تجربة سويسرية تمهد طريق تصنيع الساعات المستدامة

جنيف - تدرس شركة آي.دي جنيف السويسرية الناشئة كل السبل الممكنة لتصنيع ساعات تراعي قدر الإمكان معايير الاستدامة، ومنها مثلا استخدام جلود نباتية وفولاذ منصهر في فرن شمسي، ومواد مركبة قابلة للإصلاح بالحرارة.
ومن غير الوارد مثلا، في هذه الشركة الصغيرة، “استخدام علب ساعات من خشب الأمازون”، على ما يؤكد المؤسس المشارك نيكولا فروديغر لوكالة فرانس برس.
وخصصت للساعات علب تشبه الحديد الزهر، ولكنها في الواقع مصنوعة من الطحالب القابلة للذوبان في الماء ويمكن إعادة استخدامها كسماد للحديقة.
ولم تنتج الشركة التي تأسست في ديسمبر 2020 سوى 620 ساعة فقط حتى اليوم، لكنها أثارت في هذه المدة القصيرة ضجة كبيرة في قطاع صناعة الساعات في سويسرا، وخاصة منذ أن استثمر فيها الممثل الأميركي ليوناردو دي كابريو في أكتوبر الماضي.
ووُلدت الفكرة عندما استقال فروديغر، الذي درس في المدرسة الفندقية في لوزان من وظيفته في شركة كوكا كولا، لكي يتمكن من متابعة برنامج تدريبي على الاقتصاد الدائري.
وأطلع فروديغر صديق طفولته سيدريك مولوزر، وهو صانع ساعات تدرّب في شركة فاشرون كونستنتان المرموقة، فعرّفه بصديقه المصمم سينغال ديبيري موش.
وفي نهاية حفلة موسيقية، وضع الثلاثي أسس المشروع، وكان طموحهم أن يصبح “بديلا موثوقا به في مجال الساعات الفاخرة”، بحسب فروديغر، على أن تباع الواحدة من ساعاتهم هذه بما يتراوح بين 3600 وخمسة آلاف فرنك سويسري (4180 دولار و5800 دولار).
ولإنتاج نموذجهم الأول، استخدموا فولاذا عالي الجودة أعيد تدويره من خردة مصانع الساعات والشركات المصنعة للمعدات الطبية.
أما الأجزاء الحركية الموجودة داخل العلبة، فحصلوا عليها من المخزون غير المباع والمعدّ للتلف من أهم شركات تصنيع الساعات.
وبالنسبة للأحزمة، لجأوا إلى شركة إيطالية تصنع الجلود النباتية من المواد الصلبة في العنب وشركة بريطانية ناشئة تنتجها من النفايات النباتية للحدائق العامة اللندنية.
وفكّر الثلاثي بعد ذلك في بصمة الطاقة لمرحلة التصنيع، وراحوا يُجرون اختبارات في فرن شمسي في جبال البيرينيه، وتوصلوا إلى سبائك من الفولاذ المعاد تدويره، مصهورة من دون اللجوء إلى الطاقة الأحفورية. واستخدموا هذه السبائك في نموذجهم الثاني.
وفي مارس 2023، خلال معرض تشينغ ناو للابتكار في باريس، التقوا طلابا من مدرسة الفنون التطبيقية الفدرالية في لوزان طوروا أنظمة راتنج تتيح تصليحا سريعا لمواد من ألياف الكربون باستخدام مسدس حراري، وأسسوا هم أيضا شركتهم الناشئة.
ساعة آي.دي جنيف المصنوعة من جلود نباتية ومواد مركبة قابلة للإصلاح بالحرارة تباع بين 3600 و5 آلاف فرنك سويسري
وهذه التقنية التي يمكن تطبيقها على المواد المركبة في صناعة الطيران أو طاقة الرياح أو المعدات الرياضية، تتيح إطالة عمر الأجزاء التي غالبا ما يتم التخلص منها لكون “تصليحها يستلزم وقتا طويلا جدا”، وفق أماييل كواديس، المؤسس المشارك لشركة كومبير.
وقررت الشركتان معا تصنيع مادة من بقايا إنتاج توربينات طاقة الرياح لتصليح الساعات بسهولة في حال تعرضها للخدش أو الضربات.
ويقول فروديغر “نريد أن نظهر أن وضع ساعة يد مصنوعة بتقنية كومبير جذّاب بقدر ما هو وضع ساعة من الذهب الوردي عيار 18 قيراطا”.
ويشير إلى أن هذه الساعات تجذب في الوقت الراهن مديري شركات ومهندسين متخصصين في المهن البيئية، يرغبون في “قطعة مجوهرات تعبّر عن قيمهم”.
وقال جون كوكس المحلل في شركة كيبلر شوفرو في تصريح لوكالة فرانس برس، إن “جزءا من السوق يبحث بالتأكيد عن هذا النوع من المنتجات”.
وسرعان ما لفتت شركة آي.دي جنيف انتباه ماركة واتشز أوف سويتزيرلاند البريطانية، إذ “أصبح الجيل الجديد من المشترين أكثر وعياً بالقضايا البيئية من أي وقت مضى”، وفق كوكس.
وأكدت واتشز أوف سويتزيرلاند لوكالة فرانس برس، أن الساعات “بيعت مباشرة بعد إطلاقها” في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، وأن الإعلان عن استثمار ليوناردو دي كابريو في الشركة وفّر لها دفعا إضافيا”.
ويتوقع لوكا سولكا المحلل في بيرنشتاين أن يجذب هذا المفهوم المعاصر منافسين جددا في السنوات المقبلة.
لكنه يقول إنه ربما تكون شركة آي.دي جنيف أوجدت لنفسها تخصصا معينا في السوق و”لن تكون بهذا الصغر بحلول ذلك الوقت”.
وتعتزم هذه العلامة التجارية الناشئة تسريع نموها، على أمل تصنيع ألف ساعة سنة 2024.