في غزة: الفلسطينيون يترنحون بين الحياة والموت آملين التوصل إلى صفقة بين حماس وإسرائيل

غزة - على مدار ستة أشهر كاملة يشعر الفلسطيني جمال أبوكميل (وهو في الأربعينات من عمره) بأنه يترنح بين الحياة والموت بسبب استمرار القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.
ويعيش أبوكميل (أب لخمسة أطفال) في منزل مكون من خمسة طوابق مع 20 أسرة نازحة. وقد لجأوا إليه بعد فقدانهم منازلهم التي تم استهدافها من قبل الطيران الإسرائيلي في أوقات متفاوتة.
وعادة ما يلجأ النازحون إلى أقاربهم، خاصة أولئك الذين يعتقدون أنهم مدنيون وغير متورطين في أي عمل عدائي ضد إسرائيل لعلهم يجدون بعض الأمان عندهم ويتجنبون أي استهداف لهم.
وبالرغم من ذلك يشتكي أبوكميل من أن الانفجارات الضخمة التي تخلفها الاستهدافات الإسرائيلية المتواصلة على مدار الساعة لمناطق في مدينة غزة تهز أرجاء المنزل، وهو ما يجعل النساء يصرخن والأطفال يبكون أغلب الأوقات. ولكن أصعب شيء بالنسبة إلى أبوكميل والرجال النازحين المتواجدين في منزله هو قضاء ساعات في تهدئة روع النساء والأطفال بسبب الخوف الذي يسيطر عليهم.
◙ النازحون عادة ما يلجأون إلى أقاربهم خاصة أولئك الذين يعتقدون أنهم مدنيون وغير متورطين في أي عمل عدائي ضد إسرائيل
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ يقول أبوكميل "هناك مهمات أخرى تكاد تكون مستحيلة، أبرزها البحث عن الطعام في الأسواق التي يطغى عليها غلاء الأسعار، أو الانتظار لساعات طويلة على دوار النابلسي غرب المدينة أو الكويت شرق المدينة للحصول على كيس الدقيق".
ويضيف "للأسف فإن بضع اللقيمات التي نجلبها إلى أطفالنا بطلوع الروح (بشق الأنفس) ما هي إلا مغامرة صعبة قد تودي بحياتنا كما حدث مع العشرات من الجيران الذين قتلوا برصاص الجيش الإسرائيلي في أماكن التجمع".
ويتمنى أبوكميل أن يحصل على قسط من الراحة "ولو لبضعة أسابيع" من خلال صفقة قد تتوصل إليها حركة حماس وإسرائيل تتيح له فرصة التعامل مع الوضع المأساوي الذي وصل إليه بسبب الحرب.
ويستطرد "نحن نتابع كافة الأخبار الواردة من الدوحة ومصر وتل أبيب على أمل أن نحصل على أنباء سارة بإمكانية توقف الحرب والعودة على الأقل إلى تفقد أحبائنا من بقي منهم على قيد الحياة".
ولكن كلما تفاءل أبوكميل بأن "الأخبار السارة باتت قريبة" أعادته أصوات القصف المتتالية والانفجارات التي لا تتوقف إلى مربع التخوف من أن وقف إطلاق النار بات بعيد المنال على الأقل خلال الفترة الراهنة.
ويشتكي قائلا "لا أحد يشعر بنا ولا بمعاناتنا، لا الفصائل الفلسطينية ولا إسرائيل ولا حتى معظم الدول العربية والغربية. نحن هنا وحدنا محاصرون بالخوف والرعب والموت، لكننا نتمسك بأمل أن ننجو يوما ما من هذه الحرب الطاحنة".
ويعاني حوالي مليونين و300 فلسطيني معاناة شديدة بسبب الحرب واسعة النطاق التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي عقب هجوم حركة حماس الذي نفذته على البلدات الإسرائيلية المحاذية لغزة.
◙ الفلسطينيون في قطاع غزة يفتقرون إلى مستلزمات الحياة، مثل الكهرباء والمياه والطعام وكذلك الأدوات اللازمة للنظافة الشخصية
وبحسب تقديرات إسرائيلية رسمية، فإن حماس قتلت حوالي 1200 شخص من بينهم مدنيون عسكريون ونساء وأطفال وكبار سن وأجانب، واختطفت ما يقارب 230 آخرين داخل غزة.
وفي غزة قتل ما يزيد عن 33 ألف فلسطيني وأصيب ما يقارب 72 ألف فلسطيني، بحسب إحصائيات رسمية صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية التي تديرها حماس في غزة. وبدورها تترقب الأربعينية سمية هنا أنباء التوصل إلى صفقة بين حماس وإسرائيل بفارغ الصبر لعلها تدون بداية نهاية معاناتها التي ترافقها منذ بدء الحرب على غزة.
وتقول هنا بينما كانت تلتقط صورا فوتوغرافية من شرفة منزلها المتضرر لمنزل تم تدميره مؤخرا “للأسف أصبحت مشاهد الدمار وجثث الضحايا ملقاة في الشوارع شبه يومية بسبب الحرب".
وتضيف (وهي أم لسبعة أبناء) "في كل مرة يتم فيها استهداف منزل أو مدرسة أو شارع أشعر بأن الموت أصبح قريبا مني ومن عائلتي وبأننا سنكون الضحايا الجدد، ولكن عندما ننجو أتمسك بالحياة أكثر".
وتتابع بشيء من الحسرة "نحن نترنح فعليا بين الحياة والموت، فلا نحن نعيش حياة تسر الصديق ولا نموت فنرتاح على الأقل من المعاناة اليومية التي نعيشها". وتوضح هنا أنها وأفراد عائلتها يفتقرون إلى التمتع بأبسط حقوق الإنسان، بدءا من الحصول على الطعام والغذاء اللازمين لأطفالها.
ويفتقر الفلسطينيون في قطاع غزة إلى مستلزمات الحياة، مثل الكهرباء والمياه والطعام وكذلك الأدوات اللازمة للنظافة الشخصية. وبالرغم من ذلك يأمل الجميع في غزة أن تتوصل كل من حماس وإسرائيل إلى اتفاق حقيقي يفضي إلى إنهاء معاناة الفلسطينيين في القطاع.