ما سر جاذبية عروض الزواج في باريس

عندما يتعلق الأمر بجاذبية عروض الزواج في باريس، لا يمكن الاستهانة بتأثير الثقافة الشعبية، ومنصات التواصل الاجتماعي.
الثلاثاء 2024/02/20
كل شيء يبدو ساحرا

من برج إيفل إلى نهر السين تمتلئ باريس بالمواقع والمعالم الأثرية المعروفة عالميًا حيث تحدث عروض الزواج العامة غالبًا. ويبدو كل شيء في باريس ساحرًا للغاية، حتى أن الكثيرين يقولون صراحة إنهم حصلوا على عروض زواج أحلامهم.

باريس - خلال إحدى أيام فصل الشتاء، بُسطت سجادة حمراء على طول جسر “بئر حكيم” فوق نهر السين وسط العاصمة الفرنسية باريس، وتناثرت البتلات عبره، واعتلتها لافتة متوهجة كُتِب عليها عبارة “هل تتزوجيني؟”. ولم يفسد المطر معنويات امرأة تقترب من اللافتة، وتذرف دموع الفرح عندما فهمت ما يحدث.

وهذه اللحظة الخاصة تُعد شائعة نسبيًا في “مدينة الحب”، حيث يصل نحو 36 ألف زائر كل عام لطلب يد شريكه، وفقًا لسوق تخطيط عروض الزواج “بروبوزال باريس”. وكان رودريغو ميندوزا، البالغ من العمر 33 عامًا، من هؤلاء الأشخاص.

وعندما قرر التقدم لخطبة حبيبته، سييرا روهاس، في يونيو من عام 2023، كان اختيار الموقع سهلاً. وقال ميندوزا “قبل الجائحة، كانت تلك هي المرة الأولى التي أزور فيها باريس. بالنسبة إليّ كانت مدينة استثنائية ورومانسية للغاية.. وقلت في نفسي: حسنًا، عندما أجد الشخص المناسب، سأطلب الزواج منه هنا في باريس”.

وسافر ميندوزا، من نيويورك مع مصور مسبقًا لإعداد جلسة تصوير مع برج إيفل في الخلفية، وعرض الزواج على حبيبته هناك. ويبدو أن اللفتات الرومانسية كهذه أصبحت صيحة متزايدة، فيسعى المسافرون إلى التعويض عن الوقت الضائع.

وشهدت “بروبوزال باريس” زيادة في عدد الطلبات بنسبة 30 في المئة بين عامي 2021 و2023. ولاحظت شركة “كيس مي إن باريس”، وهي شركة تنظيم فعاليات نظمت أكثر من 450 عرضًا للزواج في عام 2023، أنماطًا مماثلة.

حح

وأشارت الشركة إلى زيادة بنسبة 50 في المئة في عروض الزواج المخطط لها بين عامي 2022 و2023، وزيادة ملحوظة في عروض الزواج بعد رفع قيود السفر بسبب فايروس كورونا في باريس.

ومن برج إيفل إلى نهر السين تمتلئ باريس بالمواقع والمعالم الأثرية المعروفة عالميًا حيث تقام عروض الزواج العامة غالبًا. إذاً، فما الذي يجعل العاصمة الفرنسية مثيرة للإعجاب للكثيرين؟

من جانبها، قالت مُؤسِّسة “بروبوزال باريس”، ديانا سومانو “لديّ انطباع بأنّ الناس يبحثون بدقة لإظهار أنّهم في باريس، والبيئة السحرية والرومانسية التي يمكن للمدينة أن تمنحهم لعرض الزواج الخاص بهم”. وبالنسبة إلى البعض، قد يكون احتمال مشاهدة الجمهور لحظة حميمة كهذه مخيفًا، ولكن “هناك بعض الأشخاص الذين يستمتعون بذلك، ويرغبون أن يصفق لهم الجمهور حولهم”، حسبما ذكرته المُؤسِّسة المشاركة في “كيس مي إن باريس”، شانتيل ماري ستريت. ووفقًا لعالمة الاجتماع في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي المتخصص في الأزواج والعائلات فلورنس مايلوشون فإن مفهوم عروض الزواج أمام الجمهور “اختراع نشأ بلا شك في الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة”.

وأضافت مايلوشون أنّه رُغم كونها ظاهرة حديثة، إلا أنّ عروض الزواج أمام الجمهور “تزايدت حقًا مع ظهور منصات التواصل الاجتماعي، التي تدعونا إلى عرض حياتنا من كل النواحي”.

وعندما يتعلق الأمر بجاذبية باريس، لا يمكن الاستهانة بتأثير الثقافة الشعبية، ومنصات التواصل الاجتماعي. فغالبًا ما يتطلب التخطيط لعروض الزواج في الخارج، وخاصةً التي تكون أمام الجمهور، مساعدة لوجستية. ونتيجةً لذلك، ظهرت صناعة مزدهرة لتخطيط عروض الزواج في باريس.

خخ

وقالت مؤسِّسة شركة تنظيم الفعاليات The Proposers، ديزي أموديو إنّ أحد عملائها أراد عرض وجهه على برج “إيفل” كجزء من عرض الزواج على حبيبته. وشرحت أموديو “اتصلت ببرج إيفل، واتصلت بالحكومة، واتصلت بكل شخص يمكن أن تفكر فيه في باريس.. لكن الرفض كان مطلقًا… لذا بدلاً من ذلك استأجرت ديزني لاند باريس بأكملها من أجلهما فقط”.

وتحاول شركات مثل “كيس مي إن باريس” تقديم تجربة لا تُنسى للأزواج، لإحياء أحلامهم الجامحة، وتسليط الضوء على سحر “مدينة الحب”. وبالنسبة إلى سييرا روهاس مثّل عرض زواج خطيبها رودريغو ميندوزا ذلك بالضبط.

وقالت “بدا كل شيء في باريس ساحرًا للغاية. أستطيع أن أقول بصراحة إنّني حصلت على عرض زواج أحلامي. كان كل شيء مثاليًا”. وفي الوقت ذاته، أفاد ميندوزا أنّه أدرك الآن أن انطباعه الأول عن المدينة كان صحيحًا، فهي حقًا المكان المناسب لإخراج خاتم الخطوبة. وأضاف “إذا كنت قد وقعت في الحب، فستجعلك (باريس) تقع في الحب أكثر”.

18