الجزائر تطلق خلية وطنية لحماية الأطفال من الاستغلال الإلكتروني

حذر نشطاء وحقوقيون في الجزائر من انتشار الجرائم الإلكترونية واستغلال الأطفال من طرف عصابات تنشط في المجال، ودعوا إلى “ضرورة ترشيد استعمال الإنترنت من طرف الأطفال، وحرص الآباء على مرافقة ومتابعة المحتوى الذي يطلع عليه أبناؤهم من أجل التصدي للمخاطر التي قد تستهدفهم”. وأنشأت الجزائر خلية يقظة لحماية الأطفال من الاشتغال الإلكتروني سيتم تنصيب أعضائها خلال العام الجاري.
الجزائر - تولي الجزائر أهمية قصوى لحماية الطفولة من الاستغلال الإلكتروني، خصوصا بعد انتشار الجرائم الإلكترونية وتعرض الأطفال للابتزاز والمساومة. وأعلنت المفوضة الوطنية لحماية الطفولة (حكومية)، عن إنشاء خلية وطنية لليقظة لحماية الأطفال من الاستغلال عبر تكنولوجيات الإعلام والاتصال، وذلك بتولي الكشف عن التجاوزات في حق الطفل مع التدخل في الوقت المناسب، ويأتي هذا في ظل تفاقم الجرائم الإلكترونية، لاسيما تلك التي مست الأطفال، وحولتهم إلى أدوات طيعة بين أيدي العصابات من أجل تحقيق أغراض لا أخلاقية.
وكشفت رئيسة المفوضة الوطنية لحماية الطفولة مريم شرفي عن إطلاق خلية وطنية لليقظة لحماية الأطفال من الاستغلال عبر الإنترنت، وذلك من خلال يوم دراسي تحت عنوان "التعدي على الأطفال في الفضاء السيبراني"، نظمه مجلس قضاء الجزائر بالشراكة مع الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة.
وأكدت رئيسة الهيئة الحكومية التي تتولى حماية حقوق الطفولة في البلاد، أنه “تم الانطلاق في تعديل المرسوم التنظيمي المسير والمنظم للهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة، وذلك بإنشاء خلية يقظة سيتم تنصيب أعضائها خلال العام الجاري، وستكون مكونة من مختصين من الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة، وممثلين عن الأسلاك الأمنية وخبراء في مجال التكنولوجيات الحديثة".
وتفاقمت أعمال استهداف الأطفال عبر شبكة الإنترنت، خاصة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، حيث كشفت تحقيقات أمنية عن تفكيك شبكات إجرامية تقوم بإغراء الأطفال إلى غاية الإيقاع بهم في سلوكيات مشينة، ليتحولوا إلى أدوات ضغط وابتزاز في أيدي تلك العصابات. وذكرت رئيسة المفوضية بأن الخلية ستعطي مجالا أوسع للتدخل في الوقت المناسب، في كل ما يمس بفئة الأطفال عبر تكنولوجيات الإعلام والاتصال، وذلك من أجل ضمان الحماية الفعالة لهم.
ولفتت إلى أن الهيئة انطلقت خلال شهر نوفمبر الماضي في إعداد مخطط وطني للطفولة 2024 – 2029، بالتنسيق مع القطاعات المعنية والخبراء وفعاليات المجتمع المدني، وأن الجزائر تحوز آليات مهمة لحماية الأطفال، فضلا عن ترسانة قانونية قوية على رأسها الدستور، لحماية هذه الفئة الهشة من جميع المخاطر.
ومن جهتها حذرت الناشطة الحقوقية والمحامية فاطمة الزهراء بن براهم مما وصفته بـ”خطر المؤثرين الناشطين عبر الإنترنت بمقابل، والذين يروجون لسوء الأخلاق”، في إشارة إلى فئة من الناشطين والفاعلين الإلكترونيين الذين استقطبوا أعدادا مهمة من المتابعين رغم المحتوى الضار بتنشئة الأطفال. كما دعت قاضية فئة الأحداث بمحكمة سيدي أمحمد بالعاصمة إيمان بن لدغم إلى “ضرورة ترشيد استعمال الإنترنت من طرف الأطفال، وحرص الآباء على مرافقة ومتابعة المحتوى الذي يطلع عليه أبناؤهم من أجل التصدي للمخاطر التي قد تستهدف أطفالهم من خلال الشبكة العنكبوتية".
