خراف طاجيكستان العملاقة مصدر ربح وعامل محافظ على البيئة

حصار (طاجيكستان) - تُعد خراف حصار، وهي السلالة الأكبر حجما من هذه الحيوانات في العالم، مرغوبة جدا في آسيا الوسطى لأنّها مربحة وتتكيّف بشكل جيّد مع التغير المناخي.
على سفوح تلال طاجيكستان، يحرس الراعي بختيور شاريبوف قطيعه المؤلف من نحو 250 رأس خروف من سلالة حصار التي تتميّز بحجم استثنائي.
وتتنقل هذه الحيوانات التي لها كتلة دهنية كبيرة في مؤخراتها، في مراعي سفوح حصار، وهي منطقة تقع غرب العاصمة دوشانبي ومنها أتت هذه السلالة من الخراف.
ويقول بختيور البالغ 18 عاما لوكالة فرانس برس وبجانبه كلبه الأبيض “سيزار” من نوع الكلب الراعي الخاص بآسيا الوسطى “يصل وزن خروف حصار إلى 135 كيلوغراما في المتوسط. وبما أننا في نهاية فصل الشتاء، يكون وزنها أقل، لكنّها تكتسب وزنا بسرعة”.
تُعدّ هذه الخراف التي يبلغ عددها نحو مليوني رأس، مصدر فخر لطاجيكستان التي لا تتوافر فيها إمدادات كافية من اللحوم والمراعي ذات الجودة العالية.
20
في المئة من المنطقة تأثرت بالإحترار المناخي، أي حوالي 800 ألف كيلومتر مربع، وهو ما يعادل مساحة تركيا
ويشير بختيور إلى أنّ “خراف حصار تكتسب الوزن سريعا، حتى لو كانت الكمية المتاحة لها من الماء والعشب محدودة”.
ومن المؤشرات الدالة على أهمية هذه الخراف، نصب ذهبي اللون يمثل ثلاثة خراف على حافة الطريق المؤدي إلى واد يحمل الاسم نفسه، وسط العشرات من الملصقات التي تمجّد الرئيس إمام علي رحمانون الذي يتولى السلطة منذ العام 1992.
في حديث إلى وكالة فرانس برس، يقول العضو في الأكاديمية الطاجيكية للعلوم الزراعية شاروفجون راخيموف إنّ “المزارعين يربّون خراف حصار لأنها مربحة”.
ويضيف “هذه السلالة فريدة، أولا بسبب وزنها الذي يمكن أن يصل إلى 210 كيلوغرامات، ولأنّ إنتاجيتها من اللحوم والدهون عالية، إذ تبلغ نحو ثلثي وزنها الإجمالي”، لتتفوّق بذلك على سلالات أخرى من الخراف تأكل كميات أكبر وتنتج لحوما أقل.
ويتابع “كذلك، لا تبقى هذه الأغنام في المكان نفسه، وتساهم تاليا في تحسين الوضع الإيكولوجي للتربة، إذ يحدّ تنقّلها من تدهور المراعي، وبإمكان هذه الخراف اجتياز مسافة تصل إلى 500 كيلومتر بفضل كتلتها العضلية”.
ويشكل تدهور الأراضي الصالحة للزراعة، تحت التأثير المشترك للاحترار المناخي والرعي الجائر، أحد التحديات البيئية الرئيسية في آسيا الوسطى.
ويشير تقرير للأمم المتحدة صدر في نوفمبر 2023، إلى أنّ 20 في المئة من المنطقة تأثرت بهذه الظاهرة المتسارعة، أي حوالي 800 ألف كيلومتر مربع، وهو ما يعادل مساحة تركيا.
وتأثر أكثر من 18 مليون نسمة في آسيا الوسطى، أو ربع السكان، بتدهور الأراضي الصالحة للزراعة الذي يتسبب مع الغبار الذي يولّده، بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والجهاز التنفسي ويعزز من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، إذ يفضل المزارعون ترك أراضيهم ذات المحاصيل المنخفضة، والهجرة.
وفي هذا السياق، يُعدّ الحفاظ على إنتاجية عالية أمرا ضروريا. في مركز التكنولوجيا الحيوية الخاص به قرب دوشانبي، يحتفظ العالم إبروكيم بوبوكالونوف بالسائل المنوي لأفضل خراف حصار ويحرص على نموها بشكل سليم.
230
كيلوغراما، وزن الخروف وهو رقم قياسي بحسب موسوعة "غينيس" خلال مسابقة زراعية في كازاخستان العام الفائت
ويؤكد بوبوكالونوف أن “الطلب على خراف حصار يتزايد ليس فقط في طاجيكستان، بل أيضا في كازاخستان وقيرغيزستان وروسيا وتركيا وأذربيجان والصين وحتى في الولايات المتحدة”.
وباتت فصيلة حصار مصدرا للتنافس بين دول المنطقة، وقد اتهمت طاجيكستان أخيرا جيرانها بالتعدي على السلالة من أجل تزويجها لأصناف محلية أخرى وإنتاج خراف أثقل، يصل سعرها إلى أرقام خيالية.
وخلال مسابقة زراعية في كازاخستان العام الفائت، وصل وزن خروف حصار إلى 230 كيلوغراما، وهو رقم قياسي بحسب موسوعة “غينيس”، فيما بيع خروف آخر بـ40 ألف دولار في العام 2021. وفي قيرغيزستان، تجاوز وزن بعض الخراف 210 كيلوغرامات. لذا من البديهي لطاجيكستان ترك وزن الخراف يتضاعف.
ويقول بوبوكالونوف أمام خروف موضوع على ميزان وساقاه مربوطتان “هذا ميشا، وزنه 152 كيلوغراما وقيمته 15 ألف دولار”، وهو مبلغ يعادل متوسط الراتب الشهري في طاجيكستان لست سنوات.
ويتابع “آمل أن يصبح وزنه بحلول وقت المنافسة هذا الصيف، بين 220 و230 كيلوغراما”، مضيفا “من خلال إطعامه منتجات طبيعية فقط، من دون منشطات، يمكنه اكتساب نحو 800 غرام يوميا”.
بالإضافة إلى فوائده على البيئة، يُعد لحم هذه الحيوانات شائعا في منطقة يشكل فيها لحم الخراف عنصرا أساسيا في الأطباق. ويقول أوميدجون ولداتشيف “يمكننا طهو أي طبق طاجيكي مع لحم خروف حصار”.