مسلسل شط الحرية يقسم الليبيين على مواقع التواصل حول برقة المنسية

رئيس المؤسسة الليبية للإعلام ينتقد إسقاطات المسلسل على المرحلة الراهنة.
الخميس 2024/03/28
مواجهة البؤس مسؤولية وطنية

تفاعل الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا مع مشاهد مسلسل “شط الحرية” الذي يسلط الضوء على معاناة أهالي برقة أيام الاحتلال الإيطالي التي تعتبر غائبة عن أذهان الليبيين، بينما اختلفت ردود الفعل حول حقيقة ما جرى ومبالغة المسلسل في الإسقاطات التاريخية.

لا يزال الجدل محتدما حول عبارات وردت على لسان أحد أبطال مسلسل “شط الحرية” الذي يبث على قناة “ليبيا المسار” الذي يتناول الوضع المعيشي البائس لأهل برقة رغم التضحيات التي قدمها آباؤهم وأجدادهم من أجل ليبيا الحرة المستقلة الواحدة والمتطورة.

وتداول الناشطون على الشبكات الاجتماعية، مشاهد من المسلسل تضمن أحدها حديث “أبو رقبة” أحد أبطال العمل مع صحافي زائر لمنطقة “مقلب الشراب” أن برقة “عانت ولا تزال تعاني، وتحملت كثيرا، أبناؤها يبيعون أكواب الشاي وخبز التنور على أرصفة الشوارع، وبنات يمددن أياديهن من الفقر والعوز، ودموع شيوخها تقطر أمام المصارف” وأضاف “برقة ليس هذا قدرها، ولا هذا رد الجميل الذي تستحقه”.

ويسلط المسلسل الضوء على هدف الصحافي بالبحث عن بقايا معتقل العقيلة الذي أنشأه الاحتلال الإيطالي ما بين عامي 1928 و1931 في صحراء سرت في سياق سياسة العقاب الجماعي ضد سكان برقة والتي تمثلت فصولها بالخصوص في التجويع والتعذيب ما أصاب المعتقلين بالهزال وأمراض الإسهال والمعدة وأورام المفاصل والعشى الليلي وهو ما أدى الى سقوط أعداد كبيرة  من الضحايا. نظر أبو رقبة إلى الآفق وقال للصحفي “أعرف مكان المعتقل الذي تبحث عنه، موجود هناك ليس بعيدا من هنا”.

ويبدو أن المسلسل استفز محمد بعيو رئيس المؤسسة الليبية للإعلام التابعة للحكومة المنبثقة عن مجلس النواب، الذي بادر بالرد المباشر على العمل فقال “إعجابنا بمسلسل الاسكتشات الفكاهية ‘شط الحرية’ الذي يجمع الليبيين في شهر رمضان الكريم، لا يعني إعطاء صك على بياض للسيد فتحي القابسي الذي هو مؤلف ومخرج وسيناريست وصاحب الشط بكل تفاصيله الجميلة في بساطتها والبسيطة بجمالها، وحتى العبيطة حيناً والتلفيقية أحياناً، وهو صاحب الحرية التي تفتقد أحيانا عن قصد منه أو سهو، للمسؤولية الوطنية، قدر افتقار المسلسل الشديد في بعض حلقاته للحبكة الدرامية أو الخيط الناظم للعمل الفني بجميع أركانه ومكملاته”.

ناشطون يتحدثون عن غياب تاريخ المنطقة في المناهج الدراسية وعدم اهتمام المسؤولين بإطلاع الأجيال على ما حدث

وتابع بعيو  “مع ضرورة الإشادة بالقدرات التمثيلية العالية لمعظم الممثلين المحترفين الذين يغلب عليهم طبع وقدرات ممثلي المسرح الراسخين في الأداء، وليس أعظم من المسرح قدرةً وتأثيراً وإبرازاً للمواهب التمثيلية والقدرات التشخيصية، فإن ضرورات النقد الهادف البنّاء لهذا العمل الذي أصبح بمجرد تفاعل المشاهدين معه والتفافهم حوله ملكا لهم، تقتضي أن أقول للسيد فتحي القابسي إن إشاراتك وإسقاطاتك وترميزاتك التي وردت في الحلقة 13 من شط الحرية، وإقحامك لممثل أقل من عادي في حضوره وأدائه ليؤدي شخصية صحافي وما هكذا يكون نموذج أو ‘كراكتر’ الصحفي، يسأل عن مكان معتقل العقيلة الفاشستي الرهيب، لتقول على لسانه إن المعتقل لا يزال موجودا في الواقع ولم يعد جزءا من تاريخنا الأليم، حيث برقة معتقلة ومظلومة ومحرومة، متجاهلاً حقيقة أن تلك الحقبة الفاشية السوداء مضت وانقضت، ولا يمكن تشبيه ما حدث بعدها خلال ما يقرب من 100 عام حتى هذا العام بها وبآلامها وعذاباتها”.

