هل يستطيع ماكرون إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا

الرئيسي الفرنسي إمانويل ماكرون قد تتاح له فرصة إنهاء حرب دمرت أوكرانيا عبر جلب كييف إلى الاتحاد الأوروبي.
الأربعاء 2024/05/29
قراءة تثير الشكوك

واشنطن - في ظل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة، والنزاعات المسلحة المستمرة، صارت قضية الاستقلالية الإستراتيجية الأوروبية مسألة ملحة، في ضوء الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، والتي أثبتت ضرورة تعزيز القدرات الدفاعية لأوروبا بشكل مستقل عن الحلفاء التقليديين.

ويروج العديد من قادة أوروبا، مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لفكرة تحقيق استقلالية إستراتيجية تمكن الاتحاد الأوروبي من تأمين مصالحه وأمنه بشكل أكثر فاعلية.

ويقول الباحث أندرو داي في تقرير نشرته مجلة ناشونال انترست إن الرئيس الفرنسي يقدم رؤيته لـ"أوروبا تستحق الاحترام وتضمن أمنها الخاص"، ويؤكد أن أوكرانيا جزء من هذه “العائلة الأوروبية" و"ستنضم حتما إلى الاتحاد عندما يحين الوقت لذلك". وهذه الأهداف - "الاستقلال الإستراتيجي" الأوروبي وأوكرانيا الأوروبية بشكل كامل - قد تكون متصلة أكثر مما يدرك ماكرون حتى الآن.

وبينما تكافح أوكرانيا ميدانيا للتغلب على تميز روسيا في القوة العسكرية والمواد، ربما تتاح لماكرون فرصة إنهاء حرب دمرت أوكرانيا، وجلب أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، وأيضا المساهمة في تحويل القارة إلى “أوروبا القوية” التي يتصورها. ويؤكد مقال نشرته مؤخرا مجلة "فورين أفيرز" أن المفاوضين الروس اتفقوا خلال المفاوضات الفاشلة في وقت مبكر من الحرب، على أنه يمكن لأوكرانيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي كجزء من اتفاق سلام.

ويرى الباحث داي أن نيل عضوية الاتحاد الأوروبي من شأنه أن يحقق هدف أوكرانيا القديم المتمثل في التحول إلى أوروبا الحرة والمزدهرة. كما يمكن أن يمنح كييف الضمانات الأمنية التي تريدها بشكل مفهوم حال هجوم موسكو عليها مرة أخرى في المستقبل. وتلزم سياسة الأمن المشترك التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي، وهي أقل شهرة من سياسة الدفاع الذاتي الجماعي لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، الدول الأعضاء بمساعدة أي دولة عضو في مواجهة أي “عدوان مسلح على أراضيها”.

◙ أهداف الاستقلال الإستراتيجي الأوروبي وأوكرانيا الأوروبية بشكل كامل قد تكون متصلة أكثر مما يدرك ماكرون حتى الآن
◙ أهداف الاستقلال الإستراتيجي الأوروبي وأوكرانيا الأوروبية بشكل كامل قد تكون متصلة أكثر مما يدرك ماكرون حتى الآن

ولقد سمح الاتحاد الأوروبي تاريخيا للأعضاء المحايدين وغير المنحازين بالانسحاب من الأمن المشترك. ومع ذلك، وفي حين تفضل موسكو أن تصبح أوكرانيا دولة عازلة محايدة، فإن تسوية ما بعد الحرب ستكون أكثر استقرارا إذا قللت أوروبا من شعور كييف بالضعف. وإضافة إلى ذلك، سيستفيد الاتحاد الأوروبي من الجيش الأوكراني ذي الخبرة القتالية.

وبطبيعة الحال، تفضل كييف الحصول على ضمانات أمنية من الولايات المتحدة، القوة العسكرية العظمى. ومع ذلك، وفقا لمقال "فورين أفيرز"، فإن هذا "غير مقبول بالنسبة لواشنطن". ولحسن حظ أوكرانيا، تتطلع أوروبا إلى تعزيز قدراتها العسكرية في عصر يتسم بتعدد الأقطاب والغموض.

