التوتر النفسي المستمر.. عواقب جسدية ونفسية وخيمة

برلين - تترتب على التوتر النفسي المستمر عواقب وخيمة على المستوى الجسدي والنفسي على حد سواء، وفق ما قاله الدكتور ميشائيل كيفر.

وأوضح اختصاصي الطب النفسي الجسدي والعلاج النفسي الألماني أن العواقب الجسدية تتمثل في زيادة النبض وخفقان القلب وزيادة التعرق والشد العضلي وصعوبات الدخول والاستغراق في النوم وارتفاع ضغط الدم وما يرتبط به من خطر الإصابة بالأزمات القلبية والسكتات الدماغية.

وتشمل الأعراض الجسدية أيضا صرير الأسنان ونوبات الصداع النصفي، بالإضافة إلى نوبات حادة لدى المصابين بأمراض جلدية وآلام مزمنة.

أما العواقب النفسية فتتمثل في القلق والاضطراب الداخلي والاحتراق النفسي والاكتئاب.

ولتجنب هذه العواقب الوخيمة، أوصى كيفر بمواجهة التوتر النفسي من خلال ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل اليوغا والتأمل والاسترخاء العضلي التقدمي والتدريب الذهني.

وتعد أساليب الاسترخاء واحدة من الطرق الرائعة للمساعدة على التحكم في التوتر. ولا يتعلق الاسترخاء بالطمأنينة أو الاستمتاع بممارسة إحدى الهوايات وحسب، بل إنه عملية تساعد على الحد من تأثير التوتر على العقل والجسد. فمن الممكن أن تساعد أساليب الاسترخاء على التغلب على التوتر الذي يواجهه الشخص يوميًا. ويمكن لهذه الأساليب أن تساعده في التغلب على التوتر طويل الأمد أو التوتر المتعلق بمختلف المشكلات الصحية، كأمراض القلب والشعور بالألم.

وسواء كان التوتر الذي أصاب الفرد يخرج عن نطاق السيطرة، أو كان قد روَّضه بالفعل، يمكنه الاستفادة من تعلم أساليب الاسترخاء. وجدير بالذكر أن تعلم أساليب الاسترخاء الأساسية أمر سهل. فهي غالبًا ما تكون مجانية أو منخفضة التكلفة، ولا تنطوي على خطر كبير، ويمكن ممارستها في أي مكان تقريبًا.

ويمكن لأساليب الاسترخاء أن تحقق الكثير من الفوائد، ومنها إبطاء سرعة القلب، وخفض ضغط الدم، وإبطاء معدل التنفس وتحسين الهضم، والسيطرة على مستويات السُّكر في الدم والحد من نشاط هرمونات الإجهاد، وزيادة تدفق الدم إلى العضلات الرئيسية، والحد من التوتر العضلي والألم المزمن وتحسين التركيز والمزاج، وتحسين جودة النوم وتقليل الشعور بالإرهاق، وتقليل الشعور بالغضب والإحباط وتعزيز الثقة اللازمة لمعالجة المشكلات.

وينصح الخبراء باستخدام أساليب الاسترخاء جنبًا إلى جنب مع أساليب التأقلم الإيجابية الأخرى للحصول على أقصى فائدة منها.

ويمكن لبعض الأطباء كاختصاصيي الصحة التكميلية والتكاملية وأطباء الصحة العقلية تعليم الكثير من أساليب الاسترخاء. ويمكن أيضًا أن يتعلم الشخص بعض أساليب الاسترخاء بنفسه.

وبشكل عام، تشمل أساليب الاسترخاء إعادة توجيه الاهتمام إلى شيء يسبب الهدوء وزيادة الوعي بالجسم. ليس المهم نوع أسلوب الاسترخاء الذي يختاره الشخص. بل المهم لجَني ثمار الاسترخاء هو محاولة ممارسته بانتظام.

وتشمل أنواع أساليب الاسترخاء:

• الاسترخاء التلقائي: يعني كون هذا النوع تلقائيًا أنه يصدر من داخل الشخص ذاته. وفي أسلوب الاسترخاء هذا، يستخدم الشخص التخيل البصري والوعي بالجسم لتقليل التوتر.

يمكن أن يكرر في ذهنه بعض الكلمات أو الاقتراحات التي يمكن أن تساعده على الاسترخاء وتخفيف توتر العضلات. فيمكنه على سبيل المثال أن يتخيل مكانًا يشعر فيه بالطمأنينة. بعد ذلك، يمكنه التركيز على تهدئة أنفاسه أو إبطاء سرعة قلبه أو الشعور بأحاسيس بدنية مختلفة، مثل إرخاء كل ذراع أو ساق واحدة تلو الأخرى.

