بيان تونس يمهد الطريق للقاء باريس بين صالح وتكالة

اتفاق على تجديد الالتزام بالقوانين الانتخابية وتشكيل حكومة وطنية جديدة.
الجمعة 2024/03/01
تأكيد على ملكية العملية السياسية لليبيين

توصّل أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة الليبيين في العاصمة تونس إلى جملة من التوافقات، أهمها تشكيل حكومة وطنية جديدة في ليبيا تشرف على إجراء الانتخابات، على أن يتم تدعيم ذلك بلقاء مرتقب بين رئيسي المجلسين في فرنسا.

تونس - نجح ممثلو مجلسي النواب والأعلى للدولة الليبيين في عقد اجتماعهم بتونس بعيدا عن كاميرات التلفزيون وعيون المتطفلين، وتوصلوا إلى جملة من التوافقات من المنتظر أن تشكل منطلقا للقاء الذي سيجمع بين رئيسي المجلسين عقيلة صالح ومحمد تكالة في باريس الأسبوع القادم بمبادرة فرنسية.

وبحسب بيان صادر عن مجلس النواب، الخميس، التقى أكثر من 120 عضوا من أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة، وتمت خلال اللقاء الذي عقد في العاصمة تونس مناقشة الانسداد السياسي وسبل تفعيل العملية الانتخابية والتأكيد على ملكية العملية السياسية لليبيين، حيث اتفق الحاضرون على محضر اتفاق يتضمن القضايا المتفق عليها وآلية تنفيذها، بالإضافة إلى بيان سياسي حول اللقاء وموجبات عقده وما صاحبه من صعوبات.

 وتضمن محضر اتفاق أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة تجديد الالتزام بالقوانين الانتخابية رقم 27 و28 لسنة 2023 المنجزة عبر لجنة 6+6 والصادرة عن مجلس النواب، وتشكيل حكومة وطنية جديدة تعمل على إنجاز الاستحقاق الانتخابي كما نصت المادتان (90،86) من القوانين الانتخابية، مع التنصيص على ضرورة احترام الملكية الليبية للعملية السياسية، ويتم اختيار رئيس الحكومة الجديدة من خلال آلية شفافة ونزيهة تؤسس على خارطة الطريق المقدمة من قبل لجنة 6+6 بالتوافق بين المجلسين ورعاية البعثة الأممية.

محمد الرعيض: الاتفاق الحقيقي هو تحديد موعد للانتخابات بقوانين عادلة
محمد الرعيض: الاتفاق الحقيقي هو تحديد موعد للانتخابات بقوانين عادلة

ودعا المجتمعون المفوضية الوطنية العليا للانتخابات إلى الشروع في تنفيذ القوانين الانتخابية، ومطالبتها بالإعلان عن موعد إجراء الانتخابات، وأكدوا على خطورة ما ورد بتقرير البنك المركزي حول حجم التضخم في الإنفاق في موضوعي الدعم والمصروفات والتمويل مجهول المصدر وضرورة تشكل لجنة تحقيق في ذلك.

كما شددوا على ضرورة وضع ضوابط وتشريعات ملزمة للحكومة القادمة بما يضمن محاربة المركزية ودعم الوحدات المحلية ووصول المخصصات مباشرة للبلديات والمحافظات، معلنين تشكيل لجنة متابعة من أعضاء المجلسين تتولى التواصل المحلي والدولي بهدف تنفيذ المخرجات المتوافق عليها على أن تقدم اللجنة تقريرها الأول لأعضاء المجلسين خلال شهر ووتتولى التحضير للاجتماع الموسع الثاني لأعضاء المجلسين. 

وأوضح عضو كتلة التوافق بمجلس الدولة الاستشاري سعد بن شرادة أن “اجتماع أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة في تونس كشف المعرقلين ومثل ضربة موجعة لهم”.

وأضاف في تصريح صحفي “اجتماع أعضاء النواب والدولة في تونس هو الأول من نوعه بهذا العدد ويأتي استشعارا لخطورة الوضع في ليبيا، ونشهد اليوم تشظيا وانقساما واضحا وعرقلة لمسار الذهاب إلى انتخابات وعودة الأمانة للشعب الليبي ليقول كلمته”، مردفا أن “مجلسي النواب والدولة اتفقا على مخرجات 6+6 وتم إصدار القوانين وتوطدت العلاقة بين المجلسين، وأعضاء المجلسين تنادوا لعقد اجتماع تشاوري واتفاق حول عدد من النقاط بأكبر عدد ممكن”.

وأكد بن شرادة أن “عدد الحاضرين في الاجتماع من المجلسين تراوح بين 130 و140 عضوا، بالإضافة إلى من تعذر عليه الوصول إلى تونس لظروف خاصة وعائلية”.

وتابع “طريقنا إلى الاجتماع في تونس كان مليئا بالمعرقلين المحليين والدوليين لمنع هذا الاجتماع، لكن كانت النتيجة عكسية تماما، واليوم اتضحت الرؤية وتم الاتفاق على مخرجات 6+6 والذهاب إلى الانتخابات بأسرع وقت ممكن في ظل حكومة جديدة موحدة تسيطر على كامل ليبيا”.

واعتبر عضو مجلس الدولة الاستشاري سعيد ونيس أن اجتماع تونس يعتبر خطوة متنوعة ومتطورة لاستجلاء حجم التوافق بين مجلسي النواب والدولة، مشيرا إلى أن “هناك توافقا كبيرا على النقاط الأساسية سواء في العملية الانتخابية أو توحيد السلطة التنفيذية”، مبرزا قناعته التامة بأن “هذا التوافق سيخلق انسجاما في العمل التشريعي ويعتبر خطوة متقدمة ومتطورة في العملية التشريعية في هذا الوقت”.

