جمال الخيول العربية الأصيلة يقفز فوق الانقسامات في ليبيا

تحتل الخيول مكانة بارزة في الثقافة الليبية، ويحتفل الليبيون بفنون الفروسية في كل مكان منذ قرون عبر تنظيم سباقات واستعراضات تحظى بإقبال كبير.
قصر بن غشير (ليبيا) - على أنغام الموسيقى، عرض مربّو أحصنة ليبيون خيولهم العربية الأصيلة نهاية الأسبوع الفائت أمام لجنة تحكيم دولية في ضواحي العاصمة طرابلس، ضمن مسابقة جمالية، هي نشاط ترفيهي يندر مثيله في بلد تمزّقه الانقسامات منذ أكثر من عقد، جمعَ مشاركين من شرقه وغربه المتنازعيْن.
وتنافسَ أكثر من 70 حصاناً بنيّاً أو كستنائياً أو رمادياً في “البطولة الوطنية لجمال الخيول العربية الأصيلة (بطولة الخبر)”، في منطقة قصر بن غشير في ضواحي طرابلس.
وشكّلت المسابقة “عرساً كبيراً للخيل العربية الأصيلة في ليبيا”، على ما قال لوكالة فرانس برس صاحب اسطبلات الواحة في مدينة بنغازي بشرق ليبيا أحمد العمامي.
ولاحظ المربّي الذي فازت خيوله الستة بميداليتين فضية وذهبية وحصل هو نفسه على جائزة أن “مستوى التنظيم ممتاز ومستوى الخيول رائع جدا”. وأضاف “منذ فترة طويلة، منذ 14 سنة، لم نرَ مسابقات ومهرجانات في مدينة طرابلس”.
وتشهد ليبيا فوضى عارمة منذ سقوط نظام معمر القذافي في العام 2011، وتتنافس على السلطة حكومتان، الأولى تسيطر على غرب البلد ومقرّها طرابلس ويرأسها عبدالحميد الدبيبة وشُكّلت إثر حوار سياسي مطلع 2021، وأخرى تسيطر على شرق البلاد ويرأسها أسامة حمّاد، وهي مكلّفة من مجلس النواب ومدعومة من المشير خليفة حفتر. وتابع العمامي “حبنا للخيل جعلنا نتحمل المشاق وعشقنا لها يجعلنا نبديها عن أنفسنا”.
وأشاد سفير فرنسا في ليبيا مصطفى مهراج قبل تسليم الجوائز للمتنافسين “بهذه المبادرة التي تبشّر بأن الحياة بدأت ترجع”. وذكّر بأن “الفرس رمز الثقافة العربية الأصيلة، كما أنها بالنسبة إلينا كفرنسيين جسر بين الثقافة الفرنسية والثقافة العربية في هذا المجال”.
وعُهد إلى حكام دوليين، يتبع عدد منهم للمنظمة العالمية للخيول العربية (واهو)، بالحكم على المظهر والخصائص المورفولوجية لكل حصان، سواء من حيث شكل الرأس أو الذيل أو الكمامة.
وبعد أن ركضت الخيول بقيادة المربّين الذين وضع بعضهم ربطات عنق وارتدوا سترات، وقفت أمام أعضاء لجنة التحكيم في الساحة الترابية، ليتفحصوا عن قرب تفاصيلها البدنية.
ومن أبرز ما اتسمت به المسابقة المشاركة النسائية اللافتة لـ”سيما عثمان بوبطينة”، وهي شابة ليبية تبلغ 18 عاماً، نافست بـ14 فرساً من مزرعة خيول شهيرة أسّسها والدها عثمان الذي توفي أخيرا وكان شخصية بارزة في مجال الفروسية في ليبيا.
وحصلت سيما على جائزة خاصة كأول وأصغر امرأة تشارك في مسابقة من هذا النوع في ليبيا. وقالت لوكالة فرانس برس وبجانبها حصانها أمير الحائز على الميدالية الذهبية “بدأت ركوب الخيل عندما كنت في الرابعة من عمري (…). كنت أرافق أبي إلى النوادي لكي أتعلّم كلّ ما يتعلّق بالخيل، وفي السنوات الأخيرة أحببت الخيل العربية الأصيلة وأوْلَيْتُها اهتماماً أكبر”.
وقال الحكم الدولي في بطولات جمال الخيول العربية الأصيلة ومستشار المركز الوطني لتنمية الحصان الليبي إن سيما “وُلِدَت على ظهر حصان”. وعبّر من جهة ثانية عن أمله في أن تساعد المسابقة على “إحياء” ثقافة الخيول العربية الأصيلة في ليبيا “بعد 14 عاما من الحرب”.
ولا توجد إحصاءات رسمية عن عدد الخيول في ليبيا، لكن تربيتها منتشرة على نطاق واسع في مدن البلاد. وتحظى بعض المسابقات لرياضة الفروسية بإقبال كبير، ويتابعها أشخاص يهتمون بالخيول ويحبونها، بشغف.
يقول خبراء في تربية الخيول إن ليبيا تعد المورّد الأول في العالم للخيول العربية الأصيلة من تونس، إذ تشتري سنويا حوالي 70 في المئة من الخيول التونسية المخصصة للتصدير، كما أن المغرب وفرنسا والدول الخليجية تعتبر من الدول الأكثر إقبالا على شراء الخيول التونسية.