ويقول داي إنه في الوقت الذي تستعد فيه أوروبا لعودة دونالد ترامب للبيت الأبيض، وشعار"أميركا أولا"، وتترنح من الحرب الروسية - الأوكرانية في عامها الثالث، فإن ماكرون ليس زعيم الاتحاد الأوروبي الوحيد الذي يروج للاكتفاء الذاتي العسكري. وقال منسق السياسة الخارجية والأمنية المشتركة في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في مارس الماضي "لقد جلبت الحرب العدوانية الروسية إحساسا كبيرا بضرورة تعزيز قدراتنا الدفاعية الصناعية".

وقبل شهر، دعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أوروبا إلى “تحمل مسؤولية أمنها”، مشيرة إلى أنه “ليست لدينا سيطرة على الانتخابات أو القرارات في أجزاء أخرى من العالم”.وجاء في تقرير لصحيفة “بوليتيكو” أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي يتصارعان، في الوقت الذي يصبح فيه الأخير أكثر حزما في مجال الدفاع.

ويدعو البعض إلى تعيين أول مفوض دفاع – ضمن المفوضية الأوروبية الجديدة عقب انتخابات البرلمان الأوروبي الشهر المقبل – من أجل تمويل صناعة الأسلحة الأوروبية بشكل كاف.ويتساءل داي: هل يكون التزام الاتحاد الأوروبي بالدفاع عن أوكرانيا ذا مصداقية؟ ويقول إن الجواب نعم، على نحو متزايد، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير للرئيس الفرنسي، الذي أثار في عدة مناسبات إمكانية إرسال قوات غربية لأوكرانيا، وهو اقتراح وجده قادة المعارضة صادقا على نحو مؤلم ويبدو أن موسكو تأخذه على محمل الجد.

وأشار ماكرون مؤخرا إلى أن باريس يمكن أن “تضفي الطابع الأوروبي” على ترسانتها النووية، مما يجعل أوروبا بأكملها تحت مظلة فرنسا النووية. وبهذه الخطوات، يحاول قصر الإليزيه إحداث “غموض إستراتيجي”، بحيث يعتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الغرب قد يتدخل حال صعد عدوانه على أوكرانيا. ونظرا لموقف روسيا التفاوضي المواتي بشكل متزايد، قد تكون موسكو أقل استعدادا مما كانت عليه قبل عامين لإعطاء الضوء الأخضر لأوكرانيا كي تنضم للاتحاد الأوروبي.

ولكي تصبح مشاركة أوكرانيا في الإطار الأمني المشترك للاتحاد الأوروبي أكثر قبولا لبوتين، على ماكرون حشد القادة الأوروبيين للتعهد بأنهم، في المقابل، سيمنعون انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، وهو أمر بدأت واشنطن الدفع باتجاه تحقيقه خلال قمة بوخارست في عام 2008، رغم المعارضة الروسية الصاخبة.

وبالإضافة إلى ذلك، يجب على الرئيسين الفرنسي والأوكراني التعهد بأن الدول الأوروبية فقط، وليس الولايات المتحدة، ستتعاون عسكريا مع أوكرانيا بعد الحرب. وجعلت جهود الولايات المتحدة بأن تصبح أوكرانيا جزءا من حلف شمال الأطلسي – سواء بشكل فعلي أو قانوني – غزو بوتين للبلاد أكثر احتمالا على نحو واضح. والآن، ولحل النزاع، يجب التراجع عن ذلك الخطأ الإستراتيجي المصيري.

◙ في الوقت الذي تستعد فيه أوروبا لعودة ترامب للبيت الأبيض فإن ماكرون ليس زعيم الاتحاد الأوروبي الوحيد الذي يروج للاكتفاء الذاتي العسكري
◙ في الوقت الذي تستعد فيه أوروبا لعودة ترامب للبيت الأبيض فإن ماكرون ليس زعيم الاتحاد الأوروبي الوحيد الذي يروج للاكتفاء الذاتي العسكري

7