إنتاج أول خلايا تائية لعلاج السرطان في السعودية

إنجاز يقلل من كلفة العلاج بنحو 80 في المئة ويقلص من مدة انتظار المرضى.
الثلاثاء 2024/06/25
العلاج بالخلايا التائية علاج واعد للسرطان

يعد العلاج بالخلايا التائية نوعا جديدا من العلاج المناعي التجديدي الذي يسخر النظام الدفاعي في الجسم عن طريق تعديل الخلايا جينيًّا، وتجهيزها للقيام بمهام البحث والتدمير لقتل الخلايا السرطانية. ومؤخرا نجحت السعودية في إنتاج أول خلايا تائية لعلاج السرطان في المملكة، وهو إنجاز قلل من كلفة العلاج ومن مدة انتظار المرضى له.

الرياض - نجح مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث الداخلي في السعودية، في إنتاج أول خلايا تائية علاجية في المملكة تقلل كلفة العلاج بنحو 80 في المئة.

والخلايا التائية هي مجموعة متنوعة ومهمة من الخلايا الليمفاوية التي تنضج في الغدة الزعترية، وتلعب دورًا حيويًا في عمليات المناعة المتقدمة، خاصة المناعة الخلوية.

وأفادت وكالة الأنباء السعودية “واس” أن “مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث الداخلي نجحا في إنتاج خلايا تائية (سي إيه أرـ تي)، تستخدم في علاج مرضى السرطان، ما يسهم في تخفيض الكلفة من 1.3 مليون ريال إلى ما يقارب 250 ألفا للحالة العلاجية الواحدة، وتوفيره للمرضى خلال فترة لا تزيد عن 14 يوما، متجاوزا بذلك تحديات الكلفة والشحن كافة، في إنجاز يخفف من معاناة المرضى وحصولهم على العلاج في الوقت المناسب، ويتكامل مع المساعي الوطنية لتوطين الصناعات الحيوية”.

وحسب “واس”، فإن “الإعلان عن هذا الإنجاز الذي يعزز مكانة التخصصي بصفته رائدا في تقديم الرعاية الصحية التخصصية، جاء خلال افتتاح أعمال منتدى العلاجات المتقدمة الذي انطلق صباح الأحد، حيث يهدف إلى زيادة عدد الأبحاث السريرية في مجال العلاج بالخلايا التائية والعلاج الجيني، لتمكين المرضى في المملكة من الوصول إليها، وإتاحة الفرصة للشركاء الصناعيين، لاستكشاف فرص افتتاح أبحاث سريرية في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث”.

قبل بدء التصنيع الداخلي للعلاج، تراوحت فترة إنتاج الخلايا التائية بين 21 إلى 28 يوما، نظرا لتصنيعها خارج المملكة

وأوضحت “واس” أنه “قبل بدء التصنيع الداخلي للعلاج، تراوحت فترة إنتاجها بين 21 إلى 28 يوما، نظرا لتصنيعها خارج المملكة، ما جعلها خاضعة للعديد من التحديات اللوجستية واضطرابات سلسلة التوريد التي تتضمن الحفظ بالتبريد والشحن إلى مراكز التصنيع الخارجية، ثم إعادة شحنها إلى المستشفى، وهو ما يتسبب بتأخير محتمل في حصول المرضى على العلاج، وزيادة فترة معاناتهم”.

وبينت وكالة الأنباء السعودية أن “هذا الإنجاز يمثل ثمرة للتعاون بين العديد من الأقسام داخل المستشفى، ضمن مركز تصنيع داخلي للخلايا التائية، مجهز بمفاعلات حيوية متقدمة، ووحدات معالجة الخلايا، يتبع معايير ولوائح تنظيمية صارمة لضمان جودة وسلامة المنتجات العلاجية، سبقها تنفيذ برامج تدريب شاملة للموظفين على مبادئ وتقنيات تصنيع الخلايا التائية في المرحلة الحالية، ستقدم الخلايا التائية المنتجة داخلياً للمرضى، ضمن تجربة سريرية في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث”.

وأشارت إلى أن “العلاج بالخلايا التائية يعد أحد أحدث التطورات في مجال علاج السرطان، حيث يعتمد على تعديل خلايا المريض المناعية لتصبح قادرة على التعرف على الخلايا السرطانية وتدميرها، حيث تستخرج من دم المريض، ثم ترسل إلى مراكز التصنيع لتعديلها وراثياً، وبعد ذلك، يتم إعادة حقنها في جسم المريض لتبدأ في مهاجمة وتدمير الخلايا السرطانية”، مبينة أن “هذا الإنجاز يأتي في إطار إستراتيجية مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث لتطوير العلاجات المتقدمة وزيادة فرص الأبحاث السريرية، مما يضمن تقديم أفضل رعاية صحية ممكنة لجميع المرضى، ضمن التزامه بتعزيز جودة الرعاية الصحية المدفوعة بالابتكار والتميز”.