وأضاف “كما أن ليبيا كلها محرومة وفي مدنها وقراها وبلداتها ألف مقلب للشراب بؤسا وتخلفا وانعداما للخدمات الأساسية وفقدانا لمقومات الحياة المدنية في أبسط صورها، من حيث الشوارع والمرافق والمياه النظيفة والصرف الصحي والتعليم والصحة والترفيه”.

وتعددت المواقف وردود الفعل على ماورد في المسلسل، حيث اعتبر البعض أن الحديث عن برقة يحمل في طياته نزعة انفصالية، فيما رد أخرون بأن التقسيم التاريخي لم يتغير ، وأن برقة ضحت باستقلالها في العام 1949 ، من أجل بناء دولة ليبيا الموحدة ، وهي تساهم بحوالي 80 بالمائة من ثروات ليبيا النفطية ، ومع ذلك تعاني من الفقر والعوز . وجاء في تعليق:

وتحدث ناشطون عن غياب تاريخ المنطقة في المناهج الدراسية وعدم اهتمام المسؤولين باطلاع الأجيال على الحقبات التاريخية التي عاشتها بلادهم:

وعلقت ناشطة:

وقال أحميدة أبوحجر، وهو من بنغازي ومقيم في زليتن، غربي البلاد “ما هكذا تورد الإبل.. برقة قضية وتحتاج إلى إسهاب وليست مشكلة نتناولها في فقرة عابرة وفقرة فيها من الإهانة مافيها بحسب وجهة نظري.. من المشين والمهين والمؤلم أن تتبلور مصيبة وقضية برقة ونصدرها في شحادة نسائها (أجلّهن الله) وبيع أبنائها للشاي على قارعة الطريق فهذا موجود حتى في أكبر دولة ديمقراطية فيدرالية في العالم وهي ألمانيا وفي كل دول العالم تقريبا”.

 وتابع “برقة قضية وقضية عادلة وهي مصير شعب” مردفا “يجب أن نتحلى جميعا بالشجاعة ونكون صادقين مع أنفسنا ونطرحها لنناقشها ومن ثم نعالجها حتى نضمن العيش والعدالة الاجتماعية في وطن واحد يجمعنا.. أكاد أجزم إن ماورد اليوم في شط الحرية بخصوص برقة هو مجرد ذر للرماد في العيون يعني (قلع ملام)”.

ورأى الاعلامي عبدالوهاب قرينقو أن الضجة التي أثارها بعض ناشطي الفيسبوك إزاء مشهد أفصح فيه أبورقبة عن معاناة أهل برقة “لا تمثل إلا مطلقيها الذين اتكأوا على أن ليبيا مضروبة بعصا وحدة.. فذريعتهم لا تمثلنا جميعاً في غرب ليبيا ووسطها وجنوبها الغربي”.

 وأضاف “نظرية أن نكون مضروبين بعصا وحدة لا تمنع الفنان من أن يفسح لنفسه مجالا يتحدث من خلاله عن الضربة التي تعرض لها الجزء من ليبيا الذي ينتمي إليه أو يقيم في إحدى مدنه أو بلداته أو قراه أو نجوعه”، مردفا “لانزال نستغرب ردود فعل البعض ضد هذا العمل، الذين تجاوزوا النقد إلى التطاول والتقييم إلى التهجم الذي ينم عن حسد، تاركين كل ركام دراما رمضان الليبية و(مركزين فقط على #شط_الحرية).

ويرى وزير الإعلام الليبي في رده على المسلسل أن مواجهة هذا البؤس المتفشي والمسيطر في ليبيا كلها هو مسؤولية وطنية جماعية، وفرض عين على كل ليبي وليبية، وإذا كانت الطريق إلى غرب اجدابيا حيث موطن مقلب الشراب المتخيل من الأربعين إلى امرير قابس وبشر والعقيلة شرقاً وغرباً أفضل ألف مرة من الطريق بين إجدابيا والواحات الأخوات الجميلات الثلاث البائسات جالو وأوجلة واجخرة، إلى جوهرتي الصحراء تازربو والكفرة حيث 800 كيلومتر من حطام الطريق تتحطم عليه السيارات ويموت فيه كل سنة المئات، ولا حاجة للحديث عن فزان الكبرى المنسية العارية من مقومات الحياة الإنسانية، المكتسية بالصبر والصمت والكبرياء، أو عن محاضن العزة والشمم في جبل نفوسة الغربي الأشم وفي الجبل الأخضر الأشم، حيث النقص في كل شيء من الماء إلى الغذاء والدواء، والوفرة في الإباء والجود والإنتماء”.

5