احذروا الحيوانات إذا نطقت

سيكون بمقدورنا قريبا التفاهم مع الطيور والزواحف والأسماك والحيوانات الأليفة منها والمفترس.
الجمعة 2024/03/01
سيكون بمقدور الحيوانات أن تعبر عن حزنها وألمها

قد يمتلك البشر قريبا مهارات النبي سليمان الذي أنعم الله عليه فعلمه منطق الطير والحيوان، ورويت قصص وحكايات عن قدرته على مخاطبة الهدهد والتفاهم مع النمل. وسيكون بمقدورنا قريبا التفاهم مع الطيور والزواحف والأسماك والحيوانات الأليف منها والمفترس.

عشاق الحيوانات الأليفة، سيسعدهم الخبر.. وأتحدث هنا عن نفسي، فأنا طالما أحببت أن أفهم مشاعر “برنس” و”فريزر” و”عنتر”، وهي كلاب شاركتني المنزل في فترة ما بحياتي، وكم تمنيت لو امتلكت القدرة على ترجمة همهماتها والتعابير المرتسمة على وجهها، فطالما ظننت أنها قادرة على فهم ما أوجهه لها من أوامر أو كلام تحبب، فهي تميز متى أكون غاضبا، فتتجنبني. ومتى أكون في لحظة صفاء، فتتقرب مني.

الرغبة في التخاطب مع الحيوان قديمة، وخير من عبر عن هذا التوق الشاعر والفارس عنترة بن شداد في معلقته التي وصف فيها حصانه قائلا:

فَاِزوَرَّ مِن وَقعِ القَنا بِلَبانِهِ/ وَشَكا إِلَيَّ بِعَبرَةٍ وَتَحَمحُمِ/ لَو كانَ يَدري ما المُحاوَرَةُ اِشتَكى/ وَلَكانَ لَو عَلِمَ الكَلامَ مُكَلِّمي.

في حقيقة الأمر الحيوانات، بما فيها حصان عنترة، تجيد الكلام. ولكن كل منها يستخدم لغة خاصة لا يفهمها البشر.

قصص الحيوانات الناطقة بلغة البشر حفلت بها الحكايات، وقد يكون أشهرها ميكي ماوس، ولكن أقدمها حتما ما جاء في كتاب كليلة ودمنة، الكتاب الذي كتب بالسنسكريتية في القرن الرابع ميلادي، ونقله إلى العربية عبدالله بن المقفع في القرن السادس ميلاديا.

قبل أن نقفز إلى استنتاج، أقول أن الخبر لم يدع أن الحيوانات سيكون بوسعها أن تتكلم كما البشر.

الاختراق الجديد الذي يتحدث عنه العلماء سيتم بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي، ويسمح للناس بالتواصل مع الحيوانات الأليفة، وغير الأليفة مستقبلا.

الاستعانة بالعلم وما يسمى بـ“الصوتيات الحيوية الرقمية” لالتقاط أصوات وحركات وسلوكيات الحيوانات ليس بالأمر الجديد، الجديد هو استخدام قواعد البيانات في تدريب الذكاء الاصطناعي لفك تشفير لغة التواصل وترجمتها إلى لغة مفهومة من قبل البشر.

ويتحدث العلماء عن فترة زمنية من 12 إلى 36 شهرا للوصول إلى هذا الانجاز. وتتضمن التجارب التي أطلق عليها “مشروع أنواع الأرض” محاولات لرسم خريطة للمخزون الصوتي للغربان، وكذلك تجربة أخرى تهدف إلى توليد أصوات جديدة يمكن للطيور فهمها.

الإنجاز الأكبر سيكون باستخدام “التعلم العميق” لفك لغة الخفافيش وهي لغة معقدة جدا، خاصة وهي تتجادل فيما بينها حول الطعام. ويقال أن الخفافيش الأم تستخدم لغة مبسطة خاصة بها للتواصل مع صغارها.

وتحاول الميكروفونات الموجودة على العوامات والأسماك الآلية كشف أصوات حيتان العنبر، وهي أكبر حيوان مفترس في العالم، ويقال إنها تحدد موقع طعامها وتتواصل مع بعضها البعض بالنقرات.

الخبر يتحدث حتى الآن عن تجارب علمية تجري في ظروف معقدة، وما يهمنا نحن البشر هو اليوم الذي نتمكن فيه بالاستعانة بتطبيقات الهاتف الذكي ترجمة تعابير الحيوانات والتخاطب معها.

عندها سيكون بمقدور الحيوانات أن تعبر عن حزنها وألمها وقد تتهمنا بالوحشية وهي تساق للذبح. هل نتعاطف معها ونصبح نباتيين؟ وماذا لو أعلن العلماء أنهم قريبون من فهم لغة النباتات؟

عندها لن نجد ما نأكله.

18