وفي تقرير للمركز الوطني للسرطان عن معدل الإصابة بالمرض لعام 2020، جاء سرطان الثدي الأعلى في المملكة بنسبة 18.8 في المئة. وكان تقرير سنوي عن السرطان صدر عن المجلس الصحي السعودي، عام 2019، مثلت حالات سرطان الثدي نسبة 17.9 في المئة.

وجاء سرطان القولون والمستقيم في المرتبة الثانية بنسبة 13 في المئة، يليه سرطان الغدة الدرقية بنسبة 7.8 في المئة، ثم سرطان الغدة اللمفاوية بنسبة 5.4 في المئة، ثم سرطان لوكيميا الدم بنسبة 4.5 في المئة، ثم سرطان عنق الرحم، ثم سرطان الرئة، ثم سرطان الجهاز اللمفاوي ثم سرطان الكبد ثم سرطان البروستاتا.

وقالت وزارة الصحة السعودية، إن سرطان الثدي مجموعة غير متجانسة من الأمراض، ومن المعروف أنه يبدأ موضعيا في الثدي، وينتشر تدريجيا إلى العقد اللمفاوية الإبطية ليصبح سرطانا غازيا، ثم يمتد انتشاره إلى الأعضاء الأخرى.

وأضافت أن سرطان الثدي يأتي بالترتيب الأول بين أكثر أنواع السرطان شيوعا، عالميا، وإقليميا، ومحليا. وهو الأكثر انتشارا على مستوى المملكة، وعند النساء، والأكثر شيوعا بين السيدات بعمر 40 عاما فأكثر. وأكثر من 50 في المئة من حالات سرطان الثدي في المملكة يتم كشفها بمراحل متقدمة، مقارنة بـ20 في المئة في الدول المتقدمة، مما يرفع من معدل الوفيات ويقلل فرص الشفاء، فضلا عن ارتفاع تكلفة علاجه.

تجارب مشجعة

وتطلِق العلاجات المناعية العنان لآليات دفاع الجسم لمحاربة البكتيريا والفايروسات والأمراض، ويشمل ذلك السرطان. العلاج بالخلايا التائية ذات مستقبلات المستضد الخيمرية هو نوع جديد من العلاج المناعي التجديدي الذي يسخر النظام الدفاعي في الجسم عن طريق تعديل الخلايا جينيًا، وتجهيزها للقيام بمهام البحث والتدمير لأجل قتل السرطان. تصبح هذه الخلايا الاصطناعية دواءً حيًا يتنقل عبر الجسم، مما يدفع جهاز المناعة لمهاجمة المرض باستمرار.

وأظهر العلاج بالخلايا التائية ذات مستقبلات المستضد الخيمرية نتائج واعدة بفائدة علاجية بالنسبة لسرطانات الدم، وقد وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على استخدامه في حالات اللمفومة، وابيضاض الدم، ومؤخرًا مرضى الوَرَم النقوي المتعدِّد. ومع ذلك، فإن الآثار الجانبية الشديدة، والفهم المتواضع لكيفية فعالية العلاج بالخلايا التائية ذات مستقبلات المستضد الخيمرية على الأورام الصلبة، من العقبات التي يجب التغلب عليها.

وكان باحثون من “ماويو كلينيك” قد قاموا بالتصنيع البيولوجي للعلاج بالخلايا التائية ذات مستقبلات المستضدالخيمرية (سي إيه أر ـ تي سيل ثيرابي) بطريقة جديدة لتتبع رحلة الخلايا في مكافحة السرطان والتنبؤ بالآثار الجانبية السامة. يمكن لاكتشاف “مايو كلينك”، المنشور في مجلة أبحاث مناعة السرطان ، توضيح الغموض الذي يكتنف كيفية إطلاق العنان للعلاج بالخلايا التائية ذات مستقبلات المستضد الخيمرية لتدمير الأورام الصلبة.

ويقول سعد كندريان بكالوريوس الطب والجراحة، اختصاصي الدَّمَويات والباحث في مايو كلينك، والمؤلف الرئيسي: “تتيح لنا هذه التقنية الجديدة تصوير الخلايا التائية ذات مستقبلات المستضد الخيمرية بعد إعطائها للمرضى ودراسة مصير تلك الخلايا، مما يتيح لنا دراسة الإستراتيجيات التي يمكن أن تحسن تتبع الخلايا التائية ذات مستقبلات المستضد الخيمرية واختراق الخلايا السرطانية، من ثمَّ يمكن تحسين قتل الأورام”. وصمم باحثو “مايو كلينك” الخلايا التائية ذات مستقبلات المستضد الخيمرية للتعبير عن بروتين ناقل ليوديد الصوديوم الذي يمكن تصويره عن طريق التصوير المقطعي في النماذج ما قبل السريرية. وقام الباحثون بالمراقبة في الوقت الحقيقي، وتتبعوا بدقة كيف تتضاعف الخلايا التائية ذات مستقبلات المستضد الخيمرية وتستهدف السرطان لتدميره. حيث يضع هذا التصوير الجديد حجر الأساس للإستراتيجيات التي يمكن أن تستخدم العلاج بالخلايا التائية ذات مستقبلات المستضد الخيمرية لمحاربة المزيد من أنواع الأمراض.

15