بوادر إيجابية عن اتفاق دبلوماسي ينهي التوتر في جنوب لبنان

تحدثت وسائل إعلام عبرية عن بوادر إيجابية بشأن مقترح أميركي ينقسم إلى مرحلتين ويستهدف إنهاء التوترات على الجبهة الشمالية. والمقترح الذي عرضه المبعوث الخاص عاموس هوكشتاين على المسؤولين الإسرائيليين هو أشبه بسلة متكاملة تشمل ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل.
تل أبيب- زار المبعوث الأميركي الخاص عاموس هوكشتاين إسرائيل في نهاية الأسبوع لإجراء محادثات مع مسؤولين إسرائيليين حول إطار آخذ في التبلور لإبعاد حزب الله اللبناني عن الحدود الشمالية لإسرائيل وسط توترات متصاعدة وتبادل يومي لإطلاق النار.
ويرى محللون أن زيارة هوكشتاين وهي الثانية له خلال أيام قليلة إلى المنطقة ما كانت لتحصل لولا وجود تقدم في المفاوضات غير المباشرة مع حزب الله.
وتضغط إسرائيل من أجل التوصل إلى اتفاق دبلوماسي ينهي التوتر في الجبهة الشمالية ويعيد الآلاف من السكان الإسرائيليين إلى مناطقهم.
وتحدثت وسائل إعلام عبرية عن بوادر إيجابية ظهرت خلال الاجتماعات التي عقدها المبعوث الأميركي مع المسؤولين الإسرائيليين وعلى رأسهم وزير الدفاع يوآف غالانت.
وذكرت القناة 12 أنه “بحسب مسؤولين كبار في إسرائيل، فإن شعورًا أفضل ينشأ من اللقاءات عما كان عليه في بداية الحرب، مع وجود فرصة حقيقية لنجاح الخطوة”.
وقالت القناة العبرية “الإشارات إلى إمكانية التوصل إلى تسوية دبلوماسية لم تكن لتُستقبل لو لم يكن هناك اتفاق من جانب حزب الله أيضاً”.
وكشفت أن المفاوضات الحالية تدور حول مقترح أميركي يتكون من مرحلتين “في المرحلة الأولى، سيقوم الطرفان بإعداد اتفاق تفاهم مؤقت، يتضمن انسحاب قوات حزب الله من حدود الجنوب اللبناني، وزيادة انتشار قوات اليونيفيل والجيش اللبناني في المنطقة، وأخيراً عودة السكان الإسرائيليين إلى البلدات التي تم إخلاؤها” شمالا مع بداية الحرب.
واعتبرت القناة أنه “إذا أثمرت الجهود بالفعل، فإن المفاوضات ستتم في المرحلة الثانية، والتي ستكون إسرائيل في إطارها مستعدة أيضًا لتسويات معينة”، في إشارة إلى مفاوضات ترسيم الحدود البرية مع لبنان، التي تضغط واشنطن لعقدها.
ويرى متابعون أن فرص نجاح أيّ صفقة بين إسرائيل وحزب الله يبقى رهين اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران، لافتين إلى أن طهران أظهرت في الآونة الأخيرة ميلا لتخفيف حدة التوترات مع واشنطن عبر تقليل الهجمات التي تشنها الجماعات الموالية لها على قواعد أو مصالح أميركية.
ويلفت المتابعون إلى أن المسار الإيراني الحالي قد يقود في النهاية إلى قبول حزب الله بتسوية مع إسرائيل في الجنوب، لكن بالتأكيد ضمن حزمة من الشروط التي يطالب بها الحزب سواء في علاقة بترسيم الحدود البرية، وأيضا في ما يتعلق بالنظام السياسي اللبناني.
ويقول هؤلاء إن إسرائيل من جهتها قد تجد أن من مصلحتها التوصل إلى تسوية سياسية مع الحزب، لاسيما في ظل الوضع الضاغط الذي تواجهه في الداخل والخارج.
