عملية رفح تخرج الخلافات بين مصر وإسرائيل إلى العلن

القاهرة – أخرج اتساع نطاق عمليات الجيش الإسرائيلي في مدينة رفح بجنوب قطاع غزة الخلافات بين القاهرة وتل أبيب إلى العلن، في الوقت الذي جددت فيه إسرائيل اتهام مصر بغلق معبر رفح، وهو الاتهام الذي يضع المصريين تحت الضغط.
وقال وزير خارجية إسرائيل يسرائيل كاتس، في تغريدة على منصة إكس، إنه “تحدث مع نظيره البريطاني ديفيد كامرون ووزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك حول الحاجة إلى إقناع مصر بإعادة فتح معبر رفح للسماح باستمرار إيصال المساعدات الإنسانية الدولية إلى غزة”.
واتهم وزير الخارجية المصري سامح شكري الثلاثاء إسرائيل بـ”لي الحقائق” و”التنصل من مسؤولية” الأزمة الإنسانية في غزة، تعقيبا على تصريحات كاتس.
وقال شكري في بيان وزعه مكتبه في القاهرة “تعقيبا على تصريحات وزير خارجية إسرائيل المطالبة بإعادة فتح معبر رفح وتحميل مصر مسؤولية وقوع أزمة إنسانية في قطاع غزة، تؤكد مصر رفضها القاطع لسياسة لي الحقائق والتنصل من المسؤولية التي يتبعها الجانب الإسرائيلي”. وأضاف أن “إسرائيل هي المسؤولة الوحيدة عن الكارثة الإنسانية التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة حاليا”.
ويأتي هذا التصعيد بعد حديث وسائل إعلام أميركية الثلاثاء عن إمكانية خفض مصر علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، ردا على العملية العسكرية التي تقوم بها في رفح القريبة من الحدود المصرية.
ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مسؤولين مصريين قولهم إنه من الممكن أن تكون إحدى عواقب عمليات غزة “سحب السفير المصري من تل أبيب”، لكنْ “لا توجد حاليا خطط لقطع العلاقات تماما”.
ورفعت القاهرة حدة التصريحات ضد تصورات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في غزة، ما يمنحه فرصة للمضي في تصرفاته الرامية إلى إطالة أمد الحرب، إذ يمنحه تصعيد الخطاب السياسي مبررا لتعطيل المفاوضات مع حركة حماس، والتشكيك في حيادية الوسيط المصري.
وقدمت حماس إلى نتنياهو هدية عسكرية عندما أطلقت عددا من الصواريخ على جنود إسرائيليين تمركزوا عند معبر كرم أبوسالم. وكشف الهجوم عن انقسام حول الموقف من المفاوضات التي كانت قد أحرزت تقدما وقت إطلاق الصواريخ؛ إذ تريد مصر وقطر والجناح السياسي لحماس المقيم في الخارج إتمام صفقة الأسرى سريعا، بينما تريد إيران والجناح العسكري للحركة في الداخل استمرار الحرب إلى أجل غير مسمى.
وبلغ البرود بين مصر وإسرائيل حد تجميد الاتصالات الأمنية، وتضامن القاهرة مع جنوب أفريقيا في القضية المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، ويستطيع نتنياهو الإيحاء بأن تعطل الصفقة يأتي لعدم حياد موقف القاهرة في الوساطة.
وتعاملُ القاهرةِ مع ما تقوم به قوات الاحتلال في غزة بقدر من ضبط النفس خلال الفترة الماضية، فسرته دوائر إسرائيلية بأنه “عدم اعتراض” على تصرفاتها العسكرية، بينما اعتبرت دوائر مصرية أن الهدف منه هو منع توسيع نطاق الحرب، وتحجيم نفوذ المتشددين، والحرص على مواصلة مصر لدورها في ملف الوساطة ووقف انهيارها.
حماس قدمت إلى نتنياهو هدية عندما أطلقت عددا من الصواريخ على جنود إسرائيليين تمركزوا عند معبر كرم أبوسالم
وقال عضو لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان المصري اللواء يحيى كدواني إن وساطة القاهرة مستمرة، ولا يمكن أن تتوقف بسبب المسؤولية القومية تجاه القضية الفلسطينية، وما يحدث من اعتداءات على المدنيين في رفح ومحاولات تهجير سكان القطاع دفع مصر إلى التصعيد السياسي، وهو رسالة للضغط على تل أبيب لوقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات وإيجاد تسوية حقيقية للقضية الفلسطينية. وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “الدور المصري في الوساطة لن يتوقف ويحظى بدعم من الإدارة الأميركية”، مشددا على أن “الوساطة تسير في مسار بعيد عن التوتر مع إسرائيل”.
ولفت اللواء كدواني إلى أن “سعي مصر لإيجاد تسوية سياسية للقضية الفلسطينية محل ثقة، ومشاورات وقف الحرب مستمرة، وتجنيب المدنيين المزيد من الدمار أمر يتوافق عليه المجتمع الدولي حاليا، وفي المقابل أجهزة الدولة المصرية تسعى للحفاظ على الأمن القومي، وتدافع عن ذلك بكافة الوسائل الممكنة”.
وأعلن الجيش الإسرائيلي بدْء عملية عسكرية بمدينة رفح في الخامس من مايو الجاري، متجاهلا تحذيرات إقليمية ودولية من تداعيات ذلك، في ظل وجود أكثر من مليون فلسطيني في المدينة.
وظهرت علامات التوتر السياسي بعد أن منحت إسرائيل مصر ما وُصف بأنه “إشعار” قبل ساعات من سيطرة قوات الاحتلال على معبر رفح، وطمأنت تل أبيب القاهرةَ على أن المعبر الذي يشكل نقطة دخول رئيسية للمساعدات الإنسانية من مصر لن يتأثر، وأن الفلسطينيين سيُمنحون أسابيع لإخلاء المنطقة بأمان.
وأكد وزير الخارجية المصري مؤخرا أن اتفاقية السلام مع إسرائيل خيار إستراتيجي اتخذته الدولة منذ أكثر من أربعة عقود، ويعد ركيزة رئيسية في المنطقة لتحقيق السلام والأمن، وقال “الاتفاقية لها آلياتها التي يتم تفعيلها لتناول أي مخالفات. وهذا أمر يتم في إطار فني وفي إطار لجنة الاتصال العسكري”.