ورأى عضو مجلس النواب محمد الرعيض أنه “تمت المحاولة مرارا وتكرارا لصياغة اتفاق حقيقي بين أعضاء مجلس النواب أولا وبين النواب والأعلى للدولة ثانيا”، لافتا إلى أن “الاتفاق الحقيقي هو الذهاب إلى موعد محدد للانتخابات بقوانين عادلة، لاسيما أن المواطنين سئموا هذه المراحل وأي اتفاق يبنى على مرحلة انتقالية جديدة ما هو إلا سراب”.

محمد تكالة في باريس

والثلاثاء الماضي، قالت مصادر ليبية إن السلطات التونسية منعت عقد الاجتماع الذي كان مقررا بين مجلسي النواب والدولة في الضاحية الشمالية للعاصمة تونس، فيما ردت أوساط تونسية القرار إلى عدم حصول الوفدين الليبيين على ترخيص من السلطات المحلية لعقد الاجتماع فوق أراضيها، لاسيما أنه كان مخصصا لاتخاذ قرارات مهمة، بخصوص الشأن السياسي في داخل ليبيا.

وأكد مصدر من مجلس الدولة الليبي في تصريحات صحفية أن “الأمور كانت تسير بشكل جيد حيث تم إعداد البيان الختامي للاجتماع لكننا فوجئنا بقرار السلطات التونسية التي يبدو أنها تريد النأي بنفسها عن النزاع الحالي حول الحكومة في ليبيا”.

وقال عضو مجلس النواب علي الصول إن “الجلسة التشاورية مع مجلس الدولة أُلغيت من قبل السلطات التونسية، بناء على طلب من رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة ومساعيه لإفشال هذا اللقاء”، لافتا إلى أن “الدبيبة يحاول العرقلة للمحافظة على بقائه في السلطة وهو مستعد لدفع الأموال من أجل ذلك”.

وتبين لاحقا أن البيان الختامي كان جاهزا قبل افتتاح الاجتماع، وتمت صياغته من خلال اللجان التحضيرية النشطة بين المجلسين، وهو ما ساعد طرفي الحوار على إعلان النتائج بعد مشاورات.

ومن المنتظر أن يزور رئيس مجلس النواب عقيلة صالح القاهرة وأنقرة لعقد سلسلة اجتماعات مع مسؤولين مصريين وأتراك قبل الانتقال إلى باريس للقاء تكالة، وذلك بهدف تحقيق توافقات إقليمية واسعة على دعم مطالبته بضرورة تشكيل حكومة جديدة موحدة على أنقاض حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس وحكومة الاستقرار في بنغازي.

عضو مجلس الدولة الاستشاري سعيد ونيس اعتبر أن اجتماع تونس يعتبر خطوة متنوعة ومتطورة لاستجلاء حجم التوافق بين مجلسي النواب والدولة

وكان الدبيبة جدد في فبراير الماضي تمسكه بالبقاء في السلطة، وأكد بقاءه في منصبه. ودعا إلى الاستفتاء على الدستور أولا، مشيرا إلى سعيه للوصول إلى توافق على القاعدة الدستورية، ثم إجراء الانتخابات في ليبيا، مجددا رفضه أي أفكار من مجلس النواب تتضمن مرحلة انتقالية جديدة، متهما مجلسي النواب والدولة بـ”الرغبة في الاستمرار في وضعهما الحالي، ولا يريدان إقرار القوانين”.

وبالمقابل، قال المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي إن “القادة الليبيين في موقع المسؤولية يدركون أنهم فشلوا في الاستجابة لتطلعات الشعب الليبي”، وأضاف أن “من المؤسف أن أولئك الذين يقودون ليبيا اليوم يتشبثون بمناصبهم ومواقعهم، ويستفيدون من الوضع القائم على حساب الشعب الليبي”، معتبرا أن الحل الوحيد لتحقيق الأمن والازدهار لليبيا هو “تشكيل حكومة جديدة موحدة. ليست حكومة غرب أو شرق وإنما حكومة لكل الليبيين”.

وهدد مجلس الأمن الدولي، في بيان له، الثلاثاء، بفرض عقوبات على مهددي السلام ومعرقلي الحل السياسي في ليبيا، وأكد التزامه القوي بعملية سياسية شاملة يقودها ويمتلكها الليبيون، وتيسرها الأمم المتحدة، وتبنى على القوانين الانتخابية المحدثة التي وافقت عليها لجنة 6+6، مبرزا أن “الأفراد أو الكيانات ممن يهددون السلام أو الاستقرار أو الأمن في ليبيا أو يعيقون أو يقوضون استكمال عملية الانتقال السياسي بنجاح عبر عرقلة الانتخابات أو تقويضها، قد يتم إدراجهم على قوائم عقوبات مجلس الأمن”.

وفي موقف لافت، بادر الدبيبة بالترحيب بما ورد في بيان مجلس الأمن، وقال إنه ما كان دعا “إليه مرارا وتكرارا لاتفاقه مع رؤيتنا للحل السياسي في ليبيا القائمة على طي المراحل الانتقالية الطويلة، التي عانتها بلادنا وشعبنا، عبر عملية انتخابية نزيهة وشفافة تقوم على أسس دستورية وقانونية عادلة”، لكن ذلك لم يزد معارضيه إلا قناعة بأنه مستعد للمشاركة في حلحلة الأزمة بالتنازل عن منصبه وفسح المجال أمام حكومة جديدة موحدة.

 

اقرأ أيضا:

      • هل اقترب رحيل الدبيبة

4