إيران تكشف عن منظومة دفاعية جديدة: رسالة تصعيد ضد واشنطن

طهران مورد أول للميليشيات بأسلحة رخيصة وفعالة.
الأحد 2024/02/18
الكشف عن منظومة آرمان

الكشف عن منظومتين دفاعيتين جديدتين يحمل رسالة تحد من إيران للولايات المتحدة وتأكيدا على أنها ستستمر بدعم الميليشيات وفرض نفوذ لها في المنطقة، وهو ما قد يدفع إلى توسيع الحرب في الشرق الأوسط حتى من دون تداعيات الحرب في غزة.

طهران - كشفت إيران السبت النقاب عن أسلحة جديدة تشمل منظومة “آرمان” محلية الصنع المضادة للصواريخ البالستية ومنظومة “آذرخش” للدفاع الجوي منخفض الارتفاع، في خطوة قال مراقبون إنها تحمل رسالة تصعيد واضحة ضد واشنطن مع تزامنها مع تقرير أميركي يفيد بأن طهران باتت المورد الأول للأسلحة لفائدة الميليشيات في الشرق الأوسط.

وأزيح الستار عن المنظومتين الدفاعيتين السبت بحضور وزير الدفاع الإيراني محمد رضا أشتياني. وقالت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (إرنا) “مع إدخال أنظمة جديدة إلى شبكة الدفاع الإيرانية ستزداد قدرة الدفاع الجوي هذه بشكل كبير”. وأوضحت أن منظومة “آرمان”، “يمكنها مواجهة ستة أهداف في وقت واحد على مسافة من 120 إلى 180 كيلومترا”، في حين أن منظومة “آذرخش”، “يمكنها تحديد الأهداف وتدميرها… بمدى يصل إلى 50 كيلومترا مع أربعة صواريخ جاهزة للإطلاق".

وجاء الإعلان وسط تصاعد التوترات في المنطقة، حيث نفذت جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران سلسلة من الهجمات على سفن مرتبطة بالولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل في البحر الأحمر إظهارا للتضامن مع قطاع غزة.

وردا على هجمات الحوثيين استهدفت الولايات المتحدة مواقع داخل اليمن، بالإضافة إلى منشآت لجماعات متحالفة مع إيران في العراق وسوريا. وفي المقابل، تعرضت قواعد عسكرية أميركية في سوريا والعراق لهجمات. كما قصفت إسرائيل أهدافا إيرانية في سوريا. وفي يونيو عرضت إيران ما وصفه المسؤولون بأنه أول صاروخ بالستي فرط صوتي محلي الصنع، والذي يحمل اسم "فتّاح" ويبلغ مداه 1400 كيلومتر.

◙ منظومة آرمان يمكنها مواجهة ستة أهداف في وقت واحد على مسافة من 120 إلى 180 كيلومترا
◙ منظومة آرمان يمكنها مواجهة ستة أهداف في وقت واحد على مسافة من 120 إلى 180 كيلومترا

ويرى خبراء ومحللون أن خطر اندلاع حرب مفتوحة بين إسرائيل وإيران أو بينها وبين الولايات المتحدة يتزايد، حيث يطلق المسؤولون الإيرانيون بشكل دوري تصريحات يتوعدون فيها بـ”إبادة إسرائيل”، فيما تهدد تل أبيب باستهداف المواقع النووية لمنع طهران من امتلاك القنبلة الذرية. ومن بين المؤشرات التي تنذر بذلك الهجوم الذي أوقع أكثر من مئة قتيل أثناء إحياء ذكرى قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري قاسم سليماني الذي اغتيل في بغداد عام 2020 بهجوم بطائرة مسيّرة أميركية، وقد نسبه كل المراقبين تقريبا إلى إسرائيل.

كما شنت إسرائيل هجوما على مواقع تابعة للحرس الثوري في سوريا ما أدى إلى سقوط عدد من قادته المؤثرين فيما تعهد المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بالرد على تلك الهجمات. وكانت إسرائيل زادت من حدة هجماتها على سوريا مؤخرا مستهدفة، كما تقول، أهدافاً إيرانية. ومنذ سنوات، تشن إسرائيل هجمات ضد ما تصفها بأنها أهداف مرتبطة بإيران في سوريا، حيث تزايد نفوذ طهران منذ دعمها للرئيس السوري بشار الأسد في الحرب التي اندلعت عام 2011.

واتهمت طهران خلال السنوات القليلة الماضية الموساد الإسرائيلي بتنفيذ اغتيالات على أراضيها، من ضمنها قتل محسن فخري زاده، أحد كبار علمائها النوويين في نوفمبر 2020، فضلا عن العقيد في الحرس الثوري حسين صياد خدائي في مايو 2022، بالإضافة إلى عدد من عناصر الحرس الثوري في سوريا. إلا أن الصراع الذي اشتعل قبل أكثر من 5 أشهر في غزة، أضفى مزيداً من المخاطر حول إمكانية توسع الصراع بين إسرائيل وإيران عبر الفصائل التي تدعمها في المنطقة، لاسيما في لبنان والعراق وسوريا واليمن.

