جبهة جديدة في السودان للسيطرة على الفاشر تثير مخاوف على المدنيين

اشتباكات الفاشر دفعت إلى تصاعد القلق الدولي على مصير المدينة التي كانت مركزا رئيسيا لتوزيع الإغاثة والمساعدات.
الأحد 2024/04/21
ديكارلو تقدم صورة مأساوية عن أوضاع السودان

نيويورك- حذّر مسؤولون كبار في الأمم المتحدة الجمعة مجلس الأمن الدولي من مخاطر ظهور جبهة جديدة في السودان تتّصل بالسيطرة على مدينة الفاشر في دارفور حيث بات السكّان على شفا مجاعة.

وقالت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسيّة روزماري ديكارلو إنّ البلاد تشهد “أزمة ضخمة من صنع الإنسان بالكامل”، بعد مرور عام على بدء الحرب بين الجيش بقيادة الجنرال عبدالفتّاح البرهان وقوّات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي).

وأضافت “المتنازعون تجاهلوا بشكل متكرّر الدعوات لوقف الأعمال العدائيّة، بما فيها تلك الصادرة عن هذا المجلس. وبدلا من ذلك، سرّعوا استعداداتهم للمزيد من المعارك”، متحدّثة عن “مواصلة القوّات المسلّحة السودانيّة وقوّات الدعم السريع حملاتهما لتجنيد مدنيّين”.

◄ مانحون يتعهدون بتقديم أكثر من ملياري دولار للسودان الذي مزقته الحرب في مؤتمر عُقد بباريس الاثنين

وأشارت إلى تقارير بشأن ارتكاب فظائع بما فيها استخدام واسع النطاق للعنف الجنسي باعتباره سلاحا للحرب، وتجنيد الأطفال من قبل أطراف النزاع، والاستخدام المكثف للتعذيب والاعتقال التعسفي المطول من قبل الطرفين.

ولفتت إلى تعرض الآلاف من المنازل والمدارس والمستشفيات وغيرها من مرافق البنية التحتية المدنية الأساسية للتدمير، مضيفة أن “الحرب دمرت مساحات واسعة من القطاعات الإنتاجية في البلاد، مما أدى إلى شل الاقتصاد”.

وأعربت خصوصا عن قلقها إزاء تقارير بشأن هجوم وشيك محتمل قد تشنّه قوّات الدعم السريع على الفاشر، وهو ما يثير خطر فتح “جبهة جديدة في النزاع”.

والفاشر هي عاصمة ولاية شمال دارفور، وقد لجأ إليها الكثير من النازحين بعدما ظلّت لفترة طويلة بمنأى عن الحرب الدائرة بين الطرفين منذ عام.

وقوات الدعم السريع التي يقودها دقلو المعروف بـ”حميدتي” تسيطر حاليا على أربع من عواصم ولايات دارفور الخمس، ما عدا الفاشر التي تضمّ مجموعات مسلّحة متمرّدة كانت قد تعهّدت حتى فترة قريبة الوقوف على مسافة واحدة من طرفَي الحرب، ما جنّبها الانزلاق إلى القتال.

إديم ووسورنو: أعمال العنف هذه تشكّل خطرا شديدا وفوريا على 800 ألف مدني يعيشون في الفاشر
إديم ووسورنو: أعمال العنف تشكّل خطرا شديدا وفوريا على 800 ألف مدني يعيشون في الفاشر

لكنّ هذا الموقف تبدّل مع إعلان جماعات متمردة أنّها قرّرت خوض القتال ضدّ قوات الدعم السريع بسبب “الاستفزازات والانتهاكات” التي تُتَّهم هذه القوّات بارتكابها في الفاشر.

ودفعت اشتباكات الفاشر إلى تصاعد القلق الدولي على مصير المدينة التي كانت مركزا رئيسيا لتوزيع الإغاثة والمساعدات. ومنذ منتصف أبريل، تم الإبلاغ عن قصف واشتباكات في قرى محيطة.

وكررت ديكارلو دعوة الأمين العام لجميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتفادي المزيد من سفك الدماء.

وتطرقت إلى منتدى جدة الذي قالت إنه يوفر وسيلة واعدة للحوار بين الأطراف المتحاربة للتوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية الانتقالية ذات الصلة.

ورحبت بنتائج مؤتمر باريس بشأن السودان قائلة “علينا أن نبني على الزخم الذي حققه مؤتمر باريس لتعزيز جهودنا للمساعدة في إنهاء القتال وإعادة السودان إلى مسار شامل نحو الديمقراطية الشاملة والتعافي”.

وقالت إديم ووسورنو، مديرة العمليات في مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا)، إنّ “ثمّة تقارير مستمرّة بشأن معارك في الأجزاء الشرقيّة والشماليّة من المدينة، ما تسبّب في نزوح أكثر من 36 ألف شخص”، مشيرة إلى أنّ منظّمة “أطبّاء بلا حدود” عالجت أكثر من 100 ضحيّة في الفاشر خلال الأيّام الأخيرة.

وأضافت أنّ “العدد الإجمالي للضحايا المدنيّين يُرجّح أنه أعلى من ذلك بكثير”، محذّرة من أنّ “أعمال العنف هذه تشكّل خطرا شديدا وفوريا على 800 ألف مدني يعيشون في الفاشر، وهذا يُهدّد بإثارة المزيد من العنف في أجزاء أخرى من دارفور”.

◄ الفاشر هي عاصمة ولاية شمال دارفور، وقد لجأ إليها الكثير من النازحين بعدما ظلّت لفترة طويلة بمنأى عن الحرب الدائرة بين الطرفين منذ عام

وأضافت في إحاطتها نيابة عن وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيث “من المحزن بشكل خاص رؤية ما حدث في السودان، بالنظر إلى الوضع الذي كانت عليه البلاد قبل بدء هذا الصراع، والتي كانت ملجأ آمنا لأكثر من مليون لاجئ، ومركزا إقليميا لمنشآت طبية وجامعات. لقد اختفى الكثير من هذا الآن”.

وكرّرت مطالبة أطراف النزاع باحترام التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، مشددة على أن العنف الجنسي محظور تماما مثل غيره من أشكال المعاملة اللاإنسانية، وأنه ينبغي للأطراف باستمرار حماية المدنيين والأعيان المدنية.

لكنها أضافت أنه “في الكثير من الأحيان، لا يبدو أن هذه الالتزامات يتم التمسك بها”. ودعت الأطراف كذلك إلى الوقف الفوري للعنف حول منطقة الفاشر وفي سائر أنحاء البلاد.

وقالت هيئة عالمية معنية بالأمن الغذائي تدعمها الأمم المتحدة أواخر الشهر الماضي إن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراء فوري “لمنع حدوث خسائر في الأرواح على نطاق واسع والانهيار التام لسبل العيش وتجنب أزمة جوع كارثية في السودان”.

وتعهد مانحون بتقديم أكثر من ملياري دولار للسودان الذي مزقته الحرب في مؤتمر عُقد بباريس الاثنين.

وخلال عام واحد، أدّت الحرب في السودان إلى سقوط الآلاف من القتلى بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.

كذلك، دفعت الحرب البلاد البالغ عدد سكّانها 48 مليون نسمة إلى حافة المجاعة، ودمّرت البنى التحتيّة المتهالكة أصلا، وتسبّبت بتشريد أكثر من 8.5 مليون شخص، حسب الأمم المتحدة.

6