الأمراض المنتقلة من الحيوانات إلى الإنسان أخطر التهديدات الصحية المقبلة

يتوقع خبراء الصحة أن تكون الأمراض حيوانية المنشأ كالتهابات الجهاز التنفسي الوبائية والفايروسات المفصلية أخطر التهديدات الصحية المقبلة للبشر، مشيرين إلى إمكانية أن تؤدي الأحداث المرتبطة بالتغيرات المناخية والبيئية إلى زيادة خطر انتشار الأمراض الناشئة التي يكون أصل معظمها حيوانيا. ونشأت العديد من الفايروسات الأكثر تدميرا في تاريخ البشرية في الحيوانات وتطورت لتصيب البشر.
باريس - ستكون الأمراض الأشد خطراً على صحة الإنسان خلال السنوات المقبلة مرتبطة بالحيوان؛ حيث تنتقل من الحيوانات إلى الإنسان والعكس بالعكس، وبالفايروسات المفصلية التي تنتقل خصوصاً بواسطة البعوض، وفق ما أفادت به هيئة صحية فرنسية الأربعاء. وأكدت رئيسة لجنة استباق المخاطر الصحية (كوفارس) بريجيت أوتران في مؤتمر صحفي أن "هذه المخاطر موجودة، ومن غير المعروف متى ستصل، لكن من المعلوم أنها ستصل".
وقدمت كوفارس إلى وزيري الصحة والأبحاث مطلع الأسبوع الجاري رأيها هذا في شأن مخاطر الأوضاع الصحية الاستثنائية المحتملة خلال السنوات الخمس المقبلة في فرنسا. وتوصلت بعد استشارة عدد من المنظمات والخبراء الفرنسيين والدوليين إلى رصد 35 مرضا معديا من المحتمل أن تضر بصحة الإنسان، وبعضها ينطوي على درجة عالية من المخاطر.
ومن بين هذه الأمراض تلك التي تنشأ عن الحيوان كالتهابات الجهاز التنفسي الوبائية (الأنفلونزا الصادرة عن الحيوان والفايروسات التاجية الجديدة) والفايروسات المفصلية (خصوصا حمى الضنك وعدوى فايروس غرب النيل).
كذلك تشمل هذه الفئة احتمال ظهور مرض مجهول مرتبط بمسبب مرضي ناشئ غير معروف اليوم، بالإضافة إلى التهابات الجهاز التنفسي الحادة في فصل الشتاء. وفضلا عن المخاطر الوبائية والمعدية من المرجح أن تؤدي الأحداث المرتبطة بالتغيرات المناخية والبيئية إلى زيادة خطر انتشار الأمراض الناشئة التي يكون أصل معظمها حيوانيا.
◙ من بين الأمراض تلك التي تنشأ عن الحيوان كالتهابات الجهاز التنفسي الوبائية أو الفايروسات التاجية والفايروسات المفصلية
وشرح عضو كوفارس عالِم الأوبئة البيئية باتريك جيرودو أن “مِن عواقب ظاهرة الاحترار المناخي إطالة الفترة المواتية لتكاثر ناقلات الأمراض خلال السنة”. وأشار مثلاً إلى أن "البعوض النمر سيكون قادرا على الوصول إلى أعداد أكبر من السكان على مدار العام، ومن المحتمل أن يتسبب في بروز مخاطر أكبر".
وأضاف “سيزيد أيضا تعرضنا للأوزون، وهو مادة مؤكسدة ستزيد من احتمالات الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي”. وأكّد أن “انهيار التنوع الحيوي” سيكون عاملا آخر يساعد على “انتشار نواقل الأوبئة”. وشددت كوفارس على ضرورة تعزيز نظام الرعاية الصحية “من أجل تجنب تخمته عند حدوث خطر صحي”. كذلك دعت اللجنة إلى “مراقبة أحداث انتقال العدوى بين الثدييات وبين الأنواع” و”المستودعات الحيوانية” للفايروسات.
ونشأت الكثير من الفايروسات الأكثر تدميرا في تاريخ البشرية في الحيوانات وتطورت لتصيب البشر. ومن المعروف أن بعض الأنواع، مثل البعوض، تنقل فايروسات مثل زيكا وغرب النيل عن طريق لدغاتها. كما استضافت الخفافيش والجرذان والقرود والطيور مجموعة متنوعة من مسببات الأمراض التي انتقلت بعد ذلك إلى البشر.
وتشتهر الفايروسات بأنها قابلة للتكيف، حيث يمكن للطفرات المستمرة أن تساعدها على التكاثر في مضيفات جديدة، وقد جعل البشر من السهل نسبيا على الفايروسات القفز على الأنواع في القرن الماضي أو نحو ذلك. ودفعت التنمية العالمية البشر والحيوانات إلى التقارب، وبينما يتسلل البشر والحيوانات إلى بيئات بعضهم البعض تزداد احتمالات مشاركة الفايروسات.
وكشفت دراسة حديثة أن تغير المناخ يلعب دورا رئيسيا، حيث أن احترار الكوكب والمناطق ذات الكثافة السكانية العالية وحركة الأنواع الاستوائية تخلق ظروفا أولية لحدوث تزعزع فايروسي. ويراقب العلماء بعض فايروسات كورونا التي يمكن أن تسبب مرضا خطيرا. وتملك مراكز البحث في الأمراض المعدية الناشئة فرقا في ثمانية مراكز حول العالم لتتبع فايروسات كورونا المختلفة.
