تغير المناخ يجعل المطبات الهوائية القوية أكثر خطورة على الطيران

المناطق الواقعة فوق الأحواض الغربية للمحيط، تعد نقاطا ساخنة لتشخيص مطبات الهواء الصافي.
الثلاثاء 2024/06/04
الخطر داهم

برلين - أصبحت رحلة تابعة للخطوط الجوية السنغافورية، من مطار هيثرو في لندن إلى سنغافورة، هي أحدث ما تصدر عناوين الصحف بسبب المطبات الهوائية القوية، بعد أن قالت شركة الطيران مؤخرا إن أحد الركاب لقي حتفه كما أصيب آخرون بسبب المطبات الهوائية الشديدة أثناء الرحلة.

ولا تشكل المطبات الهوائية القوية غير المتوقعة، تهديدا للركاب ولطاقم الطائرة فحسب، ولكنها تشكل أيضا تهديدا على المدى الطويل لسلامة الطائرات التي تحملهم، بحسب ما يقوله الباحثون الذين يصرحون أن هذه الظاهرة آخذة في الارتفاع.

وعلى الرغم من أن المرء ربما لم يواجه قط حالة من حالات المطبات الهوائية الشديدة أثناء رحلة الطيران، تشير إحدى الدراسات إلى أنه من المحتمل أن يواجه المسافرون جوا، مطبات هوائية أكثر خطورة خلال الأعوام المقبلة بسبب تغير المناخ.

ولكن، ما هي المطبات الهوائية القوية؟

تحدث معظم حالات المطبات الهوائية على شكل اهتزاز خفيف للطائرة، وخسارة بسيطة في ارتفاعها. ومع ذلك، من الممكن أن يتعرض الركاب وأفراد الطاقم للإصابة في حالات نادرة وأكثر خطورة.

ومن الحالات الخطيرة بشكل خاص، ما يعرف باسم “مطبات الهواء الصافي”، حيث أنها غالبا ما تحدث دون أي سابق إنذار أو بعبارة أخرى، دون أي فرصة لربط حزام الأمان.

ويقول معدو دراسة أجريت في عام 2023 من جامعة ريدينغ في المملكة المتحدة، إن هذا النوع من المطبات الهوائية “يشكل خطرا على الطائرات، وأنه من المتوقع أن يزداد حدة في المستقبل بسبب تغير المناخ”.

المطبات الهوائية هي رياح قوية تكون في طبقة التروبوسفير العليا، على ارتفاع يتراوح بين 8 و12 كيلومترا

ويقول الباحثون إن إجمالي عدد حالات “مطبات الهواء الصافي” بلغ 467 ساعة في عام 1979 فوق شمال المحيط الأطلسي، بينما بلغ العدد 547 ساعة في عام 2020. ولا تشكل المطبات الهوائية خطر إصابة الركاب فحسب، بل إنها تهدد أيضا الطائرة نفسها. وكتب معدو الدراسة أن “كل دقيقة إضافية يتم قضاؤها في اجتياز المطبات الهوائية، تسبب التعب وتزيد من تآكل بدن الطائرة”.

وبحسب الأرقام الصادرة عن إدارة الطيران الاتحادية الأميركية، فإن هناك 163 شخصا تعرضوا “لإصابات خطيرة ناتجة عن المطبات الهوائية”، بينما كانوا على متن رحلات جوية من وإلى مطارات أميركية خلال الفترة بين عامي 2009 و2022.

أما عن أسباب المطبات الهوائية، فإنه من الممكن أن تكون هناك أسباب مختلفة، ولكن أحد الأسباب الرئيسية هو التيارات النفاثة، بحسب ما يقوله ينس هايدر، وهو مهندس طيران، كما يعمل طيارا لدى “مركز الطيران والفضاء الألماني”.

ويقول هايدر إن المطبات الهوائية هي “رياح قوية تكون في طبقة التروبوسفير العليا، على ارتفاع يتراوح بين 8 و12 كيلومترا، ومن الممكن أن تختلف قوتها بشكل كبير اعتمادا على المنطقة والموسم.” وتنتج التيارات النفاثة عن الاختلافات الأفقية في درجات الحرارة بالغلاف الجوي.

ومن الممكن أن تحدث المطبات الهوائية في مناطق العواصف الرعدية وحولها، مع ارتفاع الهواء الدافئ وهبوط الهواء البارد. وفي حال كان ذلك ممكنا، يحاول الطيارون التحليق حولها.

وفي الوقت نفسه، يمكن أن يكون هناك دور للتضاريس أيضا، حيث يوضح هايدر أنه “يمكن لسلاسل الجبال أن ترفع الحزمة الهوائية بأكملها”. وتظهر الأبحاث أن الطرق الجوية الأكثر اضطرابا تكون فوق الجبال.

المطبات الهوائية القوية غير المتوقعة لا تشكل تهديدا للركاب ولطاقم الطائرة فحسب، ولكنها تشكل أيضا تهديدا على المدى الطويل لسلامة الطائرات التي تحملهم

وكتب معدو الدراسة في جامعة ريدينغ إن “المناطق الواقعة فوق الأحواض الغربية للمحيط، تعد نقاطا ساخنة لتشخيص مطبات الهواء الصافي… ويرجع ذلك بصورة جزئية إلى أن التيارات النفاثة تميل إلى أن تكون الأسرع فوق المحيط، بسبب تراجع خشونة السطح مقارنة باليابسة”.

كما قال الباحثون إن الأمر يرجع جزئيا إلى وجود “تباين كبير في درجة حرارة المناطق” بين المحيط والقارة.

وما هي مطبات الهواء الصافي؟ والجيوب الهوائية؟

هي مطبات لا تمكن رؤيتها بالعين المجردة، لأنها تقع في هواء خال من السحب، وتنشأ بسبب اصطدام كتل هوائية مختلفة تتحرك بسرعات مختلفة جدا. ويقول هايدر إنه في المصطلحات التقنية، فإن مطبات الهواء الصافي ترتبط في الواقع بالتيارات النفاثة، “ولكنها مسألة تعريف”.

أما الجيب الهوائي، فيوضح هايدر أنه لحظة مرعبة إلى حد ما عندما تسقط الطائرة فجأة، مضيفا: “تحلق الطائرة في منطقة ينخفض فيها الهواء في كل مكان حولها، وبالتالي تنخفض الطائرة أيضا”.

والسؤال هو، هل يمكن أن تتحمل الطائرة مثل هذه الضغوط؟

من الممكن أن يظن المرء أن الطائرة قد تتفكك في حال تعرضت لمطبات هوائية قوية. ولكن هايدر يطمئن الجميع بهذا الشأن، حيث يقول إنه في ضوء لوائح التركيب الصارمة والتي تقوم على إجراءات أمنية مشددة بالنسبة للطائرات الحديثة، فإن ذلك الأمر مستبعد للغاية.

ويقول مهندس الطيران إنه “وفقا لكل ما نعرفه حتى الآن عن القوى التي تحدث أثناء المطبات الهوائية، فإنه من الممكن استبعاد ذلك”.

16