وكانت الولايات المتحدة قد وجهت أكثر من مرة تحذيرات لطهران من مغبة التورط مباشرة في الحرب الدائرة في غزة بين إسرائيل وحماس، أو عبر وكلائها، لكن المسؤولين الإيرانيين أكدوا مرارا وتكرارا أنهم لا يسعون إلى توسيع الحرب.

وأفاد تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال أن الصناعات العسكرية الإيرانية تشهد نموا، ما جعل البلاد مصدرا واسعا للأسلحة المتقدمة الرخيصة التي تعتمد عليها الميليشيات المسلحة في الشرق الأوسط وحتى بعض الدول.

وأشار إلى أن هذا الأمر يثير حفيظة الولايات المتحدة والحلفاء في الشرق الأوسط وخارجه، بما في ذلك في أوكرانيا. وتشير المعلومات إلى أن روسيا اشترت من إيران الآلاف من الطائرات المسيرة في 2022، والتي استخدمتها في حربها ضد أوكرانيا، في الوقت الذي زادت فيه طهران من دعمها لتسليح الميليشيات في الشرق الأوسط. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين قولهم إن أبرز صادرات الأسلحة الإيرانية، هي طائرة “شاهد” المسيرة، والتي تستطيع حمل متفجرات.

وأشار التقرير إلى أن هذه الطائرة المسيرة استخدمت لقتل ثلاثة جنود أميركيين في الأردن أواخر يناير الماضي، والذي ردت عليه الولايات المتحدة بمجموعة ضربات استهدفت فيها الميليشيات الموالية لإيران في العراق وسوريا. وفي أحدث عملية للجيش الأميركي، أعلنت القيادة العسكرية المركزية الأميركية “سنتكوم” الخميس أن سفينة تابعة لخفر السواحل في بحر العرب، صادرت في يناير الماضي شحنة أسلحة من إيران متجهة إلى مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن، وفقا لوكالة فرانس برس.

◙ في أوكرانيا واليمن والعراق وسوريا ولبنان كانت الأسلحة الإيرانية حاضرة بقوة، واستخدمت على نطاق واسع

وقالت "سنتكوم" في بيان نشرته على منصة إكس "قامت سفينة تابعة لخفر السواحل الأميركي… بمصادرة شحنة من الأسلحة التقليدية المتطورة وغيرها من المساعدات الفتاكة مصدرها إيران ومتجهة إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن من على سفينة في بحر العرب في 28 يناير". وأضاف البيان أن الشحنة تحتوي على أكثر من 200 حزمة تشمل مكونات صواريخ ومتفجرات وأجهزة أخرى. ونقل البيان نفسه عن قائد "سنتكوم" مايكل إريك كوريلا قوله إن "هذا مثال آخر على نشاط إيران الخبيث في المنطقة".

وفي 16 يناير، أعلن الجيش الأميركي أنه صادر في 11 من الشهر نفسه، مكونات صواريخ إيرانية الصنع على متن قارب في بحر العرب كانت متوجهة إلى الحوثيين، في أول عملية من نوعها منذ بدأ المتمردون اليمنيون استهداف سفن قبالة اليمن.

وذكرت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية أن التعاون السري والوثيق بين موسكو وطهران في مجال صناعة الطائرات دون طيار قد نجم عنه إنشاء مصنع جديد في جمهورية تتارستان الروسية، حيث حول الكرملين مصنعًا ليمسي مقرا لإنتاج "الدرونز" التي يجري الزج بها في الجهود القتالية بأوكرانيا. وحتى قبل بدء الهجمات، أعلن الجيش الأميركي مرارا مصادرة شحنات أسلحة قال إنها متجهة من إيران إلى الحوثيين.

وفي ساحات القتال في أوروبا والشرق الأوسط، كانت الأسلحة الإيرانية حاضرة، حيث استخدمت على نطاق واسع في أوكرانيا في ضرب أهداف البنية التحتية المدنية، فيما تستخدمها الميليشيات الموالية لطهران لضرب المصالح الأميركية والغربية والإسرائيلية في المنطقة. ومن سوريا إلى أوكرانيا، تشكل العلاقات العسكرية "المزدهرة" بين روسيا وإيران مصدر قلق للولايات المتحدة. وعرض مسؤولون عسكريون أميركيون في الأمم المتحدة في أكتوبر الماضي ما قالوا إنها قطع تعود إلى طائرات مسيرة إيرانية عثر عليها في أوكرانيا.

وقال مسؤولو وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية "دي آي إيه" إن الحطام يشمل أجزاء من مسيّرات "شاهد 101" و"شاهد 131" و"شاهد 136" الإيرانية تم العثور عليها في أوكرانيا. وتنفي طهران الاتهامات الغربية بأنها تزود روسيا بأعداد كبيرة من الطائرات المسيرة، بعضها مسلح، لاستخدامها في حربها في أوكرانيا.

5