الجيش السوداني يستعين بمرتزقة من تيغراي

الحكومة الإثيوبية تكشف عن ورود معلومات تفيد بوجود قوات من جبهة تحرير تيغراي تقاتل إلى جانب الجيش السوداني.
الاثنين 2024/05/06
وصل المدد

الخرطوم - اتهمت قوات الدعم السريع الجيش السوداني بالاستعانة بمرتزقة أجانب من مقاتلي جبهة تحرير تيغراي الإثيوبية، وهي اتهامات أكدتها أديس أبابا التي أعربت عن رفضها الشديد لإقحام مواطنين إثيوبيين في النزع الدائر في السودان. وتمكن الجيش السوداني من فرملة اندفاعة قوات الدعم السريع، وهو ما كان ليحصل، وفق متابعين، لولا وجود دعم من قوى وأطراف أخرى.

وبدت الحرب الجارية في السودان تصب في صالح قوات الدعم السريع خلال التسعة أشهر الأولى من اندلاعها، حيث تمكنت الأخيرة من السيطرة على العديد من المدن والمناطق، لاسيما في إقليم دارفور غرب البلاد، قبل أن تشهد بعض التراجع وإن بدا حتى الآن غير مؤثر، في الفترة الأخيرة.

وأكدت قوات الدعم السريع في بيان على أنه “توفرت لدينا معلومات موثقة عن وجود قوات من جبهة تحرير تيغراي غير موقعة على السلام متهمة بارتكاب فظائع وأعمال إجرامية في أثيوبيا تقاتل إلى جانب قوات الجيش السوداني ومليشيا البرهان وكتائب نظام المؤتمر الوطني البائد”.

وأضاف البيان “أن الحقيقة المثبتة التي لا يمكن إغفالها أو التغطية عليها، هي أن ميليشيا البرهان تستعين بمرتزقة أجانب يتواجدون الآن داخل معسكراتها، إلى جانب استعانتها بمليشيات النظام البائد وكتائبه الجهادية ذات الارتباط المعلوم بمجموعات إرهابية معروفة، فضلاً عن استعانته بمرتزقة الحركات المسلحة”.

وأوضحت الدعم السريع في البيان أن الجيش استنجد منذ بداية الحرب، بجهات وقوات أجنبية من دول مختلفة للقتال ضد الدعم السريع، وشاركت هذه القوات في مهام عسكرية وفنية، في سلاح الجو والمهندسين وسلاح المدفعية، إلى جانب الطائرات الحربية المسيرة وإدارة المعلومات الحربية. وقالت “مراصدنا الخاصة سجلت هلاك عدد من المرتزقة في المعارك، وجرى نقل جثامين بعضهم إلى بلدانهم في توابيت عبر مطار بورتسودان خلال شهري نوفمبر وديسمبر من العام الماضي”.

◙ مشاركة قوات من تيغراي في الصراع تثير مخاوف أديس أبابا التي قد تجد نفسها مضطرة إلى إعادة النظر في موقفها من طرفي النزاع في السودان

وتتوافق اتهامات الدعم السريع مع تسريبات من مصادر قريبة من لجنة أمن ولاية القضارف السودانية المتاخمة لإثيوبيا، تتحدث عن أن الجيش استعان بقوات تتبع للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي والتي ظلت منخرطة على مدى عامين كاملين (2020-2022) في حرب ضارية ضد الجيش الإثيوبي، قبل أن تضع تلك الحرب أوزارها باتفاقية سلام وقعت في جنوب أفريقيا في نوفمبر 2022.

وقال مصدر أمني مطلع في ولاية القضارف “إن هذه القوات التي تتبع للجبهة الشعبية لتحرير (تيغراي) المعروفة شعبياً في إثيوبيا بـ(وياني تيغراي)، تتواجد في منطقة أعالي نهري عطبرة وسيتيت على بعد 30 كيلومتر من مدينة الشواك داخل حدود ولاية القضارف، وتم نقل بعضها مؤخراً إلى معسكر (حريرة) الواقع على الطريق الذي يربط القضارف بمحلية الفاو، والذي يعتبر مركزا رئيسيا لعملياتها المنسقة مع الجيش، كما تتواجد بعض قواتهم في معسكر (المقرح) على مشارف منطقة الفاو.

ووفقاً لعدة مصادر تحدثت لموقع “الراكوبة” السوداني فإن هذه القوات تشارك حالياً في الحرب ببعض المناطق في قرى ولاية الجزيرة، ويوجد بعضها في قريتي (الحريز والبقاصة) على طريق مدني القضارف.

ويقول مراقبون، إن مشاركة قوات من تيغراي في الصراع السوداني، تثير مخاوف أديس أبابا التي قد تجد نفسها مضطرة إلى إعادة النظر في موقفها من طرفي النزاع في السودان. وأعلنت الحكومة الإثيوبية في بيان أنه قد وصلها عدة معلومات تفيد بوجود قوات من جبهة تحرير تيغراي المتمردة سابقا تقاتل إلى جانب قوات الجيش السوداني.

ولفتت إلى أن العناصر المقصودة في اتهامات الدعم السريع مجموعة تدعى قوات سامري، متهمة بارتكاب مذبحة في بلدة ماي كادرا قرب الحدود السودانية، وتعتبر أكبر مذبحة وتطهير عرقي للمدنيين الأبرياء نُفذت خلال الحرب الإثيوبية في 9 – 10 نوفمبر عام 2020.

وأوضحت أن هذه المجموعة لم تدخل إثيوبيا بعد توقيع اتفاق سلام في نوفمبر العام الماضي، خوفا من العقاب أو الاعتقال بالإضافة إلى خوفها من الأهالي في حال تعرفوا عليها.

وأدانت الحكومة الإثيوبية بشدة إقحام مواطنين إثيوبيين في الحرب السودانية مع أي من طرفي الحرب. وعلى خلاف نهجها، التزمت قيادة الجيش السوداني الصمت حيال الاتهامات التي تواجهها بالاستعانة بمرتزقة أجانب على أمل تغيير موازين القوى ضد الدعم السريع.

ويعتقد متابعون أن السلوك الذي تنتهجه قيادة الجيش السوداني من شأنه أن يكرس الصراع الراهن، ويفتح الباب أمام سيناريوهات خطيرة، حيث أن بعض القوى الإقليمية لن تقف هي الأخرى صامتة.

2