جهاز مكافحة الإرهاب العراقي شريك لا غنى عنه لواشنطن

الجهاز وسيلة تحوط إستراتيجي في الشرق الأوسط.
الثلاثاء 2024/03/12
دعوات لتحييد الجهاز عن محادثات العلاقات المستقبلية

محللون يشددون على أن الشراكة الدائمة وطويلة الأمد بين قوات العمليات الخاصة الأميركية وجهاز مكافحة الإرهاب العراقي تصب في مصلحة كل من واشنطن وبغداد. ولا بد أن يكون ضمان ذلك أولوية في المناقشات المتعلقة بالعلاقات المستقبلية.

بغداد - عاد العراق مرة أخرى إلى الظهور كساحة معركة مركزية في الاضطرابات التي يشهدها الشرق الأوسط، حيث تستهدف الميليشيات المدعومة من إيران القوات الأميركية في البلاد وترد الولايات المتحدة بالمثل.

وفيما لا يزال تهديد تنظيم الدولة الإسلامية قائما تجري اللجنة العسكرية الأميركية العليا، بشكل متقطع، حوارا مشتركا مع الحكومة العراقية لمناقشة مستقبل قوات التحالف التي تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية.

ومن بين القضايا العديدة التي تمت مناقشتها خلال هذه المحادثات، ضمان استمرار العلاقة بين قوات العمليات الخاصة الأميركية (USSOF) وجهاز مكافحة الإرهاب العراقي (CTS).

وجاء في تقرير نشره معهد الشرق الأوسط أن جهاز مكافحة الإرهاب العراقي، وهو جهاز لديه شراكة قوية مع قوات العمليات الخاصة الأميركية، يعد شريكا إستراتيجيا حاسما ودائما في المنطقة، إذ إنه القوة الأكثر أهمية وقدرة على مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط.

وبينما يواجه جهاز مكافحة الإرهاب العراقي تحديات، بما في ذلك الاعتماد على قوات التحالف في بعض عمليات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع ومستويات متفاوتة من الفعالية في جميع أنحاء البلاد، فإنه سيكون ضروريا في الحفاظ على الضغط على تنظيم الدولة الإسلامية ويمكن أن يمنع، أو على الأقل يحد، الولايات المتحدة من المزيد من التشتيت الإستراتيجي في الشرق الأوسط.

وكان جهاز مكافحة الإرهاب منذ فترة طويلة شريكا قويا للولايات المتحدة، كما أن قدرة القوة تعزز سيادة العراق التي تعاني من تحديات الميليشيات التي تعمل خارج سيطرة الحكومة العراقية.

الجهاز ضروري للحفاظ على الضغط على داعش والحد من التشتيت الإستراتيجي لواشنطن  في الشرق الأوسط
الجهاز ضروري للحفاظ على الضغط على داعش والحد من التشتيت الإستراتيجي لواشنطن في الشرق الأوسط

ويرى محللون أن الولايات المتحدة يجب عليها إعطاء الأولوية لاستمرار علاقة قوات العمليات الخاصة الأميركية مع جهاز مكافحة الإرهاب، والتخطيط بشكل متعمد للحفاظ على العلاقة وإنشاء شراكة فعالة وطويلة الأمد.

وعلى الرغم من تدهوره منذ خسارته لخلافته الإقليمية في عام 2019، إلا أن التهديد المتمثل في إعادة تشكيل تنظيم الدولة الإسلامية لا يزال قائما.

وفي يناير الماضي، أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن هجوم في إيران أدى إلى مقتل ما يقرب من 100 شخص وإصابة أكثر من ضعف هذا العدد وهو الهجوم الإرهابي الأكثر دموية في إيران منذ عقود، مما يشير إلى أن الجماعات التابعة لتنظيم داعش لا تزال قادرة على تنفيذ شكل من أشكال العمليات الخارجية.

ويقدر كبار القادة الأميركيين أيضا أن المجموعة الأساسية لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا “ترغب في توجيه ضربات خارج منطقة الشرق الأوسط”.

