متحف النوبة بمصر.. مزيج حضارات قديمة على "أرض الذهب"

أسوان (مصر) - في قلب مدينة أسوان التاريخية المطلة على نهر النيل جنوبي مصر يحتضن متحف النوبة مزيجا من الحضارات القديمة والحديثة، والتي تنطق بروعة التصميم وجمال الإبداع، تزوره على مدار العام أفواج من الأجانب والمصريين على حد السواء.
وترجع جذور حضارة النوبة إلى 10 آلاف سنة في بلد يعج بالآثار ويضم إحدى عجائب الدنيا السبع، و”كان القدماء المصريون يسمون النوبة بأرض الأقواس نسبة إلى مهارة أهلها في الرماية، وكانوا يستعينون بهم في الحروب”، وفق هيئة الاستعلامات المصرية.
واسم النوبة مشتق من لفظ “نوب” الذي يعني باللغة المصرية القديمة الذهب، ولهذا يطلق عليها اسم “أرض الذهب”، وفق المصدر ذاته.
وعند تجاوز بهو المتحف، الذي تأسس عام 1997، تستقبلك الحضارة المصرية القديمة وتعود بك إلى الآلاف من السنين، عبر تمثال شاهق للملك الفرعوني الشهير رمسيس الثاني، فضلا عن تمثال آخر له في المتحف يرتدي تاج الحرب، وصولا إلى تماثيل أخرى تعود إلى العصور اليونانية والرومانية، انتهاء بالقبطية، والتي تسجل فترات زمنية بين 300 ق.م و300 ميلادية.
كما تلفت الأنظار ثلاثة تيجان من الفضة وجدت على رؤوس هياكل عظمية لملوك مصر القديمة، ويشير طرازها إلى خليط من رموز الديانة الفرعونية والفن البيزنطي المتمثل في التطعيم بالأحجار.
ويضم المتحف تماثيل عديدة أخرى تحاكي أحداثا تاريخية، منها تمثال نحي حاكم كوش، يمثل راكعا أمام معبودة فرعونية، ويعود إلى الأسرة الـ18 (1549 – 1550 و1292 ق.م)، وفق ما تشير إليه اللوحة الإرشادية. كما يضم تمثالا مزدوجا لملكة وأمير يرتديان زيا يتميز بالشال الملقى على الكتف الأيمن، ويرفع الأمير يده اليمنى ويسند تاج الملكة.
ووفق معلومات المتحف، فإن هذا التمثال “كان نادرا في الفن الكوشي التابع للحضارة الكوشية” (715 – 656 ق.م)، والتي تعرف باسم الأسرة الـ25، أو الأسرة النوبية أو الإمبراطورية الكوشية.
ويظهر تمثال آخر يمثل معبودة فرعونية تدعي “ماعت”، الشهيرة بأنها معبودة الحق والعدل، ويصورها التمثال وهي تسكب الماء.
وبنقوش لافتة على تمثال ينسب إلى ابن الملك أمون، تفيد معلومات المتحف بأن “طريقة نحت الحواجب والعيون والشفاه تشير إلى فترة حكم أمنحوتب الثالث”.
وتظهر خلف لوح زجاجي العشرات من التماثيل الصغيرة لجنود كانوا يحاربون في الجيش، في عصر الدولة الوسطى (1936 – 1760 ق.م)، وفق إرشادات اللوحات. وتشير الإرشادات إلى أن تلك النسخة نموذج فصيلة عسكرية وجدت في مقبرة في أسيوط، وتعود إلى الأسرة الـ11.
وينقل المتحف زواره إلى عالم آخر في تلك العصور القديمة، تبرز فيها هياكل بشرية وجماجم بحالة جيدة، وبقايا امرأة تقول اللوحات الإرشادية في المتحف إنها مصابة بأمراض دم ظاهرة في عظامها، وتعود إلى الدولة الوسطى، فضلا عن توابيت فرعونية تعود إلى الفترة الممتدة بين 722 و525 ق.م.
إلى جانب ذلك هناك تماثيل لمومياوات، من بينها مومياء لزوجة كاهن تدعى بادي، وأخرى لكبش (معبود ديني) عليه قناع ذهبي، وكلاهما من العصر البلطمي (332 – 30 ق.م).
ويسلط المتحف الأضواء على حضارة الدولة الحديثة والحضارة الكوشية بين 1500 و600 ق.م، حسب ما تشير إليه لوحاته الإرشادية.
وفي جانب آخر يسلط المتحف الضوء على الحياة النوبية القديمة والحديثة، ووفق معلومات وزارة الآثار المصرية يضم المتحف الآلاف من القطع الأثرية ونماذج من التراث النوبي التي تعرض التقاليد والحرف اليدوية المحلية في النوبة، بالإضافة إلى نموذج للبيت النوبي، يعكس لمحات من حياة المصريين اليومية في النوبة.