تذكر.. كل شيء بدأ بفأر!

المشاريع الكبيرة لا تحتاج كما تروج الحكومات إلى ثروات كبيرة. على الأقل ليس دائما. ما تحتاجه المشاريع الناجحة هو القدرة على الحلم، وبيئة تسمح بتحويل الحلم إلى واقع.
أستطيع أن أذكر العشرات من المشاريع التي تحولت بفعل أصحابها الذين آمنوا بها إلى دول داخل دول. لكن لضيق المساحة النصية سأكتفي بذكر البعض منها:
- أمازون التي أطلقها جيف بيزوس عام 1994 كمتجر لبيع الكتب وتطورت لتشمل مجموعة من الخدمات بما فيها البث الصوتي والمرئي والحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي. ويُعتبر بيزوس اليوم واحداً من أغنى أغنياء العالم.
- في عام 1976 أسس ستيف جوبز مشروعه من مرآب منزله ليكتب أكبر قصة نجاح عرفها العالم مع إطلاقه عام 1984 أول حاسوب شخصي.
- لاري بيج الذي أطلق أول محرك للبحث (غوغل) على الإنترنت.
- ستيف تشين وتشاد هيرلي وجاود كريم، ثلاثي أطلق في فبراير 2005 موقع يوتيوب الذي يسمح بنشر ومشاهدة ومشاركة مقاطع الفيديو على الإنترنت. وأول فيلم تم نشره على يوتيوب كان بعنوان “أنا في حديقة حيوان”. فكرة بسيطة أحدثت ثورة في العالم.
- بالطبع يجب ألا ننسى إيلون ماسك، وهو مؤسس ورئيس تنفيذي لعدة شركات رائدة في مجالات التكنولوجيا والطاقة والفضاء، مثل تيسلا وسبيس إكس ونيورالينك، وهو أيضاً أغنى رجل في العالم حالياً.
بدأ ماسك حياته العملية في عمر 10 سنوات، وأجاد البرمجة في سن الثانية عشرة، حيث اخترع لعبة إلكترونية تحاكي الفضاء وأطلق عليها اسم “بلاستر”، ثم باعها لاحقاً بـ500 دولار.
- القائمة طبعا لا تنتهي بذكر مارك زوكربيرغ وقصته مع فيسبوك، ولا سام ألتمان الشخص الذي وقف وراء تطوير تشات جي.بي.تي عام 2022؛ كل يوم ينبت حلم جديد، وتنبت دولة داخل دولة.
دعونا نعدْ إلى الوراء قليلا.
منذ ثلاثة أشهر احتفل العالم بالذكرى المئوية إن لم يكن لأكبر حلم عرفته البشرية، إلا أنه أجمل حلم. تذكرته اليوم وأنا أقرأ خبر استحواذ ديزني على حصة بقيمة 1.5 مليار دولار في شركة إيبك جيمز مبتكرة لعبة فورتنايت.
في عام 1923 شق والت ديزني طريقه إلى هوليوود حاملا في جيبه 40 دولارا. وفي 16 أكتوبر 1923 أسس شركة ديزني، ليترك إرثا إبداعيا يقدر بالمليارات من الدولارات وعدد لا يحصى من الأفلام.
في مقابلة تلفزيونية عام 1954 قال والت ديزني “فقط تذَكر أن كل شيء قد بدأ بفأر”.
في ذلك الوقت كانت شركته قائمة منذ أكثر من 30 عاما، وكانت واحدة من أنجح الشركات في الولايات المتحدة في مجال الرسوم المتحركة.
لم يصبح الفأر الذي أشار إليه والت ديزني وهو “ميكي ماوس” بطلاً على الشاشة فحسب، بل تجده في كل مكان يبتسم على القمصان وكرات القدم وأكواب فرشاة الأسنان.
نما الحلم، لتصبح ديزني دولة داخل دولة، وهي تخطط اليوم لعالم يتمكن فيه المستهلك عبر الإنترنت من اللعب والمشاهدة والتسوق والتفاعل مع شخصيات وقصص من ديزني وبيكسار ومارفل وحرب النجوم وأفاتار.
أحلام كبيرة تحققت في الولايات المتحدة على أيدي مهاجرين وأبنائهم، بينما كل ما يستطيع أن يحلم به الشباب في عالمنا العربي هو الهجرة.
فقط تذكر.. الحلم لا يحتاج كي يتحقق إلى ثروات ضخمة، كل ما يحتاجه هو بيئة صالحة للحلم.