وفي العراق وسوريا، لا يزال خطر عودة تنظيم الدولة الإسلامية إلى الظهور قائما. ويعتقد البعض أن التنظيم قد حقق مكاسب بالفعل، مستفيدا من المنطقة التي تعاني من الاضطرابات.

وأعرب آخرون عن مخاوفهم بشأن تداعيات إنهاء الضغوط الغربية لمكافحة الإرهاب.

وكتب تشارلز ليستر، الخبير الإقليمي في معهد الشرق الأوسط، في مجلة فورين بوليسي الشهر الماضي أن انسحاب الولايات المتحدة “من شأنه أن يؤدي إلى الفوضى وزيادة سريعة في التهديدات الإرهابية”.

وبالنسبة للعراق ودول أخرى في المنطقة، فإن ذلك من شأنه أن يضيف تهديدات إضافية إلى المشهد الأمني الهش بالفعل.

ويمكن القول إن السماح بتنظيم الدولة الإسلامية الذي اكتسب المزيد من الجرأة باستئناف الهجمات الخارجية ضد الغرب من شأنه أن يتحول مرة أخرى إلى مصدر إلهاء إستراتيجي للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين الذين يحاولون إعادة التوازن إلى التهديدات الإقليمية في الشرق الأوسط مع التركيز على مصالح جيواستراتيجية ملحة أخرى.

ويؤكد محللون أن مفتاح مواصلة الضغط على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق سيكون جهاز مكافحة الإرهاب.

وكانت القوة الأمنية العراقية هي الوحيدة التي لم تنهر في مواجهة صعود تنظيم الدولة الإسلامية في عام 2014، وكان لها دور حيوي في تحرير المدن العراقية مثل الرمادي والفلوجة والموصل، التي اجتاحها التنظيم، لكن نجاح الوحدة كان له أثره.

مفتاح مواصلة الضغط على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق سيكون جهاز مكافحة الإرهاب
مفتاح مواصلة الضغط على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق سيكون جهاز مكافحة الإرهاب

وبدلا من استخدامهم كأداة دقيقة لمكافحة الإرهاب، قاتل جنود جهاز مكافحة الإرهاب الموثوق بهم كقوات مشاة خفيفة في شوارع المدن العراقية التي يحتلها تنظيم الدولة الإسلامية حيث فقد العديد من جنود جهاز مكافحة الإرهاب أو أصيبوا في القتال.

وأصبح جهاز مكافحة الإرهاب اليوم أكثر قوة ولا يزال يتعافى وهو يعمل ببطء على تجديد قوته القتالية، وتجنيد أعضاء جدد، وتعزيز قدراته.

ويشير خبراء إلى أن جهاز مكافحة الإرهاب ليس قوة قادرة فحسب، بل إنه أيضا إحدى الشراكات الأميركية الأكثر حيوية في المنطقة.

ويمكن القول أيضا إن جهاز مكافحة الإرهاب هو أحد أنجح جهود الشراكة في مكافحة الإرهاب التي قامت بها الولايات المتحدة.

وفي حين قدمت الولايات المتحدة ما يقرب من 800 مليون دولار من المعدات من خلال برامج مثل صندوق تدريب وتجهيز العراق وصندوق قوات الأمن العراقية على مدى السنوات الـ21 الماضية، فإن ذلك يمثل أقل بقليل من 3 في المئة من مبلغ 28.4 مليار دولار المطلوب أو المخصص من خلال نفس البرامج لتدريب وتجهيز قوات الأمن في العراق.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن إجمالي التمويل الذي قدمته الولايات المتحدة لجهاز مكافحة الإرهاب على مدار 20 عاما يصل إلى أقل من 2 في المئة من 44.2 مليار دولار من المساعدات العسكرية المقدمة لأوكرانيا في العامين الماضيين.

ومن خلال هذا الاستثمار الصغير نسبيا، ساعدت الولايات المتحدة في بناء أقوى قوة لمكافحة الإرهاب وقوة أمنية غير طائفية أكثر ثقة في العراق.

وفي منطقة لا تزال تعاني من الاضطرابات، وحيث المصالح الوطنية للولايات المتحدة على المحك، سيكون من قصر النظر ألا نعطي الأولوية للدعم المستمر لهذا الشريك الإستراتيجي المهم والدائم.

6