ووجه وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس الاثنين تحذيرا لحزب الله بأن “الوقت ينفد لإيجاد حل دبلوماسي”. جاء ذلك خلال اجتماع كاتس مع وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، الذي وصل القدس الغربية في زيارة تستمر يوما واحدا لبحث ملفي غزة ولبنان.
وأفاد بيان مكتب الوزير الإسرائيلي بأن “الوزير كاتس شدد على أنه إذا لم يتم التوصل إلى حل دبلوماسي لتنفيذ القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي بشأن انسحاب حزب الله من جنوب لبنان، فإن إسرائيل ستتحرك عسكريا لتمكين إعادة المواطنين الذين تم إجلاؤهم إلى منازلهم” شمال إسرائيل.
والأسبوع الماضي، أعلن وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب رفض بلاده مشروع إسرائيل القاضي بانسحاب حزب الله شمالا لتتمكن من إعادة مستوطنيها إلى منازلهم، معللا ذلك بالقول إن بيروت تريد “حلا كاملا هو تبيان الحدود بين الجانبين”.
ووفق الخارجية اللبنانية، ما زالت إسرائيل تحتل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وتنفذ أعمالا هندسية فيهما، كما تتقاعس إسرائيل عن تعيين الحدود في النقاط المتحفظ عليها من قبل لبنان وعددها 13، مما يعرقل جهود التوصل إلى حل طويل الأجل.
ولا يبدو أن إسرائيل متحمسة حتى الآن لبحث ملف الحدود البرية، وجل تركيزها منصب على احتواء التوترات في الجبهة الشمالية لإعادة مواطنيها إلى بلداتهم، ولكن الولايات المتحدة قد تمارس دورا في الضغط على حكومة بنيامين نتنياهو لحل الملف الحدودي.
وكان المبعوث الأميركي الخاص ساهم بالتوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان نهاية العام 2022.
وفي هذا الشأن، قالت القناة 12 العبرية إن “إسرائيل تقبل الاقتراح الأميركي، لكنها تؤكد أن التقدم سيعتمد بالضرورة على وقف إطلاق النار في الجنوب (غزة)”.
واستدركت القناة “يدرك هوكشتاين في لقاءاته أن إسرائيل لا تسمح بفترة زمنية غير محدودة، فهي تكرر أنه إذا كان هناك وقف لإطلاق النار في الجنوب (غزة)، فإن إسرائيل لن توقف الحرب في الشمال (لبنان) دون التسوية، وهو الموقف الذي عبّر عنه أيضًا وزير الدفاع (يوآف) غالانت الجمعة”.
فرص نجاح أيّ صفقة بين إسرائيل وحزب الله يبقى رهين اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران
والأحد، كان غالانت قد أبلغ هوكشتاين أن تل أبيب مستعدة لحل الصراع مع جنوب لبنان، من خلال “التفاهمات الدبلوماسية”، وفق بيان صدر عن مكتب غالانت بعد لقائه المبعوث الأميركي في مقر وزارة الدفاع في تل أبيب.
إلا أن غالانت استدرك مخاطبا هوكشتاين “لكننا مستعدون أيضًا لأي سيناريو آخر”، وقال إنّ إسرائيل ملتزمة بتحسين الوضع الأمني على طول الحدود الشمالية لإسرائيل، بما في ذلك إزالة تهديدات التسلل وإطلاق النار من لبنان”.
وبحسب بيان مكتب غالانت “ناقش الطرفان ضرورة تغيير الوضع الأمني في الساحة الشمالية وبحثا سبل إعادة النازحين الإسرائيليين إلى منازلهم في الشمال”.
وعلى وقع حرب إسرائيلية مدمرة على قطاع غزة، تشهد الحدود اللبنانية – الإسرائيلية منذ الثامن من أكتوبر 2023، توترا وتبادلا متقطعا للنيران بين الجيش الإسرائيلي من جهة وحزب الله وفصائل فلسطينية من جهة أخرى، ما أدّى إلى سقوط قتلى وجرحى على طرفي الحدود.
وكانت إسرائيل طلبت من سكان العديد من المستوطنات القريبة من الحدود اللبنانية مغادرة منازلهم، في بداية التصعيد مع حزب الله.