وفايروسات كورونا هي عائلة كبيرة من الفايروسات التي تسبب عادة أمراضا خفيفة إلى متوسطة في الجهاز التنفسي العلوي لدى البشر. ومع ذلك تسبب عدد قليل من فايروسات كورونا الجديدة (بمعنى أنها كانت جديدة على البشر) في تفشي المرض على نطاق واسع بما في ذلك المرض الشديد.
وقبل أن يصبح كوفيد - 19 أكبر تهديد لفايروسات كورونا، قفز السارس ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية من الحيوانات إلى البشر. ويُعتقد على نطاق واسع أن السارس، أو متلازمة التنفس الحاد الوخيم، انتشر من الخفافيش إلى حيوان ثديي صغير آخر قبل أن يصل إلى البشر في عام 2002، ما أدى إلى مرض الناس في 26 دولة.
◙ العديد من الأمراض الخطيرة التي تنتقل إلى الإنسان من الحيوان وهناك جهل بخطورتها باعتبار أنها قادرة على نقل أمراض معدية تعرف باسم الأمراض حيوانية المنشأ
ونشأت متلازمة الشرق الأوسط التنفسية في الجمال العربية وتطورت لتنتقل إلى البشر في عام 2012. وبالمقارنة مع فايروسات كورونا الأخرى، لا تنتشر متلازمة الشرق الأوسط التنفسية بسهولة بين البشر، لذلك تم احتواء تفشي المرض. ووقع الإبلاغ عن حالات بمعدلات منخفضة للغاية في السنوات الأخيرة، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
وهناك العديد من الأمراض الخطيرة التي تنتقل إلى الإنسان من الحيوان ويجهل عدد من الأشخاص الخطورة التي تشكلها بعض الحيوانات على حياتهم، باعتبار أنها قادرة على نقل أمراض معدية تعرف باسم الأمراض حيوانية المنشأ. واستعرض موقع “ساينس أليرت” العلمي قائمة تضم 10 أمراض يمكنها أن تنتقل من الحيوانات إلى البشر وهي:
● مرض خدش القطط: عدوى بكتيرية، تظهر في مكان عضة القطة أو خدشها. ويمكن أن يسبب هذا المرض تورم العقد الليمفاوية وارتفاع درجة حرارة الجسم. وبالنسبة إلى أولئك الذين يعانون من ضعف الجهاز المناعي، وخاصة الأطفال الصغار، يمكن أن يصابوا بمضاعفات خطيرة، تستهدف مجرى الدم والمسالك الهضمية وحتى القلب في بعض الأحيان.
● الجمرة الخبيثة: مرض ينتقل عن طريق الحيوانات الأليفة مثل الأبقار والأغنام والغزلان. ويمكن أن تختلف الأعراض من شخص إلى آخر، لكنها غالبا تتجلى في الحمى والصداع والغثيان وضيق التنفس. ولعلاج آثار هذا المرض، يقترح الأطباء المضادات الحيوية أو مضادات السموم.
● فايروس الأرف: تسمية تطلق على مرض جلدي تسببه الفايروسات الجدرية، ويصيب الأغنام والماعز وينتقل منها إلى الإنسان باللمس.
● الجيارديا: طفيليات مجهرية توجد على سطح التربة والطعام والماء الملوث. إثر إصابة الإنسان بها تعيش مدة طويلة في أمعائه وتنتقل إلى برازه.
● داء المقوسات: عدوى طفيلية تنتشر عن طريق القطط، وتحديدا عند لمس برازها أو بولها. ويصبح هذا المرض خطيرا إن أصاب الحوامل أو الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة، علما أن من بين أعراضه التعب وآلام العضلات والحمى، التي قد تستمر أكثر من شهر.
● عدوى الأسماك: تصيب عادة الأشخاص الذين يكونون في حالة احتكاك مباشر بالأسماك، حسب الأكاديمية الأميركية لطب الجلد. بعد الإصابة بها تظهر قروح مؤلمة على الجلد، تستغرق بعض الوقت قبل اختفائها. ولتفادي المرض ينصح الأطباء بارتداء القفازات عند التعامل مع الأسماك وأحواضها.
● حمى الببغاء: تصيب هذه البكتيريا الببغاوات وطيور الكناري وأنواعا أخرى من الطيور وتنتقل بعدها إلى الإنسان عن طريق استنشاق العدوى من الريش والإفرازات.
● السعفة: فطريات تنتقل من الكلاب والقطط، وتعد من أكثر الأمراض الجلدية الشائعة التي تصيب الإنسان. وتسبب طفحا دائريا يكون أحمر ويسبب الحكة.
● عدوى السالمونيلا: يصاب بها الأشخاص الذين يقتربون كثيرا من الزواحف، مثل السحالي والثعابين والسلاحف. وعادة ما تقتصر أعراض هذا المرض لدى البالغين الأصحاء على الإسهال وتشنجات البطن والحمى والقيء.
● داء البريميات: يحدث حين يتعرض الناس لبول الكلاب والقطط والثدييات. وتنجم عن الداء حمى شديدة وصداع وآلام في العضلات.