• استرخاء العضلات التدريجي: في أسلوب الاسترخاء هذا، يركز الشخص على شد كل مجموعة عضلات ثم على إرخائها ببطء.

يمكن أن يساعده هذا الأسلوب في التركيز على الفرق بين توتر العضلات واسترخائها. ويمكنه عندئذ أن يصبح أكثر وعيًا بالأحاسيس البدنية.

في أحد أساليب استرخاء العضلات التدريجي، يبدأ الشخص بشد العضلات وإرخائها في أصابع القدمين ثم يصعد تدريجيًا إلى العنق والرأس. وأنسب مكان لممارسة هذا النوع منطقة هادئة وخالية من المشتتات. ويمكن أيضًا البدء بالرأس والعنق نزولاً إلى أصابع القدمين. يمكن البدء بشد العضلات لمدة خمس ثوانٍ ثم بإرخائها لمدة 30 ثانية وتكرار هذه العملية.

• التخيل المرئي: في أسلوب الاسترخاء هذا، يمكن تكوين صور عقلية للقيام برحلة بصرية إلى مكان أو بيئة يسودهما السلام والهدوء.

للاسترخاء باستخدام التخيل المرئي، ينبغي محاولة الجمع بين أكبر عدد ممكن من الحواس؛ مثل الشم والبصر والصوت واللمس. فإذا كان الشخص يتخيل الاسترخاء في المحيط، فليفكر في رائحة المياه المالحة، وصوت الأمواج المتلاطمة، ودفء أشعة الشمس على جسمه.

يمكنه أيضًا إغلاق عينيه، والجلوس في ركن هادئ، وفكّ ملابسه الضيقة، والتركيز على تنفسه. يحاول تركيز تفكيره على الحاضر والأفكار الإيجابية.

كما أن ممارسة الرياضة والأنشطة الحركية في أحضان الطبيعة تتمتع بتأثير إيجابي على الدورة الدموية وضغط الدم والحالة النفسية.

وتحسن ممارسة الرياضة في الهواء الطلق، من الحالة المزاجية وتساهم في تعزيز الصحة العقلية، بسبب رفع مستوى الإندورفين بشكل ملحوظ.

كما يعمل الجري في الطبيعة، على فتح مراكز الدماغ وزيادة الدوبامين والسيروتونين، وبالتالي إدراك أكبر ووضوح أفضل.

ويساهم الأكسجين الذي يحصل عليه الرياضي، أثناء ممارسة التمارين في الهواء الطلق، على خفص مستويات الكورتيزول وانخفاض مستويات التوتر ونمو هرمونات السعادة.

هذه النتائج ستجعل الشخص يحصل على نوم مريح بالليل، دون الشعور بالقلق أو الأرق، ولكن لا تُفضَّل ممارسة الرياضة في المساء لمن يعانون الأرق.

وبفضل التمارين الرياضية يفرز الجسم الإندورفين ما يساعد على تحسين الصحة الجسدية والعقلية والنوم بشكل أفضل.

وفي حين يعتقد معظم الناس أن الصالة الرياضية هي المكان المناسب لممارسة الرياضة، فإن ممارسة الرياضة في الطبيعة والهواء الطلق يمكن أن تجلب المزيد من الفوائد. وتساعد الأشجار والأخشاب والغابات، الأفراد على الشعور بالتحسن وتشجع على أنماط حياة أكثر نشاطاً وتخفيف أعراض بعض الظروف المنهكة. لذلك، من المنطقي تماماً جمع الشخص بين تمرينه اليومي ورحلة إلى الأماكن الرائعة في الهواء الطلق.

وأظهرت الدراسات العلمية أن التمارين الرياضية في الطبيعية أو “التمرينات الخضراء”، يمكن أن تحسّن احترام الذات والمزاج، بالإضافة إلى الحدّ من اضطرابات القلق والاكتئاب. وليست الآثار الفسيولوجية للتمارين الرياضية فقط، مثل إفراز الإندورفين والدوبامين والسيروتونين هي التي تسبب هذه الاستجابات، بل أظهرت الدراسات أن الاستخدام المنتظم للغابات أو الحدائق لممارسة الرياضة البدنية قلل من خطر الإصابة بسوء الصحة العقلية، في حين لم يتم العثور على مثل هذا النمط في الأماكن غير الطبيعية مثل الصالات الرياض