلاف من ضيوف الرحمان على اقتناء هدايا لأقربائهم وأصدقائهم تكون في الغالب عبارة عن تذكارات صغيرة في حجمها لكنها تؤرخ لأكبر رحلة روحية وإيمانية يمكن أن يقوم بها المسلم في حياته.

فمن المجسمات المضيئة للكعبة المشرفة والمسجد النبوي الشريف إلى العطور الأصيلة المعبأة في قوارير أنيقة من مختلف الأحجام، ومرورا بالسبح وسجادات الصلاة وحوامل المفاتيح وعلب التمور وأنواع البخور، وليس انتهاء بالأقمشة والملابس التقليدية، تتعدد التذكارات والهدايا التي يقتنيها الحجاج سواء لتقديمها كهدايا لمن يحبون أو ليحتفظوا بها ذكرى لحلولهم بالديار المقدسة وأدائهم للركن الخامس من أركان الإسلام.

وتشهد المحلات التجارية بأسواق مكة المكرمة والمدينة والمنورة وكذا مدينة جدة اكتظاظا كبيرا لضيوف الرحمان الذين يخصصون ميزانية خاصة لاقتناء هذه الهدايا التي تتباين أسعارها وتتنوع أحجامها بشكل يلبي حاجيات الجميع حسب إمكاناتهم المادية.

وحسب ملتقى السفر والاستثمار السياحي السعودي، فإن حجم سوق الهدايا التذكارية التي يقتنيها الحجاج والمعتمرون خلال موسم الحج والعمرة يبلغ 30 مليار ريال سعودي (8 مليارات دولار).

وفي محل لبيع الأثواب بسوق البلد الواقع بمدينة جدة، كانت الحاجة المغربية أمينة تجتهد في انتقاء أقمشة قالت في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إنها ستهديها لزوجات أبنائها، بينما كان زوجها يتفاوض مع صاحب المحل حول ثمن قماش يريد أن يخيط به جلبابا عند عودته إلى المملكة.

هه

“اقتنيت أيضا سبحا وبخورا وسجادات وعطورا متنوعة لأهديها لجاراتي” تقول هذه السيدة الستينية، مؤكدة “من الضروري أن نأخذ لهم قليلا من الهدايا”.

من جهته، حرص الحاج عبد العزيز من تونس (52 سنة) على اقتناء عباءة لزوجته بعدما انتقتها من بين عباءات كثيرة أرسل لها صورها على الهاتف. كما اقتنى أقمصة له ولابنيه، وبعضا من البخور والسبح لأقربائه.

يقول عبدالعزيز في تصريح مماثل إن هذه الهدايا على صغر حجمها تظل تذكارا يؤرخ لزيارة الديار المقدسة وأداء مناسك الحج. وأشار إلى أنه هو نفسه حصل على لباس الإحرام الذي أدى به مناسك الحج هذا العام من عند والد زوجته الذي أدى به مناسك الحج هو الآخر قبل 34 سنة، مضيفا “إنها قطعة ذات قيمة رمزية عالية وتؤرخ لذكرى غالية”.

وكما هو الشأن بسوق البلد بجدة، تشهد المحلات التجارية بالمدينة المنورة أيضا إقبالا كبيرا لضيوف الرحمان من كل الجنسيات الذين يحرصون على الخصوص على اقتناء أنواع التمور التي تشتهر بها المدينة.

ولهذا الغرض، لم تجد الشابة الإندونيسية نبيلة وعدد من رفاقها في رحلة الحج كانوا على متن حافلة في الطريق إلى مطار جدة بعد زيارتهم للروضة الشريفة، بدا من التوقف في إحدى مزارع التمور المحيطة بالمدينة المنورة لاقتناء بضع كيلوغرامات من تمر العجوة.

تقول نبيلة في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء وهي تضع علبتين من هذا التمر في حقيبتها “قيل لي إن تمر العجوة مبارك، وقد أوصى رسولنا عليه الصلاة والسلام بتناوله”. وتضيف “ليست هناك طريقة أفضل لتقاسم البركة التي حصلناها في الحج مع أهلنا عند العودة من إهدائهم شربة من ماء زمزم وبضع حبات من تمر العجوة”.

تتت

في المقابل يقول آخرون إن ما يباع في السعودية لا يختلف كثيرا عن الموجود لدينا، بل هو أقل جودة غالبا، فغالبية المبيعات في السعودية صينية الصنع ماعدا العباءات الخليجية باهظة الثمن.

هكذا إذن، يبدو أن رحلة الحج الكبرى لا تكتمل لدى الكثير من ضيوف الرحمان دون اقتناء بعض الهدايا على صغرها حتى إذا عادوا إلى ديارهم وفتحوا حقائب سفرهم فاحت بعبق المكان الذي أتت منه، وبقيت ذكرى لتجربة روحية يتوق كل مسلم لخوضها ما استطاع إلى ذلك سبيلا.

ويؤكد  الحاج عبدالحميد من تونس “هدايا الحج والتي مازلنا نعتبرها عادة اجتماعية جميلة تساهم في توطيد أواصر المحبة بين الأهل والأصدقاء، وتزرع الفرح في النفوس حتى ولو كانت رمزية، رغم أنها تحولت مؤخرا إلى واجب اجتماعي يثقِل كاهل الحجّاج والمعتمرين، العائدين من رحلة عبادة شاقة وطويلة وخاصة لكبار السن”.

18