"التعشير الحجازي" يبث فرح العيد في مكة المكرمة

أحد الفنون الشعبية الأدائية اشتهرت بها قبائل تهامة والشفا بمنطقة مكة المكرمة يشاع في العيد لإعلان الفرح بين الناس.
الأحد 2024/04/14
إرث ثقافي تاريخي أصيل لأهالي منطقة مكة المكرمة

مكة المكرمة (السعودية) - يمثل “التعشير” إرثا ثقافيا تاريخيا أصيلا لأهالي منطقة مكة المكرمة يحرصون على إشهاره خاصة في عيد الفطر المبارك لإعلان الفرح وإشاعته بين الناس، معبرين عن تكاتفهم الاجتماعي واللحمة الوطنية الواحدة تعلوهم مشاعر الفخر والاعتزاز بهذا الموروث الذي يعبر عن أصالة أبناء هذا الوطن.

ويبرز “التعشير الحجازي” كأحد الفنون الشعبية الأدائية التي اشتهرت بها قبائل تهامة والشفا بمنطقة مكة المكرمة، وهو أحد الفنون الشعبية والرقصات الاستعراضية التي تروي قصة تحول هذا الموروث الشعبي من رقصة حربية قديمة تشبه الاستعراض العسكري لبث الحماسة في المحاربين إلى عنوان للفرح في أوقات الأعياد والمناسبات لبث البهجة في نفوس الحاضرين.

وتختلف طريقة أداء "التعشير" لدى أهالي منطقة مكة المكرمة عن عرضة "المدقال" التي تشتهر بها قبائل المناطق الجنوبية من المملكة وذلك من ناحية طريقة الأداء والأهازيج والأشعار المصاحبة لها، حيث يتطلب “التعشير” إتقانا فائقا لطريقة مسك السلاح وحمله بشكل يضمن سلامة العارض، والاحترافية العالية في طريقة الاستعراض بالمقمع وتمكن العارض منه، إضافة إلى المهارة واللياقة العالية للاستعراض والرقص بالبنادق المعروفة بـ”القداحي” أو “المقمع” في صورة تبين رشاقة حركات المؤدين وجمالها.

◙ طريقة أداء "التعشير" لدى أهالي منطقة مكة المكرمة تختلف عن عرضة "المدقال" التي تشتهر بها قبائل المناطق الجنوبية من المملكة

وبيّن إبراهيم السفياني، رئيس إحدى الفرق الشعبية بمنطقة مكة المكرمة لوكالة الأنباء السعودية أن “التعشير الحجازي” هو أحد الفنون الشعبية الأدائية لأهالي منطقة مكة المكرمة، ويعتبر رقصة حربية قديمة اشتهرت في الماضي لدى قبائل تهامة ومركز الشفا بمنطقة مكة المكرمة وهي أشبه ما تكون بالعرض العسكري من حيث الترتيب والاحترافية والمهارة العالية وطريقة الأداء، حيث يمشي فيها العارض بطريقة معينة وبخطوات مرتبة واستعراضية تتناسق فيها الأدوار والمهام.

وأشار إلى أن فن “التعشير” يؤدى من خلال شخص أو شخصين أو أكثر في وقت واحد، يداعب فيها العارض “المقمع”، الذي يكون محشوا بالبارود ليتحول إلى لهب تحت قدميه بعد ضغطه على الزناد والوثب عاليا ليعانق بعدها العارض السماء واللهب. وعن الأهازيج المصاحبة، قال السفياني “يصاحب فن التعشير أهازيج أبرزها لون شعبي مشهور في الحجاز يعرف بـ’الرجز’ أو ما يسمى بـ’الردح’ في بعض المناطق والمحافظات، يتغنى من خلاله الشاعر بكلمات تدعو إلى الفخر والاعتزاز، فيما يدخل المعشرون إلى الساحة بالتناوب وبطريقة معينة”.

وأضاف أن “التعشير يحتاج إلى مهارة ولياقة ورشاقة وتدريب، حيث يقوم العارض بإطلاق الطلقات النارية عبر بندقيته ‘المقمع’، وأثناء الوثب في الفضاء ينبغي على العارض ألا ينحني من جسمه سوى حركات الركبتين وأسفل الجذع أثناء القفزة، مع توجيه فوهة البندقية باتجاه الأرض بكلتا يديه، وبسرعة خاطفة يقوم بالضغط على الزناد”.

وأبان أن هناك طرقا متعددة لـ”التعشير الحجازي” منها ما يكون سهلاً ويمكن للجميع استخدامه، ومنها ما هو صعب ويتطلب احترافية وممارسة عالية للمعشر، ومن أشهر تلك الحركات حركة الجنب لليمين أو اليسار، وحركة الكفت وهي بإنزال البندقية من أسفل الأقدام، وحركة الخلف وهي حركة صعبة لا يؤديها إلا المحترفون”.

وتبدأ طريقة تجهيز سلاح المقمع "بتحضير البارود وتعبئته في المقمع من فوهتها من الأمام بمقدار معين، ثم يدك هذا البارود بـ'المشحان أو الدكاك'، وهو سلك يدك به البارود داخل سبطانة المقمع، ثم توضع قطعة نحاسية محشوة بمادة تظهر شرارة النار عند ضغط الزناد، وتسمى 'بالزرد'، تعمل على إشعال البارود وإطلاقه"، وفق السفياني، مبينا أن البارود المستخدم في رقصة وعرضة التعشير ذخيرة غير حية تصنع محليا وتتكون من أشجار العُشر والأراك والملح وخلطها ببعضها وحرقها حتى تصبح جاهزة للمعشر أثناء تأديته.

 

18