القلق العربي من توسع الصراع: محليا نحو مصر أم في كل الإقليم

القاهرة – ألقى اجتماع وزراء الخارجية العرب المعنيين بالتصعيد في غزة ظلالا من الشك حول توسيع رقعة الحرب وإن كانت تعني ما تعتبره مصر تهديدا مباشرا باندفاع اللاجئين الفلسطينيين المتكدسين في رفح إليها أم تأثيرات توسع الصراع إقليميا بضربات توجهها الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى أهداف عسكرية لقوات وميليشيات محسوبة على إيران في سوريا والعراق واليمن.
وكان وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان قد أشار إلى القلق من توسع الصراع الذي قد يخلط الأوراق المصرية، خاصة بعد تهديد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باجتياح غزة.
وذكرت وكالة أنباء الإمارات (وام) أن الشيخ عبدالله بن زايد دعا إلى تكثيف الجهود لمنع اتساع نطاق الصراع في المنطقة خلال اجتماع لوزراء خارجية عدد من الدول العربية، عقد مساء الخميس في الرياض.
وحاول وزراء الخارجية العرب صياغة موقف موحّد، وطالبوا بالتوصل إلى وقف فوري وتام لإطلاق النار، وحماية المدنيين وفقاً للقانون الإنساني الدولي، ورفع القيود التي تعرقل دخول المساعدات إلى غزة، واتخاذ خطوات للاعتراف بدولة فلسطين.
واستضاف وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان نظراءه القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني والمصري سامح شكري والأردني أيمن الصفدي والإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد، وأمين سرّ اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ.
وانتقدت الخارجية السعودية من قبل تصريحات لمسؤول أميركي أشار فيها إلى مناقشات “إيجابية” للتطبيع على الرغم من الحرب في غزة، وأكدت موقفها “الثابت” بأنّه لن تكون هناك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ما لم يتمّ الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
الدعوة الإماراتية إلى منع توسع رقعة الصراع لها أسبابها الموضوعية، حيث نشأت على أطراف الحرب في غزة بؤر عديدة انخرطت فيها جماعات مسلحة بأشكال مختلفة، قد تصعب السيطرة عليها مع وجود قوى ترى مصلحتها في توسيع الحرب.
ويحرج تشبث نتنياهو بتنفيذ عملية عسكرية كبيرة في رفح، لمطاردة عناصر حماس والسيطرة على محور صلاح الدين (فيلادلفيا) فوق الأرض وتحتها، القاهرة التي أعلنت رفضها لأي إجراء أمني في هذه المنطقة يخل باتفاقياتها السابقة مع تل أبيب ويفضي إلى نزوح قسري نحو سيناء، وهو ما تم التحذير منه.
وأكد الخبير في الشؤون الإسرائيلية أحمد فؤاد أنور لـ”العرب” أن “حديث وزير الخارجية الإماراتي حول منع توسيع نطاق الحرب ينبع من شعور بأن المعارك قد تنحرف عن مسارها في أي لحظة، وسط تعدد الضربات العسكرية في سوريا والعراق والبحر الأحمر، ورغبة القيادة الإسرائيلية في عدم وقف الحرب، والبحث عن وسائل لا تقيدها بالتهدئة”.
والجمعة شنّت إسرائيل غارات مكثفة على رفح في أقصى جنوب غزة مع تلويحها بهجوم بري، يؤثر على حياة مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين نزحوا إلى رفح.
وأعلن نتنياهو أنه أمر الجيش بالتحضير لهجوم على رفح القريبة من الحدود مع مصر، حيث يتجمع أكثر من مليون شخص في ظل الدمار الواسع والمعارك المتعددة في القطاع.
