مساع جزائرية لتعزيز قدرات الموانئ واللوجستيات

إستراتيجية تعمل على تطوير البنية التحتية ووسائل النقل بغية ترقية مناخ الأعمال ودفع عجلة النمو.
الجمعة 2024/04/05
الأفق يبدو ضيقا، أليس كذلك؟

عنابة (الجزائر) - فرض تخلف النقل البحري والخدمات اللوجستية في الجزائر على السلطات النظر بعمق في سبل إعادة هيكلة هذا القطاع الحيوي عبر اعتماد إستراتيجية تعمل على تطوير البنية التحتية ووسائل النقل بغية ترقية مناخ الأعمال ودفع عجلة النمو.

ويجمع اقتصاديون وشركات المناولة ومسؤولو الموانئ على أن الدولة عليها الالتزام بشكل أكبر في مسألة هيكلة نشاط الموانئ وقطاع اللوجستيات، الذي لم يحصل على الاهتمام الكافي في بلد يعتمد بشكل مفرط على إيرادات النفط والغاز.

وأكد وزير النقل محمد لحبيب زهانة خلال زيارة لميناء عنابة شرق البلاد، الذي يشهد عملية توسعة في وقت سابق هذا الأسبوع، أنه تم ضبط مجموعة من المعايير لتقييم موانئ البلاد وذلك للرفع من كفاءتها الاقتصادية.

وعلى مدى سنوات كان توسيع الموانئ وتطوير خدماتها اللوجستية عقدة مستعصية على المسؤولين بسبب غياب الإرادة السياسية وتفشي الفساد والمحسوبية والبيروقراطية، فضلا عن ثقة المستثمرين المعدومة.

وما يؤكد ذلك هو التصنيف المتأخر للبوابات التجارية للبلاد في مؤشرات البنك الدولي، حيث يحتل ميناء بجاية المرتبة 285 عالميا وميناء الجزائر المرتبة 306، بينما يحتل ميناء طنجة المركز السادس عالميا والأول في منطقة المغرب العربي.

وقال زهانة في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية إن "المعايير المضبوطة والمحددة من قبل الوزارة تمثل مؤشرات هامة سيتم الاعتماد عليها لتقييم مردودية كافة الموانئ".

محمد لحبيب زهانة: ضبطنا معايير تمثل مؤشرا لتقييم كفاءة كافة الموانئ
محمد لحبيب زهانة: ضبطنا معايير تمثل مؤشرا لتقييم كفاءة كافة الموانئ

وأوضح أن أهم المعايير في هذا الشأن تتعلق بمدة مكوث البواخر بالميناء ومدة تفريغ الحمولة إضافة إلى حركة نشاط الحاويات وبقية الخدمات الأخرى المقدمة للزبائن، مفيدا بأن هذه التدابير تهدف إلى “تحسين أداء الموانئ الجزائرية بما يتماشى مع المعايير العالمية”.

وطالب لحبيب القائمين على تسيير الموانئ بضرورة العمل على كسب التحدي والاستجابة لمتطلبات التحولات الاقتصادية العالمية. وركز في هذا الخصوص على توفير كافة الظروف الملائمة للمتعاملين الاقتصاديين من داخل وخارج البلاد سواء في مجال التصدير أو الاستيراد.

وتعمل الحكومة على تحديث ميناء عنابة الذي يبعد عن الحدود التونسية بنحو 150 كيلومترا ويعد من بين أهم عشرة موانئ في البلاد من خلال إعادة تأهيل الأرصفة وإنشاء مركز تسوق وميناء ترفيه.

ووفق الأرقام الرسمية، تضم الجزائر 55 ميناء موزعة على الشريط الساحلي البالغ طوله نحو 1650 كيلومترا، من بينها 7 تجارية مخصصة للبضائع وثلاثة لنقل المواد البترولية.

وتتكون البقية بشكل عام من أحواض صغيرة ومخازن قريبة من بعضها البعض وحواجز ضيقة تفصل بين الأرصفة، ما يعيق تطوير نشاطها التجاري.

ويعتقد خبراء أن مواقع الموانئ الجزائرية يمكن أن تجعلها شريان حياة للاقتصاد وإخراجها من الأزمات المالية التي عانت منها في السابق جراء تراجع أسعار النفط.

وتشير التقديرات إلى أن خزينة الدولة تتكبد خسائر سنوية تبلغ نحو 8 مليارات دولار نتيجة عدم تطبيق المعايير الدولية في القطاع اللوجستي، ما يزيد من صعوبات المنافسة.

ويتألف قطاع النقل البحري من كيانات متعددة في مقدمتها المجمع الجزائري للنقل البحري والشركة الجزائرية للملاحة البحرية والشركة الوطنية للتسويق البحري.

ويشكو العاملون في المجال البحري من العديد من العراقيل التي تعترض نشاطهم على غرار نقص اليد العاملة المتخصصة في المجال وصيانة البواخر ومشكلة الحاويات.

ويرزح قطاع النقل في البلد العضو في منظمة أوبك تحت وطأة مشاكل مزمنة أدت إلى عجزه عن تطوير خدماته في ظل غياب الخطط الإستراتيجية للنهوض به.

ولم تجد الحكومات المتعاقبة منذ أواخر تسعينات القرن الماضي من سبيل لتفادي أزمات شركات النقل المملوكة للدولة، التي تعاني من مشاكل هيكلية وهي تتطلب حلولا جذرية عاجلة لوضع حد للفوضى، التي ضربت مفاصلها وباتت عبئا على الميزانية.

واعتبرت العديد من التقارير الدولية أن الخدمات اللوجستية تتأثر بشدة بنوعية مؤسسات القطاع العام ومدى فعالية التنسيق في إجراءات التخليص الجمركي عند المنافذ الحدودية بين كافة الهيئات المعنية بإدارة الحدود. كما تلفت إلى أن الكثير من الدول تعاني من عراقيل شديدة في أنظمة الخدمات وأنظمة العبور الدولية وسوء مرافق البنية التحتية المتعلقة بالتجارة.

11