حماس محدود بين الإيرانيين للانتخابات لانحسار الصراع بين أنصار النظام

المشاركة في الانتخابات الإيرانية كانت محدودة، وظهر أن حماس الناخبين لم يكن كبيرا بسبب انحسار الصراع على مقاعد مجلس الشورى ومجلس الخبراء داخل أنصار النظام من متشددين ومحافظين بعد تهميش الإصلاحيين.
طهران- ذكرت تقارير غير رسمية السبت أن نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية الإيرانية، التي ينظر إليها على أنها اختبار لشرعية المؤسسة الدينية، سجلت على ما يبدو انخفاضا تاريخيا عند نحو 40 في المئة.
ولم يشارك المعتدلون ولا المحافظون ذوو الثقل في الانتخابات التي أجريت الجمعة ووصفها الإصلاحيون بأنها غير حرة وغير نزيهة، لتدور المنافسة بشكل أساسي بين المتشددين والمحافظين غير البارزين الذين أعلنوا الولاء لمُثل الثورة الإسلامية.
وتم تهميش الأحزاب الوسطية والإصلاحية والمعتدلة التي لا تأمل بالفوز سوى بعدد ضئيل من المقاعد بعد رفض العديد من مرشحيها.
وفي ظل غياب منافسة فعلية من الإصلاحيين والمعتدلين، يرى خبراء أن معسكر الأغلبية المكوّن من جماعات محافظة ومحافظة متشدّدة، سيستمر في السيطرة إلى حدّ كبير على مجلس الشورى.
ونددت جبهة الإصلاح، الائتلاف الرئيسي للأحزاب الإصلاحية، بانتخابات “مجردة من أيّ معنى وغير مجدية في إدارة البلاد”، رافضة المشاركة فيها.
وللمرة الأولى، لم يدل زعيم التيار الاصلاحي الرئيس السابق محمد خاتمي (1997 – 2005) بصوته، وفق ما أفاد مسؤولون إصلاحيون.
وكان صرّح قبل الانتخابات أن إيران “بعيدة جداً عن انتخابات حرة وتنافسية”، لكنه لم يدع إلى المقاطعة، خلافا لمعارضين في المنفى.
واتهم الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي “أعداء” إيران، وهو المصطلح الذي يستخدمه عادة للإشارة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، بمحاولة بث اليأس بين الناخبين الإيرانيين.
وجاءت عبارة “الأغلبية الصامتة” عنوانا رئيسيا على الصفحة الأولى في صحيفة “هام ميهان” المؤيدة للتيار الإصلاحي والتي قدرت نسبة المشاركة أيضا بنحو 40 في المئة.
ومن المحتمل أن تعلن وزارة الداخلية عن نسبة المشاركة الرسمية في الساعات القادمة. وإذا تأكدت هذه النسبة رسميا فستكون الأدنى منذ الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.
وأكد هادي طحان نظيف المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور المسؤول عن تنظيم الاقتراع، أن نسبة المشاركة “أعلى” من تلك المسجلة في الانتخابات السابقة عام 2020 التي أجريت خلال أزمة كوفيد.
وانخفضت نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية عام 2020 إلى 42.5 في المئة مقابل مشاركة 62 في المئة من الناخبين في عام 2016.
ويتوقع أن تعلن الأحد نتائج انتخابات مجلس الشورى التي يشارك فيها عدد قياسي من المرشحين بلغ 15200 مرشح، على أن ينعقد المجلس في مايو القادم.
وسيعزز المحافظون أيضا سيطرتهم على مجلس خبراء القيادة، وهي هيئة مؤلفة من 88 عضواً من رجال الدين يُنتخبون لمدة ثماني سنوات بالاقتراع العام المباشر، تقوم باختيار المرشد الأعلى الجديد وتشرف على عمله وعلى إمكان إقالته.
وتنافس في هذه الانتخابات 144 مرشّحاً جميعهم من الرجال، فيما رفضت ترشيحات شخصيات بارزة، وفي طليعتها الرئيس السابق المعتدل حسن روحاني (2013 – 2021) الذي أُبطل ترشيحه لمجلس الخبراء رغم أنه عضو فيهمنذ 24 عاما.
وتعتبر هذه الانتخابات اختبارا للسلطة لأنها الأولى منذ الحركة الاحتجاجية الواسعة التي هزت البلاد عقب وفاة الشابة مهسا أميني في سبتمبر 2022، بعيد توقيفها بأيدي شرطة الأخلاق لعدم التزامها بقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية، كما تزامنت مع تزايد خيبة الأمل بسبب المعاناة الاقتصادية في البلاد.