◙ الخبراء أوصوا بضرورة تزويد المربين والآباء بإرشادات عملية حول كيفية حماية أطفالهم من مخاطر الفضاء السيبراني
وتبنى المشاركون في اليوم الدراسي العديد من التوصيات الداعية إلى “تشجيع تبني سلوكيات الأمان الرقمي، وتزويد الأولياء والمربين بإرشادات عملية حول كيفية حماية أطفالهم في الفضاء السيبراني، إلى جانب تعزيز التواصل الأسري بفتح حوارات مستمرة مع الأطفال حول تجاربهم الرقمية والمخاطر المحتملة، وكذلك حثهم على ضرورة التبليغ الفوري عن كل محاولة استدراج قد يتعرضون لها".
وعلى صعيد آخر أوصى المشاركون بـ"تعزيز التعاون الدولي في مجال جمع وتبادل المعلومات في مجال مكافحة الجرائم السيبرانية ضد الأطفال، مع مراعاة مبدأ السيادة الوطنية والمعاملة بالمثل، وكذلك التكفل النفسي بالأطفال ضحايا العنف السيبراني، وإدراج دروس خاصة في المؤسسات التربوية يقدمها مختصون للأطفال حول موضوع العنف السيبراني وتعليمهم أدوات وتطبيقات الأمان الرقمي".
وأولت الجزائر في السنوات الأخيرة أهمية قصوى لحماية الطفولة من الاستغلال الإلكتروني، خاصة بعد شيوع ظواهر وممارسات كشفت عن نشاط شبكات إجرامية تستهدف الأطفال، من خلال الإغراء ثم الانتقال تدريجيا إلى غاية الإيقاع بضحاياها، الأمر الذي يحولهم إلى أدوات طيعة بين أيديها لتنفيذ أغراضها اللاأخلاقية.
وكانت وزارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، قد أطلقت دليلا لحماية الأطفال على الإنترنت، بغية حمايتهم وتوفير الوقاية لهم من الأخطار المحتملة التي قد تترتب على استعمالهم لشبكة الإنترنت، نظرا للفضول والعفوية اللذين يمتازون بهما واللذين يجعلانهم عرضة لأضرار وانتهاكات لسلامتهم المعنوية وحتى الجسدية.
وأوضحت الوزارة أن الدليل يقدم مقاربة متكاملة لحماية الأطفال على اختلاف فئاتهم العمرية (الطفولة المبكرة، الطفولة المتوسطة، والمراهقة) اعتمادا على إشراك كل الفاعلين في محيطهم المقرب، كأولياء الأمور والمربين.
ويتضمن الدليل جملة من المحاور المتمثلة في “تشخيص دقيق للأخطار والأضرار المحدقة بالأطفال خلال ولوجهم إلى الإنترنت" و"تحديد مفصل للمفاهيم وعناصر التحادث (المفردات) المرتبطة بهذه الأخطار"، و"تبيان الممارسات والسلوكيات الواجب على أولياء الأمور والمربين تلقينها للأطفال لضمان استخدام آمن للإنترنت".
كما تضمن محاور أخرى تدور حول "الوسائل التكنولوجية المتوفرة لتأطير استعمال الإنترنت، من برمجيات وتطبيقات للحماية من المضامين الضارة والمسيئة للأطفال” و”توضيح الإجراءات والوسائط المتاحة لتفاعل الأولياء والأوصياء والمربين لإبلاغ الجهات المختصة عن حالات استغلال الأطفال على الإنترنت".
ولفتت الوزارة إلى أن "دليل حماية الطفل على الإنترنت"، جاء عقب مشاورات موسعة وبالتنسيق الوثيق مع الوزارات المكلفة بالدفاع الوطني، والداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، والشؤون الدينية والأوقاف، والتربية الوطنية، والشباب والرياضة والتضامن الوطني، إلى جانب كل من الدرك الوطني، والمديرية العامة للأمن الوطني، والهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة.