الميليشيات تقيم ملاجئ وتحصينات في العراق تحسبا لهجوم أميركي

طهران / بغداد – بدأت المجموعات المسلحة الموالية لإيران في العراق بالاستعداد لمواجهة رد أميركي قوي على الهجوم الذي استهدف قاعدة التنف، وذلك من خلال إجراءات التخفي وإقامة ملاجئ وتحصينات للحد من أضرار الضربة الأميركية التي يتوقع أن تكون غير مسبوقة ولا يُعرف حجمها وما إذا كانت ستطال أهدافا داخل إيران أم خارجها.
ولا يخفي المسؤولون الإيرانيون بدورهم القلق من أن الاستهداف الأميركي قد لا يقف مثل العادة عند أذرعهم في المنطقة، وأنهم قد يتلقون ضربات أميركية مباشرة، محذرين من خطر الاشتباك المباشر وحاثين على “التوصل إلى حل سياسي”. وتشير مصادر ميدانية في العراق إلى أن المجموعات المسلحة اتخذت الإجراءات اللازمة تحسبا لأي هجوم أميركي محتمل.
وتشمل الإجراءات تجهيز ملاجئ إيواء قوية، وإخلاء المواقع الحساسة، ونقل القادة وتمركزهم في مناطق ذات كثافة سكانية عالية، واستبدال أجهزة الهاتف والاتصالات، ووضع كافة فرق الدفاع المدني في حالة استنفار وإجراء استعدادات كبيرة لاحتمال وقوع هجوم بري.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن قادة الجماعات المسلحة المقربة من إيران نقلوا منازلهم خوفا من الهجمات الأميركية.
من ناحية أخرى هبطت طائرة عسكرية أميركية في مطار بغداد الدولي لتقل عددا كبيرا من موظفي السفارة الأميركية وسط إجراءات أمنية مشددة الليلة قبل الماضية.
واعتبر الكاتب الصحافي بزورك محمد في تصريح لـ”العرب” أن “نقل الموظفين الأميركيين يشير إلى خطورة الموقف في الساعات القادمة”.
وكانت كتائب حزب الله العراقية أعلنت الثلاثاء تعليق عملياتها ضد القوات الأميركية بدعوى عدم إحراج الحكومة العراقية، ولكن في الواقع لعدم إحراج إيران. ودعت الكتائب عناصرها إلى الدفاع السلبي إن حصل أي عمل أميركي عدائي تجاههم.
ولا يسيطر القلق من الرد الأميركي على المجموعات الشيعية في العراق وحدها، فالإيرانيون أنفسهم يتوقعون استهدافهم بضربة مباشرة.
وقال القائد العام للحرس الثوري الإيراني حسين سلامي الأربعاء إن بلاده سترد على أي تهديد من الولايات المتحدة.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قال الثلاثاء إنه قرر بالفعل كيف سيرد على هجوم بطائرة مسيرة أدى إلى مقتل ثلاثة جنود أميركيين في الأردن السبت، لكنه لم يخض في تفاصيل خطته.
ونقلت وكالة تسنيم شبه الرسمية للأنباء عن سلامي قوله “نسمع تهديدات من المسؤولين الأميركيين. نقول لهم إنكم اختبرتمونا بالفعل و(صرنا) نعرف بعضنا البعض الآن، لن نترك أي تهديد دون رد”.
ونقلت وسائل الإعلام الرسمية عن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان قوله في اجتماع لمجلس الوزراء “على الولايات المتحدة أن توقف تهديداتها وتركز على التوصل إلى حل سياسي”.
وأضاف أن واشنطن “يجب أن تقبل (المقاومة) كأمر واقع”، في إشارة إلى الاسم الذي أطلقته إيران على التحالف الذي شكلته من الجماعات المسلحة في أنحاء الشرق الأوسط.
وتتبادل القوات الأميركية المتمركزة في سوريا والعراق وفي البحر الضربات بينها وبين الجماعات المسلحة المتحالفة مع إيران منذ أن شنت إسرائيل حربها الانتقامية ضد حماس بعد أن هاجمت الحركة إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي.
كما حذر مبعوث إيران لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني الأربعاء من أن طهران سترد ردا حاسما على أي هجوم يستهدف أراضيها أو مصالحها أو رعاياها في الخارج.
وتتعدد التخمينات بشأن قائمة الأهداف التي يمكن أن يطالها القصف الأميركي، وتتراوح بين استهداف فيلق القدس التابع للحرس الثوري أو الهجوم على السفن الإيرانية في البحر أو ضرب الميليشيات المدعومة من طهران وقادتها الرئيسيين في العراق وسوريا.
وأثار المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي احتمال أن تتخذ الولايات المتحدة “نهجًا متدرجًا” يتضمن عدة إجراءات على مدى فترة من الزمن.
ويقول محللون إن ضرب أهداف داخل إيران، بما في ذلك فيلق القدس التابع للحرس الثوري، من شأنه أن يبعث برسالة قوية ومباشرة إلى طهران، لأن الضربات التي استهدفت الميليشيات المدعومة من إيران في الأشهر الأخيرة لم تردع المسؤولين الإيرانيين. لكنها ستكون أيضا الخطوة الأكثر خطورة، لأنها قد تستنفر الميليشيات وتثير غضب طهران.
أعضاء في الكونغرس يؤكدون على ضرورة استهداف طهران بشكل مباشر بسبب الهجوم المميت الذي شُنّ على القاعدة في الأردن
وقال أعضاء في الكونغرس عرفوا بمواقف متشددة ضد إيران إن على بايدن أن يستهدف طهران بشكل مباشر بسبب الهجوم المميت الذي شُنّ على القاعدة في الأردن.
وقال السيناتور الجمهوري عن ولاية كارولينا الجنوبية ليندسي غراهام إن ضرب وكلاء إيران لم يردعهم، ودعا إدارة بايدن “إلى ضرب أهداف ذات أهمية داخل إيران، ليس فقط انتقاما لمقتل عناصر من قواتنا، وإنما ليكون ذلك أيضا رادعا لهم”.
وقال آخرون إن الولايات المتحدة يجب أن تضرب عناصر الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس المنتشرين في جميع أنحاء المنطقة.
ورغم ذلك مال أغلبهم إلى ضبط النفس، قائلين إن إدارة بايدن يجب أن تتخذ نهجا إستراتيجيا ومدروسا لتجنب تصعيد التوترات وعدم جر الولايات المتحدة إلى حرب أخرى في عام الانتخابات.
وقالت النائبة سارة جاكوبس (ديمقراطية من كاليفورنيا) في بيان “المواجهة المباشرة مع إيران ستؤدي بالتأكيد إلى مقتل المزيد من أفراد الخدمة الأميركية ويمكن أن تتوسع بسهولة إلى صراع إقليمي”.
وقد تكون مهاجمة الأصول الإيرانية أو القادة الإيرانيين خارج البلاد أكثر قبولا وأقل خطرا، مثلما فعلت الولايات المتحدة ذلك في عام 2020، عندما قتلت قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني في غارة بطائرة دون طيار في العراق، ردًا على الهجمات التي استهدفت القواعد الأميركية هناك والهجوم على السفارة الأميركية في بغداد.
وأشار مسؤول المخابرات الإسرائيلية السابق ومحلل الشرق الأوسط آفي ميلاميد إلى أن إيران لديها مشاريع استثمارية عسكرية بمليارات الدولارات في سوريا، ومن خلال ضرب تلك المشاريع يمكن للولايات المتحدة أن تعاقب طهران دون التهديد بالتصعيد بضربة مباشرة تستهدف إيران.