الغلاء الفاحش للأضاحي يقسو على الجزائريين في عيدهم

الجزائر - في وقت نفت فيه السلطات الجزائرية استيراد أضاح من الخارج بغية ضبط الأسعار، إلا أن أسعار الخرفان بلغت مستويات غير مسبوقة، رغم افتتاح نقاط بيع لشركة حكومية، لكن الإجراء وصف بأنه “غير كاف”. وتشير إحصائيات السلطات الجزائرية إلى أن الثروة الحيوانية في البلد تقدر بنحو 18 مليون رأس من الغنم و6 ملايين رأس من الماعز. ومطلع يونيو الجاري، نفى وزير الفلاحة يوسف شرفة خلال زيارته إلى ولاية البويرة (جنوب شرق العاصمة) استيراد أضاحي العيد من رومانيا.
تصريحات المسؤول الحكومي جاءت بعد تداول فيديوهات على نطاق واسع على المنصّات الاجتماعية جرى الترويج لها على أنها لكباش مستوردة من رومانيا موجهة لعيد الأضحى. وقال شرفة في هذا الصدد “لا استيراد للأغنام من أجل عيد الأضحى، صحيح سجلنا ارتفاعا في الأسعار لكن توجد ثروة وطنية وعدد كاف من الرؤوس، يسمح بقضاء العيد في أحسن الظروف رغم ارتفاع أسعارها”. وأضاف “مربو الماشية سيعملون على توفير الأضاحي بمختلف الأسواق”.
من جانبها أكدت السلطات البيطرية على أن الكباش المستوردة من رومانيا، موجهة حصريا للمذابح لتسويق لحومها عبر مختلف ولايات البلاد. وعزت السلطات الإجراء لكونه يهدف إلى توفير اللحوم الحمراء من جهة، وحماية السلالات المحلية من الاختلاط مع أخرى أجنبية من جهة أخرى، لذلك وجهت الكباش المستوردة مباشرة إلى المذابح.
وفي غضون ذلك، شهدت أسعار الأضاحي في الجزائر ارتفاعا وصفه متابعون بأنه “خيالي ولم يسبق له مثيل في تاريخ البلاد”. وبلغ السعر الأدنى للكباش نحو 70 ألف دينار (514 دولارا)، بينما وصلت أسعار بعض السلالات المحلية المعروفة بجودة وكبر حجمها، وفق ما تم تداوله على المنصات الاجتماعية، إلى 500 ألف دينار (3676 دولارا).
ويقدر الحد الأدنى من الأجور في الجزائر بـ20 ألف دينار (150 دولارا)، بينما يبلغ متوسط المرتبات في البلاد 42 ألفا و800 دينار شهريا (314 دولارا)، بحسب بيانات رسمية للديوان الحكومي للإحصاء.
وفي 8 يونيو أي قبل أسبوع واحد من موعد عيد الأضحى، أعلنت الشركة الجزائرية للحوم الحمراء الحكومية المعروفة بمسمّى “ألفيار”، افتتاح نقطة بيع الكباش المحلية الموجهة للعيد بمنطقة بئر توتة بالضاحية الجنوبية للعاصمة. وتحولت منطقة بئر توتة إلى مقصد للآلاف من الجزائريين بحثا عن أضاح بأسعار معقولة، ما تسبب في زحمة مرورية خانقة على الطريق المؤدي إلى ولاية البليدة جنوب العاصمة.
وأعلنت شركة “ألفيار” لاحقا افتتاح نقطتي بيع إضافيتين للكباش بالضاحيتين الجنوبية والغربية للجزائر العاصمة (بابا علي والشراقة). وتراوحت أسعار الأضاحي المحلية المعروضة من طرف الشركة الحكومية من 68 ألف إلى 90 ألف دينار (500 – 661 دولارا).
ويقول عبدالعزيز وهو متقاعد من ولاية جيجل الساحلية شرق الجزائر، إن وضعيته المادية لا تسمح له هذا العام بشراء أضحية العيد. وعزا عبدالعزيز هذا القرار بالارتفاع الكبير في أسعار الأضاحي مقارنة بالعام الماضي والسنوات التي قبله. ولفت إلى أن معاشه الشهري يقدر بـ44 ألف دينار (330 دولاراً) وهو تقريبا نصف سعر أضحية من الحجم الصغير. وأردف “ذبح أضحية وكما هو معروف سنة مؤكدة، لكن في ظل الظروف الحالية بات من الصعب إحياؤها”، وتابع بالقول “سنكتفي بشراء كيلوغرامات من اللحم لا غير”.
◙ رغم نفي السلطات الجزائرية استيراد أضاحٍ من الخارج لضبط الأسعار، إلا أن الارتفاع المشط لأسعار الخرفان يطرح العديد من التساؤلات
وفي ظل غلاء غير مسبوق لأسعار الكباش، لجأ الكثير من الجزائريين إلى الماعز والبقر والإبل كأضاح بديلة لكن أسعارها هي الأخرى شهدت ارتفاعا لافتا. وعادة ما يشترك الجزائريون وخاصة العائلات في أضحية واحدة، على غرار البقر أو الإبل، ويتم تقاسمها بين المشاركين، في تقليد يشهد انتشارا متزايدا منذ سنوات.
في حين تفضل فئة أخرى من الجزائريين شراء اللحوم مباشرة عوضا عن الأضاحي، وخصوصا لحوم الأبقار. وتراوحت أسعار العجول ما بين 300 ألف إلى 500 ألف دينار (2200 دولار إلى 3676 دولارا). وحاليا يقدر سعر الكيلوغرام من اللحوم البقرية المستوردة من 800 إلى 1200 دينار (5.88 دولار – 8.82 دولار)، بينما تراوحت أسعار المحلي منه من 1600 إلى 2200 دينار (11.76 دولار – 16.17 دولار).
وأفاد رئيس فيدرالية تجار اللحوم بالجملة مروان خير بأن أسعار اللحوم عرفت استقرارا بالسوق المحلية بعد فتح الاستيراد في الأشهر الماضية. ولفت المتحدث إلى أن ارتفاع أسعار المواشي خلال السنوات الماضية كانت له انعكاسات مباشرة على أسعار اللحوم التي ارتفعت هي الأخرى.
من جهته يعتقد رئيس الاتحادية الجزائرية لمربي المواشي (مستقلة) إبراهيم عمراني أن غلاء الأضاحي راجع إلى تراكمات عدة سنوات من الجفاف الذي عانت ولا تزال تعاني منه عدة مناطق بالبلاد. وأوضح عمراني في حديث للأناضول أن الجفاف تسبب في نقص كبير في الكلأ، ما يعني أن الماشية في حاجة إلى نفقات إضافية من طرف المربين، وهو ما ينعكس مباشرة على أسعارها.
وأشار إلى أن هذا الوضع تسبب في تناقص مستمر في أعداد الماشية، وبقي البدو الرحل (قبائل تمتهن الترحال بالماشية) يقاسون ظروف الطبيعة. وعلق بالقول “هذا الوضع جعل العرض يتناقص والأسعار في ارتفاع بالنظر إلى الطلب المتزايد”. وتابع قائلا، “بالنظر إلى ظروف المربين والجفاف وكل ما يعانيه هذا القطاع فإن الأسعار المعروضة منطقية للغاية”.