وذكر فؤاد أنور لـ”العرب” أن “القاهرة تخشى أن تؤدي عملية عسكرية واسعة النطاق في رفح إلى تدفق مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى سيناء، ما يدفع الإدارة المصرية إلى اتخاذ إجراءات قاسية، لا أحد يعرف طبيعتها حتى الآن، للرد على هذا التجاوز، والذي تم التحذير منه سلفا، وتوصيل رسائل حاسمة إلى قوى دولية، في مقدمتها الولايات المتحدة، تفيد بأن هذا الخرق ستكون له عواقب وخيمة على المنطقة”.
ووصل وفد من حماس برئاسة خليل الحية إلى القاهرة الخميس لإجراء محادثات مع مصر وقطر بشأن وقف إطلاق النار، إذ تتوسطان للتوصل إلى تهدئة تمهيدا لوقف الحرب.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن إن الرد العسكري الإسرائيلي في غزة “جاوز الحد”.
ويعمل بايدن على التوصل إلى وقف مستدام للقتال، في الوقت الذي يسعى فيه دبلوماسيون لإنقاذ محادثات التهدئة المنتظرة بعد رفض نتنياهو اقتراحا طرحته حماس بشأنها.
وكشف منسق الاتصالات الإستراتيجية لمجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي أن أجزاء من رد حماس لصفقة تبادل الأسرى “كانت إيجابية للغاية، وأخرى تحتاج إلى المزيد من العمل”، مؤكدا أن أي عملية إسرائيلية في رفح دون إيلاء الاعتبار الواجب لمحنة المدنيين ستكون “كارثة”، وأضاف “أننا لن نؤيدها”.
وأنهى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الخميس جولة إقليمية سعى خلالها للدفع باتجاه هدنة تتيح الإفراج عن الرهائن لدى حماس وإيصال المزيد من المساعدات.
وأثارت تصريحات الرئيس الأميركي التي ذكر فيها أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لم يرد في البداية فتح معبر رفح لدخول المساعدات إلى غزة، لكنه تحدث معه وأقنعه بفتحه، “استغرابا” لدى دوائر سياسية في القاهرة، لأنها أعلنت دوما أن المعبر مفتوح من الجانب المصري لدخول المساعدات إلى غزة ولم يغلق منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، وإغلاقه يتم من الجهة المقابلة التي تسيطر عليها إسرائيل.
وقال مصدر أمني مصري لـ”العرب” إن “هذا الحديث لا يعتد به، فهناك الكثير من الروايات التي جاءت على ألسنة مسؤولين أمميين وفي منظمات دولية مختلفة أكدت أن المعبر لم يغلق، والعراقيل التي تمنع دخول المساعدات إلى القطاع تقوم بها إسرائيل”.
وأصدرت الرئاسة المصرية بيانا قالت فيه إن “استمرار قصف الجانب الفلسطيني من المعبر من قبل إسرائيل، الذي تكرر أربع مرات، حال دون إدخال المساعدات، وإنه بمجرد انتهاء قصف الجانب الآخر من المعبر قامت مصر بإعادة تأهيله على الفور، وإجراء التعديلات الفنية اللازمة، بما يسمح بإدخال أكبر قدر من المساعدات لإغاثة أهالي القطاع”.
وأكدت أن الدور الذي قامت به مصر في حشد وإدخال المساعدات “كان قيادياً ونابعاً من شعور مصر بالمسؤولية الإنسانية عن الأشقاء الفلسطينيين بالقطاع، وأنها تحملت ضغوطاً وأعباء لا حصر لها لتستطيع تنسيق عملية إدخال المساعدات”.
وقال مصدران أمنيان مصريان إن القاهرة أرسلت نحو 40 دبابة وناقلة جند مدرعة إلى شمال شرق سيناء خلال الأسبوعين الماضيين في إطار سلسلة تدابير لتعزيز الأمن على حدودها مع قطاع غزة.
ومنذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر أقامت مصر جدارا حدوديا خرسانيا تعلوه أسلاك شائكة. وقال المصدران الأمنيان إن مصر أقامت أيضا حواجز رملية وعززت المراقبة عند مواقع التمركز الحدودية.