أرشيفك الذي لا يمحى

لا تستهن بأيّ كلمة تنشرها على صفحاتك الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي، فقد تتحول في يوم من الأيام إلى سيف مسلط على رقبتك.
الأحد 2024/05/26
العالم الافتراضي دليلك لكي تكون حيث تكون

لا تستهن بأيّ كلمة تنشرها على صفحاتك الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي، فقد تتحول في يوم من الأيام إلى سيف مسلط على رقبتك. ببساطة أصبحت تلك الصفحات أقرب إلى أن تكون وثائق إرشاد أمني وتحقيق قضائي، ومراجع لفهم شخصيتك والتعرف على مواقفك وآرائك من قبل الجهة التي تتقدم إليها بطلب توظيف مثلا، وقد تكون تدوينة قديمة أو صورة تشاركت فيها مع الأصدقاء كافية لمنعك من الحصول على تأشيرة سفر لهذا البلد أو ذاك. أول محطة لتقييمك اليوم هي حسابك الشخصي على هذا الموقع أو ذاك.

المشكلة الأكبر، أن السلطات الحكومية في أغلب الدول تمتلك أدوات النبش في أرشيفك الشخصي على مواقع التواصل حتى لو اعتقدت أنك قمت بمسحه، وأنك تخلصت من مشاكله. في عام 2010، طلب طالب القانون النمساوي ماكس شريمز من فيسبوك تزويده بجميع بيانات المستخدم المرتبطة بحسابه. وعندما التزمت الشركة بذلك، اكتشف أن فيسبوك يحتفظ بسجل للمشاركات والرسائل المحذوفة بالإضافة إلى المعلومات التي لم يقدمها شخصيا، وبدلا من ذلك حصلت الشركة على دفاتر عناوين أصدقائه.

ردا على كمية البيانات المؤرشفة التي احتفظ بها فيسبوك دون موافقة، أنشأ شريمز مجموعة أوروبا مقابل فيسبوك. نشرت المجموعة بيانات شريمز وقدمت شكوى ضد الشركة لدى فرع مكتب مفوض حماية البيانات الأيرلندي التابع للاتحاد الأوروبي. يواجه فيسبوك اتهاما بانتهاك قوانين الخصوصية في الاتحاد الأوروبي من خلال الاحتفاظ ببيانات حول المستخدمين، خاصة بعد أن تم حذف البيانات المذكورة من قبل المستخدم.

منذ ظهور فيسبوك في عام 2004، وتويتر في عام 2006، وإنستغرام في عام 2010، انتقلت غالبية البيانات الاجتماعية الشخصية للأفراد من العالم المادي إلى العالم الرقمي. هذا التدفق للبيانات الاجتماعية، مثل الصور والفيديو والرسائل والتغريدات والمشاركات والتعليقات، يعيش على خوادم الطرف الثالث بدلا من أجهزة الكمبيوتر الشخصية للأشخاص، مما يزيل سيطرة الأفراد على نشر هذه المعلومات. على نحو متزايد، أصبح الناس على دراية بكمية المعلومات الشخصية التي نشروها على مواقع التواصل الاجتماعي ويطالبون بالوصول إلى هذه الأرشيفات الشخصية لاستعادة هذه البيانات. قد لا يصلون بسبب التعقيدات، ولكن الجهات الرسمية والمتمكنة يمكنها الوصول وفتح السجلات القديمة.. فلا تستهن بأيّ كلمة أو صورة، لأنك قد تدفع ثمنها غاليا في يوم من الأيام.

18