وتنافس أكثر من 15 ألف مرشح على مقاعد البرلمان البالغ عددها 290 مقعدا الجمعة.
وجاءت الانتخابات أيضا إلى جانب تصويت لمجلس خبراء القيادة المؤلف من 88 مقعدا، وهو هيئة ذات تأثير مكلفة باختيار خليفة خامنئي البالغ من العمر 84 عاما.
وأعلنت وزارة الداخلية السبت إعادة انتخاب الرئيس المنتمي للتيار المتشدد إبراهيم رئيسي لعضوية مجلس الخبراء بحصوله على 82.5 في المئة من الأصوات.
وأثنى رئيسي على “حضور” الإيرانيين إلى صناديق الاقتراع معلنا عن “فشل تاريخي جديد لحق بأعداء إيران بعد أعمال الشغب” في 2022.
وتم منع حسن روحاني، الذي انتخب رئيسا لإيران بفوزين ساحقين في عامي 2013 و2017 ووعد بالحد من العزلة الدبلوماسية للبلاد، من الترشح مما أثار انتقادات المعتدلين.
وقال روحاني الأربعاء إن التصويت يجب أن يقدم عليه “أولئك الذين يحتجون على الوضع الراهن” و”يريدون المزيد من الحرية”.
وطبقا للتقاليد، افتتح المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي عمليات الاقتراع بالإدلاء بصوته.
وفي تصريح مقتضب، دعا الإيرانيين إلى “التصويت فور الإمكان”، بعدما دعا الأربعاء إلى مشاركة كثيفة في التصويت محذرا من أنه “إذا كانت الانتخابات ضعيفة فلن يستفيد أحد وسيتضرر الجميع”.
وعرض التلفزيون الحكومي بعد ذلك صورا لمراكز الاقتراع حيث اصطفت نساء ورجال بهدوء، بشكل منفصل، للإدلاء بأصواتهم.
وفي مركز اقتراع في جنوب طهران، قالت مرادياني، وهي مدرّسة تبلغ 35 عاما، لوكالة فرانس برس إنّها أدلت بصوتها لأنّ “المرشد الأعلى قال إنّ المشاركة واجبة على الجميع. مثل الصلاة”.
ولكن بالنسبة إلى العديد من الإيرانيين، فإنّ الهمّ الرئيسي حالياً هو الاقتصاد، في ظل نسبة تضخم عالية جدا تقارب 50 في المئة.
وفي هذا الإطار، أشار هاشم، وهو فنان يبلغ 32 عاما من خوزستان (جنوب غرب)، إلى أنّ “الكثير من الناس لا يدلون بأصواتهم لأنّهم غير راضين عن الوضع السياسي والاقتصادي، مع ارتفاع الأسعار كلّ يوم”.
من جهتها، قالت هانا (21 عاماً)، وهي طالبة من كردستان (غرب) تقاطع الانتخابات “لو أدليت بصوتي، ما الفائدة؟ المسؤولون المنتخبون لا يحترمون وعودهم”.
وتكتسب مسألة المشاركة في الانتخابات في إيران أهمية كبرى، إذ تقدّمها السلطات على أنها دليل لشرعيتها على الساحة الدولية في ظل التوترات الجيوسياسية.
وقال خامنئي الأربعاء خلال استقباله في طهران جمعاً من الشبان الذين أتيح لهم الاقتراع للمرة الأولى إن “أعداء إيران يترقبون من كثب حضور الشعب الإيراني” مضيفا “إذا رأى العدو ضعفاً في الإيرانيين.. فإنه سيهدد الأمن القومي”.
وتابع أن “أميركا وسياسات معظم الأوروبيين وسياسات الصهاينة الخبيثين والرأسماليين وأصحاب الشركات الكبرى في العالم الذين يتابعون قضايا إيران لدوافع وأسباب مختلفة.. هم الأكثر خشية من حضور الناس في الانتخابات ومن القوة الشعبية لإيران”.
من جانبه، اعتبر الحرس الثوري الإيراني أن “المشاركة القوية” من شأنها أن تمنع “التدخلات الأجنبية” المحتملة في سياق الحرب في غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية المدعومة من إيران.
وكانت الولايات المتحدة قد قالت الخميس إنها “لا تتوقع” أن تكون الانتخابات الإيرانية “حرة ونزيهة”.