موريتانيا تغير نهجها المرن تجاه مالي

نواكشوط - تحولت الحدود الموريتانية – المالية إلى بؤرة توتر وسط تأكيد نواكشوط على أنها لن تقبل بأي تجاوز مستقبلي من قبل باماكو، في موقف يعكس تغيرا في النهج الموريتاني الذي لطالما اتسم بالمرونة.
وتصاعد التوتر بين البلدين الجارين على إثر تغلغل لقوات من الجيش المالي مرفوقة بعناصر من فاغنر الروسية، إلى داخل الأراضي الموريتانية خلال ملاحقتها لمقاتلين من حركة “أزواد” الانفصالية.
وقد أثارت الواقعة التي جدت في الثامن من أبريل المنقضي ردود فعل غاضبة من نواكشوط التي سارعت لاستدعاء السفير المالي محمد ديباسي، احتجاجا على ما قالت إنه “اعتداءات متكررة داخل الأراضي المالية” تعرض لها موريتانيون.
ورغم حدوث بعض التحركات لاحتواء التوتر من خلال الزيارات المتبادلة لوزيري الدفاع لكن يبدو أن الأمور لم تنحل، وهو ما دفع نواكشوط إلى تغيير نهجها تجاه الجارة مالي، وإيصال رسائل بأنها لن تقبل بأي استفزاز، أو اختراق لحدودها عن عمد أو بدونه.
وشكلت المناورة العسكرية التي أجراها الجيش الموريتاني على مدى يومي السبت والأحد، بالقرب من الحدود المالية الرسالة الأبلغ.
ونشر الجيش، عبر حسابه على فيسبوك، صورا للمناورات، وقال إن الهدف منها هو “الوقوف على جاهزية الوحدات المقاتلة ومستواها العملياتي”.
وأضاف أن الهدف من المناورات “الاطلاع على الاحتياجات اللوجستية لهذه الوحدات، واختبار أسلحة المشاة والمدفعية ومضادات الطيران وراجمات الصواريخ والطائرات المقاتلة”.
وأوضح أن خلال المناورات تم “تجريب تعاون وتنسيق مختلف أنواع الأسلحة أثناء سير المعركة”.
وأفاد بأن “أسلحة الطيران والمدفعية والقوات الخاصة شاركت في تدمير عدو افتراضي حاول التسلل داخل التراب الوطني لغرض تنفيذ عمل عدواني”.
وتابع أنه جرى أيضا “اختبار فعالية منظومة راجمات صواريخ 107، التابعة لسلاح المدفعية، بالإضافة إلى رماية ناجحة لبطاريات مدفعية ثقيلة نوع هاوتزر عيار 122 مم”.
وبالتوازي مع ذلك قام قائد الأركان الفريق المختار بله شعبان، بتفقد الوحدات العسكرية المرابطة على الحدود الجنوبية الشرقية للبلاد، في قطاعي المنطقتين العسكريتين الرابعة والخامسة.
وحث قائد أركان الجيش قادة الوحدات والجنود على اليقظة الدائمة، والاستعداد للتعامل بحزم مع مختلف أنواع التهديدات، التي قد تفرزها حالة عدم الاستقرار التي تعيشها المنطقة.
ويعتقد مراقبون أن التوتر بين نواكشوط وباماكو يتجاوز حادث تغلغل قوات من مالي إلى الأراضي الموريتانية، حيث إن الأمر ليس بجديد وسبق وأن حدثت اختراقات عديدة في سياق التداخل الجغرافي بين البلدين وعدم إتمام ترسيم الحدود البرية.
ويشير المراقبون إلى أن الإشكال الأساسي يكمن في غياب الثقة بين النظام العسكري المالي والنظام المرويتاني، وأن كل طرف يرى أن الآخر قد يشكل تهديدا مستقبليا، لاسيما وأن باماكو أصبحت منصهرة في الأجندة الروسية في المقابل فإن نواكشوط تبدو أقرب إلى المحور المقابل أي الولايات المتحدة وفرنسا.
ويرى المراقبون أنه بالرغم من غياب الثقة بين الجانبين، لكن من غير الوارد حصول هزة كبيرة تفتح المجال أمام صراع بين البلدين على الأقل على المدى المنظور، مشيرين إلى أن رسائل نواكشوط ستكون حتى الآن كافية لمنع أي استفزاز من جانب باماكو.
وقال وزير الدفاع الموريتاني حنن ولد سيدي الاثنين إن السلطات المالية شرعت في وضع خطط محكمة لتجنب أي تجاوز جديد داخل الأراضي الموريتانية.
وأكد ولد سيدي خلال جولة تفقدية صحبة وزير الداخلية في تجمع القرى الواقعة على الحدود مع مالي، أن الوحدات العسكرية الموريتانية على الشريط الحدودي سيتم تعزيزها في المستقبل القريب.
وترتبط موريتانيا ومالي بحدود برية تعد الأطول في المنطقة، وتبلغ ألفين و237 كيلومترا، معظمها في صحراء قاحلة.
وتنشط على طول الحدود تنظيمات كثيرة توصف بالمتشددة أو الانفصالية، بينها فرع “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” وحركة “أزواد”.